لماذا تعتبر المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي بين الولايات المتحدة والصين مهمة؟

السبت 25 يناير 2025 | 11:46 صباحاً
الصورة: خافيير جيان...إيكونوميست
الصورة: خافيير جيان...إيكونوميست
كتب : محمود أمين فرحان

إذا كانت هناك تقنية واحدة قادرة على تحقيق "العصر الجديد المثير من النجاح الوطني" الذي وعد به الرئيس الأميركي دونالد ترامب في خطاب تنصيبه، فهي الذكاء الاصطناعي التوليدي. 

إذ يُتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي، على الأقل، في تعزيز مكاسب الإنتاجية خلال العقد القادم، مما يساهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي. وعلى الأكثر، قد يؤدي إلى تحولات جذرية للبشرية، تضاهي الثورة الصناعية في أثرها،وفقًا لصحيفة ايكونيمست

أهمية التنافس الأميركي-الصيني في الذكاء الاصطناعي

 يمثل التنافس بين الولايات المتحدة والصين في تطوير الذكاء الاصطناعي محورًا أساسيًا يتجاوز التصورات التقليدية لـ"سباق تسلح تقني". هذه المنافسة ليست مجرد تنافس تقني، بل تحدٍ استراتيجي يساهم في إعادة تشكيل موازين القوى العالمية.

على صناع القرار في الولايات المتحدة إدراك أهمية التركيز على هذا المجال داخليًا وخارجيًا، للأسباب التالية:

تعزيز القوة الوطنية

الذكاء الاصطناعي يؤثر مباشرة على أركان القوة الوطنية، من خلال دعم النمو الاقتصادي وتعزيز القدرات العسكرية.

قيادة المعايير الدولية

الدول الرائدة في تطوير الذكاء الاصطناعي ستحدد معايير استخدامه على مستوى العالم، مما يُمكنها من التأثير في النظام الدولي مستقبلاً.

ولتحقيق ذلك، تحتاج الولايات المتحدة إلى استراتيجية متوازنة تجمع بين التعاون والمنافسة مع الصين، مع حماية مصالحها التقنية وتجنب المخاطر المرتبطة بالاستخدامات السلبية للذكاء الاصطناعي.

التنافس بين القوى العظمى.. سياق جديد

العالم يشهد حقبة جديدة من تنافس القوى العظمى، تتميز بالصراع على النفوذ والاستغلال المكثف للموارد الوطنية. كما أوضح الباحث بول كينيدي، فإن الإنتاجية الصناعية والتطور التكنولوجي يمثلان الأساس لهذا التنافس.

مع تصاعد المخاوف الأميركية تجاه الصين وروسيا وغيرهما من الدول المنافسة، أعادت الاستراتيجيات الوطنية الأميركية، بدءًا من عام 2017، التأكيد على مفهوم "المنافسة بين القوى العظمى". كما أشارت وزارة الدفاع الأميركية إلى مساعي الصين وروسيا لإعادة تشكيل النظام العالمي وفق رؤيتهما الاستبدادية.

في هذا السياق، أصبح الذكاء الاصطناعي أداةً حاسمة لتحقيق التفوق الوطني، سواء في المجالات الاقتصادية أو العسكرية.

الذكاء الاصطناعي كمصدر للقوة الوطنية

للذكاء الاصطناعي دور رئيسي في تعزيز اقتصادات الدول الرائدة:

يُتوقع أن يضاعف النمو الاقتصادي السنوي بحلول عام 2035، وأن يُزيد إنتاجية العمل بنسبة تصل إلى 40%. ومن المتوقع أن يُضيف الذكاء الاصطناعي ما بين 13 إلى 15.7 تريليون دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام 2030.

ومع ذلك، فإن الاستفادة من هذه المكاسب لن تكون متساوية، حيث ستسيطر الدول المتقدمة، وعلى رأسها الولايات المتحدة والصين، على الجزء الأكبر، مما يعزز تأثيرها في النظام الدولي.

على الصعيد العسكري، يُعتبر الذكاء الاصطناعي محركًا لثورة جديدة:

الصين تستثمر بكثافة في تقنيات عسكرية متطورة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، ضمن استراتيجياتها الخمسية لتعزيز مكانتها.

في المقابل، تعتمد الولايات المتحدة على قدرتها في التكيف مع هذه التقنيات لتعزيز تفوقها العسكري، مع الحاجة لإجراء إصلاحات جذرية في مؤسساتها الدفاعية.

التنافس على صياغة المعايير الدولية

من أبرز أبعاد المنافسة الأميركية-الصينية هو السباق لصياغة المعايير الدولية لاستخدام الذكاء الاصطناعي:

الصين تُصدّر تقنيات المراقبة المتقدمة إلى العديد من الدول، مما يعزز الأنظمة الاستبدادية ويهدد الديمقراطية عالميًا.

الولايات المتحدة تسعى للحد من انتشار هذه التقنيات من خلال فرض ضوابط تصدير صارمة.

علاوة على ذلك، تعمل الصين على لعب دور محوري في وضع معايير الاستخدام العالمي للذكاء الاصطناعي عبر منظمات دولية مثل الأمم المتحدة، مما قد يؤثر على القيم والمبادئ التي تحكم التكنولوجيا عالميًا.

صراع طويل الأمد

الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية واعدة، بل هو أداة استراتيجية لإعادة تشكيل موازين القوى العالمية. وعلى الولايات المتحدة أن تعتمد رؤية شاملة تستثمر في تعزيز قدراتها التكنولوجية، وتحدد دورها في قيادة النظام الدولي. هذا التوجه يتطلب توازنًا دقيقًا بين التعاون مع المنافسين من جهة، وضمان الريادة الأميركية من جهة أخرى، بما يخدم تطلعاتها الاقتصادية وحماية قيمها الديمقراطية.

اقرأ أيضا