تتزايد الأوضاع في قطاع غزة سوءًا، وتتصاعد التوترات يومًا بعد يوم وبخاصة بعد التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي تهدد استمرارية الهدنة المبرمة بين إسرائيل وحركة حماس.
جاء ذلك بعد إعلان حماس تعليق الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، متهمة إسرائيل بخرق بنود الاتفاق، الأمر الذي دفع جيش الاحتلال إلى رفع مستوى التأهب، ومع تصاعد التحذيرات الدولية، تتزايد التساؤلات حول مستقبل الهدنة وما إذا كانت الأوضاع ستتجه نحو تصعيد جديد من شأنه خرق السلام.
حماس تتهم إسرائيل بانتهاك الاتفاق وتؤجل الإفراج عن الرهائن
يذكر أن حركة حماس أعلنت رسميًا، في 10 فبراير 2025، تأجيل تسليم الأسرى الإسرائيليين إلى أجل غير مسمى، مبررة ذلك بعدم التزام إسرائيل بشروط وقف إطلاق النار، وأشارت الحركة إلى استمرار استهداف المدنيين الفلسطينيين بالقصف وإطلاق النار، إضافة إلى العراقيل التي وضعتها إسرائيل أمام وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى سكان قطاع غزة.
أثار قرار حماس ردود فعل واسعة، حيث اعتبرته إسرائيل انتهاكًا كاملًا للاتفاق، وأمر وزير الدفاع الإسرائيلي، جيش الاحتلال بالاستعداد لأي تصعيد محتمل، وفي المقابل، أكدت حماس أن تعليقها الإفراج عن الرهائن يأتي ردًا على انتهاكات الاحتلال، مشيرة إلى أنها أبلغت الوسطاء الدوليين بالتجاوزات الإسرائيلية.
تصريحات ترامب: تهديدات صريحة بإنهاء الهدنة
فجر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تصريحات نارية، في 11 فبراير 2025، مطالبًا إسرائيل بإلغاء اتفاق وقف إطلاق النار إذا لم تفرج حماس عن جميع الرهائن بحلول ظهر السبت المقبل، مضيفًا أنه في حال عدم تنفيذ هذا الشرط، "سيندلع الجحيم" في غزة، دون توضيح طبيعة الإجراءات التي ستتخذها واشنطن في حال انهيار الاتفاق.
وعبر ترامب عن شكوكه في أن بعض الرهائن ما زالوا أحياء، لافتًا إلى أن مقترحاته السابقة حول تهجير الفلسطينيين من غزة لم تنفذ بسبب الرفض العربي والدولي, وكرر الرئيس الأمريكي موقفه بأن الفلسطينيين يرغبون في مغادرة غزة، وأنه يسعى لتوفير "مكان آمن لهم"، وهو ما رفضته دول عربية على رأسها مصر والأردن.
ردود الفعل الدولية على تهديدات ترامب
في وقت سابق، أثارت تصريحات ترامب قلقًا واسعًا في الأوساط السياسية والدبلوماسية، حيث اعتبر مسؤولون دوليون أن لغة التهديد قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة بدلًا من حلها.
من جانبها، أكدت حماس أن التصريحات الأمريكية تزيد من تعقيد المشهد، مشددة على ضرورة التزام إسرائيل ببنود الاتفاق لتجنب انهيار الهدنة، في حين رفض وزراء خارجية مصر والأردن والسعودية والإمارات وقطر مقترح ترامب بتهجير الفلسطينيين من غزة، مؤكدين أهمية الحفاظ على الهدنة والسعي نحو حل سياسي دائم.
إضافة إلى ذلك, أشار مراقبون إلى أن التصعيد الأمريكي قد يمنح الحكومة الإسرائيلية ذريعة لاستئناف العمليات العسكرية في غزة، خاصة وسط الضغوط الداخلية التي تواجهها حكومة بنيامين نتنياهو من قبل الأوساط اليمينية المتشددة.
هل نحن أمام انهيار وشيك للهدنة؟
تظهر الأوضاع في غزة أكثر هشاشة من أي وقت مضى، مع تفاقم حدة التصريحات من مختلف الأطراف، وبينما تحاول الوساطة القطرية والمصرية إيجاد مخرج للأزمة، فإن تمسك إسرائيل بمطالبها، وقرار حماس بتأجيل الإفراج عن الرهائن، والضغوط الأمريكية المتزايدة، كلها عوامل تجعل استمرار الهدنة محل شك كبير.
وسط هذه التوترات السياسية بين الأطراف يبقى التساؤل الأهم: هل ستتمكن الجهود الدبلوماسية من إنقاذ الاتفاق، أم أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة من الصراع المسلح؟.