قال الدكتور رامي زهدي، خبير الشؤون الإفريقية، في حديث خاص لصحيفة بلدنا اليوم، إن الحديث عن الضمانات التي تقدمها الحكومة السودانية لضمان شمولية العملية السياسية وعدم استبعاد أي طرف مؤثر في المرحلة الانتقالية، يجب أن يُفهم في إطار التعقيدات السياسية والأمنية والاجتماعية التي تمر بها البلاد.
وأشار زهدي إلى أن التصريحات الرسمية الصادرة عن مجلس السيادة الانتقالي تؤكد التزامًا مبدئيًا بإجراء عملية سياسية "لا تُقصي أحدًا".
وأوضح أن هذا الالتزام تكرر كثيرًا في الخطاب الرسمي خلال السنوات الأخيرة، لكنه لم يُترجم بشكل كامل إلى ممارسات عملية وواضحة.
مؤشرات الشمولية في العملية السياسية
وأكد زهدي أن هناك بعض المؤشرات التي قد تعكس توجهًا نحو شمولية العملية السياسية، رغم استمرار الشكوك حول جدية التنفيذ
ومن أبرز هذه المؤشرات
الانخراط في مشاورات دولية وإقليمية
أوضح زهدي أن الحكومة السودانية تشارك في حوارات برعاية منظمات مثل الاتحاد الإفريقي، ومنظمة الإيجاد، والأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية، وجميعها تشترط أن تكون العملية السياسية شاملة وتمثل كافة الأطراف الفاعلة.
دعوات متكررة للحوار الوطني
لفت زهدي إلى أن الحكومة أعلنت مرارًا استعدادها لإجراء حوار وطني شامل دون شروط مسبقة، لكنه شدد على أن هذه الدعوات تحتاج إلى آليات تنفيذ واضحة، وضمان بيئة محايدة وآمنة لجميع الأطراف.
دمج الحركات المسلحة في العملية السياسية: أشار زهدي إلى أن هناك تأكيدات رسمية على ضرورة دمج الحركات المسلحة، سواء الموقعة أو غير الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، وهو أمر أساسي لضمان تمثيل مناطق الهامش والقوى التي حملت السلاح بسبب التهميش.
إطلاق سراح المعتقلين السياسيين: وأوضح زهدي أن الحكومة السودانية لمّحت إلى إطلاق سراح بعض المعتقلين السياسيين كبادرة لبناء الثقة، لكنه شدد على أن هذه الخطوة ما زالت جزئية وغير مكتملة، حيث لم تشمل جميع المكونات السياسية المعارضة.
التحديات التي تواجه ضمانات الشمولية
وأشار زهدي إلى أن هناك تحديات كبيرة تثير التساؤلات حول مدى جدية وفعالية هذه الضمانات، ومن أبرزها:
ضعف مؤسسات الدولة
شدد زهدي على أن الهياكل المؤسسية الضعيفة في السودان تجعل من الصعب تنفيذ أي اتفاق سياسي دون دعم شعبي حقيقي وإرادة دولية ضاغطة.
استمرار المواجهات العسكرية
أكد زهدي أن استمرار النزاعات المسلحة في عدد من الأقاليم السودانية يهدد مسار الحوار الشامل ويقوض بناء الثقة بين الأطراف.
غياب خارطة طريق واضحة
لفت زهدي إلى أن عدم وجود خطة انتقالية واضحة ومتفق عليها، تؤدي إلى إضعاف فرص إجراء انتخابات حرة ونزيهة بمشاركة جميع القوى السياسية.
الشكوك المتبادلة بين المدنيين والعسكريين: أوضح زهدي أن غياب الثقة بين القوى المدنية والمؤسسة العسكرية يمثل عقبة رئيسية أمام التوصل إلى توافق حول مستقبل المرحلة الانتقالية.
دور المجتمع الإقليمي والدولي في دعم المسار الانتقالي
شدد زهدي على أن الضمان الحقيقي لأي عملية سياسية شاملة في السودان لا يقتصر على التصريحات الرسمية، بل يتطلب وجود آليات واضحة وشفافة، تشمل:
مشاركة جميع الأطراف السياسية دون إقصاء.
تمكين المجتمع المدني ودعم الحريات العامة.
إجراء انتخابات نزيهة بإشراف دولي.
وأكد زهدي أن المجتمع الإقليمي والدولي يلعب دورًا محوريًا في دعم هذا المسار، مشيرًا إلى أن مصر، باعتبارها أكثر الدول تأثيرًا ومصداقية، يمكن أن تساهم بشكل فعال في تعزيز الحوار الوطني السوداني، وتوفير بيئة آمنة للمفاوضات، ومراقبة تنفيذ أي اتفاق سياسي يبرم بين الأطراف.
وشدد الدكتور رامي زهدي على أن تحقيق شمولية العملية السياسية في السودان يتطلب التزامًا حقيقيًا من جميع الأطراف، إلى جانب دعم إقليمي ودولي مستمر لضمان الانتقال السلمي نحو مستقبل مستقر وديمقراطي.