في ظل التحديات الأمنية التي تواجه الصومال، برزت ميليشيات العشائر كعنصر رئيسي في مواجهة حركة «الشباب» منذ عام 2022.
ومع تصاعد الجهود الحكومية لتعزيز الأمن والاستقرار، أعلنت مقديشو رسمياً دمج هذه الميليشيات ضمن الجيش الوطني، وهي خطوة تثير تساؤلات حول مدى فعاليتها وتأثيرها على هيكلة القوات المسلحة، وسط تجارب إقليمية مشابهة أثارت مخاوف بشأن إمكانية تحولها إلى عائق أمني مستقبلي.
بدأت الحكومة الصومالية، عملية دمج ميليشيات العشائر، التي دعمت الجيش منذ 2022، لتصبح جزءًا رئيسيًا منه بحلول 2025، وهو ما يثير تساؤلات حول تداعيات هذه الخطوة على مواجهة حركة «الشباب».
وأكد وزير الدفاع الصومالي، عمر عبدي، يوم السبت، بدء تسجيل مقاتلي ميليشيات «معوسلي» وتدريبهم، مشيراً إلى أنهم يتلقون بالفعل رواتب حكومية، وفقاً لموقع «الصومال الجديد».
ويرى خبراء أن هذه الخطوة قد تعزز قدرات الجيش الوطني، لكنها تحتاج إلى متابعة دقيقة لضمان اندماج كامل وفعال، دون تكرار تجارب إقليمية سابقة، مثل ما حدث مع «قوات الدعم السريع» في السودان.
برزت ميليشيات «معوسلي» كقوة دفاع محلية عام 2022، عندما انخرطت في العمليات العسكرية لتحرير الأراضي من سيطرة حركة «الشباب»، بعد أن تعرضت العشائر لضرائب باهظة وابتزاز من قبل التنظيم.
ومع إعلان الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، أن أولوية حكومته هي القضاء على الإرهاب، تسعى مقديشو إلى توسيع تحالفاتها الإقليمية وتعزيز التعاون الأمني مع دول الجوار.
هل خطوة دمج ميليشيات العشائر تعزز قوة الجيش الصومالي؟
تعزيز القدرات العسكرية
أوضح «زهدي»، في تصريحات لـ«بلدنا اليوم»، أن هذه الميليشيات أثبتت خلال الفترة الماضية قدرتها على تحقيق نتائج ميدانية قوية ضد حركة «الشباب»، مشيرًا إلى أن دمجها في الجيش الصومالي قد يسهم في رفع جاهزيته القتالية، نظرًا لما تتمتع به من خبرة ميدانية ومعرفة واسعة بطبيعة الأرض والجغرافيا القتالية.
تحقيق وحدة الصف الداخلي
ولفت إلى أن نجاح عملية الدمج يتوقف على تنفيذها وفق معايير احترافية تضمن تقليل الانقسامات الداخلية، مما قد يسهم في تعزيز ولاء العناصر الجديدة للمؤسسة العسكرية بدلاً من ارتباطها بالعشائر، لافتا إلى أن هذه الخطوة قد تساعد في بناء جيش وطني موحد قادر على التصدي للتحديات الأمنية.
تخفيف الضغط عن الحكومة المركزية
وأضاف «زهدي»، أن تعزيز القوات المسلحة النظامية بعناصر جديدة يمنح الحكومة الصومالية فرصة أكبر لتوسيع سيطرتها الأمنية وتقليل الاعتماد على القوات الأجنبية، مما يعزز السيادة الوطنية.
التحديات المحتملة
خطر عدم الذوبان الكامل داخل الجيش
شدد «زهدي» على ضرورة وضع آليات رقابة صارمة لضمان انخراط هذه العناصر في الجيش وفق قواعد واضحة تمنع أي ازدواجية في القرار العسكري، محذرًا من أن الفشل في دمج القوات شبه العسكرية بالكامل قد يؤدي إلى ظهور قوى موازية تهدد الاستقرار، كما حدث مع قوات الدعم السريع في السودان، رغم الفوارق بين الحالتين.
التأثيرات العشائرية على التماسك العسكري
وأشار إلى أن الولاءات العشائرية لا تزال تلعب دورًا كبيرًا في المشهد السياسي والعسكري الصومالي، ما قد يؤثر على تماسك الجيش.
وأكد على أهمية وضع خطط واضحة لضمان انتقال ولاء مقاتلي الميليشيات من العشائر إلى الدولة، بحيث يصبح الجيش مؤسسة وطنية موحدة لا تخضع لأي اعتبارات عشائرية.
أهمية التدريب والتأهيل العسكري
ولفت إلى ضرورة إخضاع المقاتلين الجدد لبرامج تدريب وتأهيل مكثفة وفق معايير الجيش الصومالي، لضمان اندماجهم السلس وقدرتهم على العمل ضمن إطار عسكري رسمي منضبط، بعيدًا عن الأساليب القتالية غير النظامية التي اعتادوا عليها.
أكد «زهدي»، أن دمج ميليشيات العشائر في الجيش الصومالي يعد خطوة ضرورية لتعزيز القوة العسكرية للدولة في مواجهة حركة «الشباب»، لكنه شدد على ضرورة تنفيذها بدقة لضمان عدم تكرار التجارب الفاشلة في دول أخرى.
وأوضح أن نجاح هذه العملية يعتمد على تحويل المقاتلين الجدد إلى عناصر عسكرية منضبطة تتبع التسلسل القيادي الرسمي للدولة، بعيدًا عن أي اعتبارات عشائرية، مما سيمكن الجيش الصومالي من التحول إلى قوة أكثر تماسكًا وقدرة على فرض الأمن والاستقرار في البلاد.