بعد سقوط بشار وحزب الله وقصف الحوثيين.. هل اقتربت المعركة بين إسرائيل وإيران؟ (خاص)

الثلاثاء 31 ديسمبر 2024 | 02:06 مساءً
مهاجمة إسرائيل لإيران- أرشيفية
مهاجمة إسرائيل لإيران- أرشيفية
كتب : محمد عبدالحليم:

يشهد الشرق الأوسط تصعيدًا غير مسبوق بين جماعة "أنصار الله" الحوثيين في اليمن وإسرائيل، بعد سلسلة من الضربات الإسرائيلية المركزة التي استهدفت مواقع استراتيجية في اليمن.

استهدفت الهجمات الإسرائيلية ميناءً نفطيًا في الحديدة ومحطتي طاقة شمال وجنوب صنعاء، مما يعكس تصعيدًا لافتًا في حدة العمليات العسكرية.

ردًا على الهجمات الإسرائيلية، صعّد الحوثيون عملياتهم العسكرية، حيث استهدفوا مدينة تل أبيب بصاروخين بالستيين، بالإضافة إلى هجمات بطائرات مسيرة على ما وصفوه بـ"أهداف بحرية مرتبطة بإسرائيل".

هذه التحركات تأتي لتؤكد قدرة الحوثيين على توسيع رقعة المواجهة لتشمل العمق الإسرائيلي، وهو ما يزيد من حدة التوترات الإقليمية.

اللافت في تصعيد الحوثيين هو تجاهلهم للضربات الأمريكية المتكررة على مواقعهم في اليمن، بما في ذلك ضربات استهدفت مقر قيادة السيطرة والتحكم في مبنى وزارة الدفاع في صنعاء، فيما يبدو أن الجماعة تسعى لتثبيت معادلة جديدة في الصراع، رغم الضغوط الدولية والإقليمية المتزايدة.

في الجانب الإسرائيلي، يتزايد الحديث عن تصعيد أكبر ضد الحوثيين، وقد وصف وزير المالية الإسرائيلي وعضو الحكومة الأمنية، بتسلئيل سموتريتش، الحوثيين بأنهم "ذراع إيران الوحيدة التي لم تختبر قوة الرد الإسرائيلي".

تعكس هذه الحملة رغبة في تقويض نفوذ إيران في اليمن، خاصة مع استمرار الحوثيين في تلقي الدعم العسكري والتقني من طهران، وقد أظهرت التقارير الاستخباراتية دلائل على استخدام تقنيات إيرانية متطورة في الطائرات المُسيَّرة والصواريخ التي يستخدمها الحوثيون لاستهداف الأراضي الإسرائيلية.

تشير التحركات الأخيرة إلى استراتيجية منسقة تهدف إلى تفكيك محور المقاومة الإيراني، الذي طالما اعتُبر التحدي الأكبر للنفوذ الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة.

إن استهداف الأذرع في لبنان وسوريا واليمن يعكس إدراكًا غربيًا بأن هذه الكيانات تشكل أدوات حيوية في استراتيجية إيران لتوسيع نفوذها الإقليمي.

وتفتح هذه التطورات باب التساؤل حول مستقبل المحور الإيراني وما إذا كانت إيران نفسها ستكون الهدف القادم لهذا التصعيد.

تحولات في المنطقة

يرى المحلل السياسي أشرف راضي أنه على الرغم من أن الضربات العسكرية ضد الحوثيين قد تُضعف قدرتهم على مواجهة الضغوط، فإنها لن تنجح في تدمير هذا المحور بشكل كامل، وتكمن هذه المسألة في حقيقة أن الحوثيين، مثل حركات المقاومة الأخرى في المنطقة، يواصلون العمل رغم الحرب المستمرة منذ سنوات، وهو ما ينطبق على حماس في غزة وحزب الله في لبنان، الذين يظلون قادرين على توجيه ضربات مؤلمة رغم الهجمات المتواصلة عليهم.

ويشير راضي، في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم"، إلى أن إيران، من خلال دعمها لهذه الفصائل، تعزز قوتها في مواجهة خصومها الرئيسيين: الولايات المتحدة وإسرائيل، كما أن إيران تعتبر هذا التحالف جزءًا أساسيًا من استراتيجيتها الإقليمية، التي تتراوح بين السعي إلى الهيمنة الإقليمية وبين التهديد بالتصدي لأعدائها، وقد اعتبرت الولايات المتحدة هذه الجماعات جزءًا من حساباتها الاستراتيجية، خاصة في ظل قدرتها على الردع ضد الهجمات الإيرانية، لكن في الوقت نفسه، تراجع تأثير هذا المحور كقوة ردع بعد تورطه في النزاع مع إسرائيل.

وبالرغم من المخاوف الإسرائيلية والأمريكية من تعزيز القدرات العسكرية الإيرانية عبر هذه الفصائل، يوضح راضي أن الهجوم المباشر على إيران لا يزال أمرًا غير مؤكد، فبينما هناك دوائر إسرائيلية تدعو إلى توجيه ضربة استباقية، فإن الولايات المتحدة تتردد في اتخاذ هذا القرار بسبب الخسائر التي قد يتكبدها حلفاؤها في الخليج مثل الإمارات والسعودية، كما أن التحالفات الإيرانية مع دول مثل روسيا والصين تعزز موقفها وتمنع التفوق العسكري السهل على طهران.

تعقيدات عسكرية وسياسية

من جانبه، يقول الباحث في الشؤون الإيرانية الدكتور أحمد محمد فاروق، إن إيران ربما بدأت تتحضر للمواجهة في حال التصعيد، خاصة في ظل الضغوط المتزايدة من إسرائيل والولايات المتحدة.

ويشير فاروق، في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم" إلى أن هذه التحضيرات تأتي في إطار السباق مع الزمن، في محاولة لاستثمار الوقت قبل وصول الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب.

وفيما يخص التوقعات حول تأثير سقوط نظام الأسد أو إضعاف حزب الله على قدرة إيران على الرد، يرى فاروق أن هذه العوامل قد تؤثر بشكل محدود على قدرة إيران على الردع، لكنها لن تضعفها بشكل حاسم.

محور جديد؟

ومن جانبه، أكدت الباحثة اليمنية في معهد الشرق الأوسط ندوى الدوسري أن مواصلة الحوثيين توسيع نفوذهم العسكري والإيديولوجي في منطقة الشرق الأوسط، يهدف ظاهريًا للضغط على إسرائيل في سياق حرب غزة.

وأشارت الدوسري، في تحليل نشره المعهد مؤخرًا، إلى أن هذه الهجمات تحمل أيضًا دلالات أعمق، تعكس رغبة الحوثيين في التأكيد على أنفسهم كقوة إقليمية مؤثرة، ولعب دور أكبر في الأزمات الإقليمية والدولية.

وأوضحت الدوسري إلى أن الحوثيين يسعون لتشكيل ما يُسمى بـ"محور التعطيل"، من خلال تحالفات مع جماعات إرهابية مثل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وحركة الشباب في الصومال، وتنظيم داعش. 

اقرأ أيضا