تصاعد التوترات بعد تصريحات ترامب حول غزة.. تحركات دبلوماسية ومواقف دولية رافضة

السبت 08 فبراير 2025 | 06:15 مساءً
الدكتورة إريج جبر أستاذ العلوم السياسية
الدكتورة إريج جبر أستاذ العلوم السياسية
كتب : بسمة هاني

في ظل التوترات السياسية المتزايدة إثر تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن قطاع غزة، شهدت المنطقة تحركات دبلوماسية مكثفة، كان أبرزها زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى الأردن، حيث تسعى القيادة الفلسطينية لحشد الدعم الإقليمي والدولي لمواجهة أي محاولات تستهدف حقوق الشعب الفلسطيني.

موقف الأردن الحاسم

أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، خلال لقائه الرئيس محمود عباس، موقف بلاده الثابت في دعم القضية الفلسطينية، ورفضه القاطع لأي خطط ترمي إلى تهجير الفلسطينيين أو المساس بحقوقهم التاريخية. كما شدد على ضرورة التصدي للاستيطان الإسرائيلي، مؤكدا أن الأردن لن يقبل بأي محاولات لضم الأراضي الفلسطينية أو تهجير سكان قطاع غزة والضفة الغربية، وسيتابع تنسيقه الوثيق مع الحلفاء الدوليين لتحقيق تهدئة شاملة.

تحركات دبلوماسية ومواقف دولية

في إطار الجهود الدبلوماسية، أجرى الملك عبد الله الثاني اتصالا بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بحثا خلاله الأوضاع المتأزمة في غزة وسبل التحرك المشترك لمواجهة التداعيات المحتملة. 

كما دعا الملك المجتمع الدولي للعب دور أكثر فاعلية في وقف التصعيد، خاصة بشأن الانتهاكات ضد المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.

على المستوى الدولي، أثارت تصريحات ترامب موجة من الإدانات، حيث أعلنت مصر، تركيا، الصين، أستراليا، روسيا، فرنسا، وبريطانيا رفضها القاطع لأي محاولات لتغيير الوضع الديموغرافي في غزة، مؤكدة تمسكها بحل الدولتين كمسار أساسي لتحقيق السلام في المنطقة.

الدكتورة أريج جبر: التهجير ليس وليد اللحظة

في هذا السياق، أكدت الدكتورة أريج جبر، أستاذة العلوم السياسية والمختصة في الشأن الفلسطيني، أن الطروحات المتعلقة بتهجير الفلسطينيين ليست جديدة، بل هي امتداد لمشاريع صهيو-أمريكية مستمرة منذ عام 1948، تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية بشكل ممنهج.

وأشارت إلى أن تصريحات ترامب الأخيرة تسعى لإضفاء شرعية على التهجير القسري، وإلقاء مسؤولية استيعاب اللاجئين الفلسطينيين على الدول المجاورة، وخاصة الأردن ومصر، عبر ما وصفته بـ"ترانسفير متعدد الاتجاهات". 

ولفتت إلى أن هذه الطروحات تتجاهل الحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف، وتحظى بإجماع دولي.

"لاءات الملك عبد الله" في مواجهة الضغوط الدولية

أكدت جبر أن هناك ضغوطا تمارس على الأردن ومصر ليكونا جزءا من هذه المخططات، إلا أن الموقفين الأردني والمصري واضحان تماما وغير قابلين للمساومة. 

وأشارت إلى أن الملك عبد الله الثاني وضع "اللاءات الملكية" كأساس لموقف الأردن، وهي: "لا للتهجير، لا للوطن البديل، لا لحل القضية الفلسطينية إلا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة"، مما يؤكد رفض الأردن لأي مشروع لتصفية القضية الفلسطينية أو توطين اللاجئين.

وأوضحت أن الأردن يدرك جيدا أن دعوات التهجير تهدف إلى كسر صمود الفلسطينيين وخلق حالة من الرعب والفوضى في المنطقة، تمهيدا لتنفيذ مشروع "إسرائيل الكبرى". 

كما أن الخطاب الإسرائيلي المتطرف بات يروج لأفكار مثل "عام الحسم" و"عام يهودا والسامرة"، في إشارة إلى محاولات تكريس الاحتلال كأمر واقع.

تحذير من إعلان حرب

لفتت جبر إلى أن الأردن يتعامل مع هذه التهديدات بحذر شديد، مدركا أنها تأتي في إطار سياسات غير مسؤولة، إلا أنه في حال تحولت هذه التهديدات إلى ضغوط فعلية، فقد يعتبرها إعلان حرب وسيتخذ الإجراءات اللازمة لحماية حدوده وأمنه القومي.

وشددت على أهمية التحرك العربي المشترك لمواجهة الطروحات الترامبية، مؤكدة ضرورة تبني موقف عربي أكثر صلابة لرفض هذه المخططات.

حل الدولتين والمقاومة الفلسطينية

أكدت جبر أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة هو الحل الأمثل وفق القوانين الدولية، مشيرة إلى أن المقاومة الفلسطينية، بما في ذلك عملية "طوفان الأقصى"، تمثل ردا طبيعيا على جرائم الاحتلال، التي استمرت منذ النكبة وحتى اليوم.

وأضافت أن محاولات تصوير المقاومة الفلسطينية على أنها "إرهاب" تهدف إلى تأليب السلطة الفلسطينية على الفصائل الأخرى، وتعزيز الانقسام الداخلي، إلا أن الواقع يؤكد أن حركة حماس لا تزال تحظى بحضور قوي على الساحة الفلسطينية، وهو ما يظهر في مساعي الاحتلال للتفاوض معها.

وختمت جبر حديثها بالتأكيد على أن المرحلة الحالية تتطلب توحيد الصف الفلسطيني وإصلاح البيت الداخلي برؤية وطنية موحدة، مستندة إلى مخرجات اجتماع الفصائل في بكين، ورفض الضغوط الدولية الرامية إلى تعطيل إعادة إعمار غزة وإفلات الاحتلال من مسؤولية جرائمه.

كما شددت على أن كل ما يجري هو محاولات لخلق حالة من الفوضى وتعزيز الضغوط على الفلسطينيين والمنطقة بأسرها، الأمر الذي يتطلب تكاتفا عربيا ودوليا للتصدي لهذه المخططات.

اقرأ أيضا