سجلت واردات اللحوم الحية تراجعا ملحوظا خلال الفترة الأخيرة، في ظل توجه حكومي واضح نحو تعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد، ورغم هذه الزيادة في الإنتاج، إلا أن الأسعار لا تزال عند مستوياتها المرتفعة، ما يثير تساؤلات حول العوامل الحقيقية المؤثرة على سوق اللحوم، ودور ارتفاع أسعار الأعلاف في استمرار الضغط على المستهلكين.
ففي الوقت الذي تؤكد فيه الحكومة نجاح سياساتها في تحقيق الاكتفاء الذاتي بشكل جزئي، يشير الخبراء إلى أن معادلة الأسعار لا تزال رهينة لتكاليف الإنتاج، مما يجعل دعم المربين المحليين وتوفير الأعلاف بأسعار مناسبة أمرًا حاسما لضمان استقرار السوق، فهل تستطيع مصر تحقيق التوازن بين الإنتاج المحلي والأسعار العادلة للمستهلكين؟ أم أن أزمة الأعلاف ستظل العائق الأكبر أمام خفض أسعار اللحوم؟، هذا ما سنعرفه في التقرير الآتي:-
أبو الفتوح: انخفاض واردات اللحوم بسبب زيادة الإنتاج المحلي
ويقول الدكتور جمال أبو الفتوح، وكيل لجنة الزراعة بمجلس الشيوخ، في تصريحات خاصة ل"بلدنا اليوم" أن واردات اللحوم الحية إلى مصر شهدت انخفاضًا خلال الفترة الحالية، مشيرًا إلى أن هذا التراجع يأتي في إطار خطة مدروسة تنتهجها وزارة الزراعة، والتي تعتمد على تقييم كميات الإنتاج المحلي المتوفرة ومن ثم السماح باستيراد الكميات اللازمة فقط لسد احتياجات السوق، بهدف تحقيق التوازن ومنع حدوث فائض غير مطلوب أو نقص يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
وأوضح أبو الفتوح أن نسب الاستيراد ليست ثابتة، بل تتغير وفقًا لحجم الإنتاج المحلي في كل فترة، وهو ما يعكس توجهًا حكوميًا نحو ضبط الأسواق وتعزيز الاعتماد على الإنتاج المحلي، مشيرًا إلى أن مصر سجلت زيادة في إنتاج اللحوم الحية خلال هذا العام، مما يقلل الحاجة إلى استيراد كميات كبيرة من الخارج.
ورغم هذه الزيادة في الإنتاج، فإن أسعار اللحوم لم تشهد انخفاضًا ملحوظًا، بل استمرت في الاستقرار عند مستوياتها المرتفعة نسبيًا، وهو ما أرجعه أبو الفتوح إلى استمرار ارتفاع أسعار الأعلاف، التي تعد المكون الأساسي في تكلفة الإنتاج الحيواني، فالمدخلات العلفية تمثل جزءًا كبيرًا من تكاليف تربية الماشية، وأي زيادة في أسعارها تنعكس مباشرة على الأسعار النهائية للحوم في الأسواق.
وأشار أبو الفتوح إلى أن هذا التوجه يأتي في ظل سعي الدولة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل فاتورة الاستيراد، خاصة في ظل التقلبات العالمية التي تؤثر على سلاسل الإمداد وأسعار السلع الغذائية، كما تسعى الحكومة إلى دعم المربين المحليين، عبر توفير برامج تمويلية وتحفيزية لتشجيع الاستثمار في قطاع الثروة الحيوانية، بما يسهم في زيادة الإنتاج وتحقيق الاستقرار السعري على المدى الطويل، وأن ملف أسعار اللحوم مرتبطًا بعوامل متعددة، منها تكلفة الأعلاف، ومدى كفاءة الإنتاج المحلي، بالإضافة إلى تأثيرات الأسواق العالمية، ومع استمرار الجهود الحكومية لضبط السوق ودعم الإنتاج المحلي.
أبو صدام: أسعار اللحوم لم ترتفع في رمضان بسبب زيادة الإنتاج
ويقول حسين أبو صدام نقيب الفلاحين، بأن واردات اللحوم الحية قد شهدت انخفاضًا ملحوظًا خلال الفترة الأخيرة، وذلك نتيجة للزيادة الملحوظة في الإنتاج المحلي من اللحوم، وأوضح النقيب أن هذه الزيادة في الإنتاج المحلي ساهمت في تحقيق الاكتفاء الذاتي بنسبة كبيرة، مما أدى إلى تقليل الاعتماد على الاستيراد.
وأشار النقيب إلى أن هذا الانخفاض في الواردات، بالتزامن مع زيادة الإنتاج المحلي، كان له تأثير إيجابي على سوق اللحوم في مصر، حيث شهدت أسعار المواشي انخفاضًا ملحوظًا في الأسواق، مما انعكس بدوره على استقرار أسعار اللحوم في محلات الجزارة، وذلك بالرغم من زيادة الاستهلاك خلال موسم رمضان المبارك.
وأكد النقيب أن استقرار أسعار اللحوم خلال شهر رمضان، الذي يشهد عادة زيادة في الطلب، يعكس نجاح الجهود المبذولة لزيادة الإنتاج المحلي وتلبية احتياجات السوق، مضيفا أن هذا الاستقرار يساهم في تخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين، خاصةً في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
ودعا النقيب إلى مواصلة دعم الإنتاج المحلي من اللحوم، من خلال توفير الدعم اللازم للمربين والمزارعين، وتوفير الأعلاف بأسعار مناسبة، وتطوير السلالات المحلية وتوفير الرعاية البيطرية اللازمة، مؤكدًا أن هذه الجهود ستساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي الكامل من اللحوم وتوفيرها بأسعار مناسبة للمواطنين وتوقع النقيب أن يستمر استقرار أسعار اللحوم في الفترة المقبلة، وذلك في ظل استمرار زيادة الإنتاج المحلي وتلبية احتياجات السوق.

