شهدت منطقة مقابر الإمام الشافعي منذ أشهر هدمًا وإزالاتٍ للجبانات، وسط دعاوى إقامة طرق جديدة؛ ما استدعى غضبًا شعبيًّا غير مسبوق من مسؤولين وأكاديميين، مرورًا باستجوابات برلمانية حول هذا الشأن، إضافة إلى تحريك دعاوى قضائية من أصحاب الجبانات؛ للحد من هذا الأمر، أو على الأقل لتقليل حدته.
لقطات أرشيفية تظهر حالات هدم وإزالة المقابر الأثريةلقطات أرشيفية تظهر حالات هدم وإزالة المقابر الأثرية
تحرك برلماني
وفي ذلك أكدت النائبة مها عبد الناصر عضو مجلس النواب، تقدمها بأكثر من استجواب بشأن هدم مقابر الإمام الشافعي، الأمر الذي اعتبرته تشويهًا للتراث والحضارة، وطمسًا متعمدًا للهوية التاريخية في مصر.
وأشارت عضو مجلس النواب في تصريحات خاصة لـ"بلدنا اليوم"، إلى أن آخر تحرك برلماني لها كان في مايو الماضي، بعدما تقدمت بسؤال لرئيس مجلس الوزراء، ووزراء الإسكان والسياحة والآثار والثقافة والنقل والمواصلات والتنمية المحلية، بشأن هدم الجبانات في منطقتي السيدة عائشة وكوم غراب (مقابر الإمام الشافعي).
البرلمانية مها عبد الناصر
وكشفت "عبدالناصر"، أن هناك عددًا من المواطنين حركوا دعاوى قضائية من خلال محامٍ شهير، بعد أن تضررت مقابرهم من الهدم، ولكن إلى الآن لم يتم النظر فيها، لافتة إلى حوزة أصحاب الجبانات أوراقٍ رسمية تثبت ملكيتهم لها؛ مُبيِّنةً أن عدم الاعتداد به يعني الخروج عن القانون.
الاستجابة للضغوطات
وأضافت أنه بعد الضغوطات الشعبية، ونتيجة للاستقالات التي قدمها بعض المسؤولين، توقفت عملية الهدم، إلا أن هناك تخوفاتٍ من عودتها بعد فترة من جديد، محذرةً أنه في حال حدوث ذلك سيزداد الغضب الشعبي، وستتجه لخطوات تصعيدية جديدة، بصفتها مصرية، ونائبةً عن مواطنين مصريين.
2700 مقبرة في مهب الريح
وتعرضت 2700 مقبرة تاريخية بـ"قاهرة المعز" إلى الهدم، بدعوى تنفيذ خطة تطوير كاملة للمناطق المقامة عليها، من أجل إمداد شبكة المواصلات والنقل بمسارات حيوية منذ بداية عام 2020، إلا أن الغضب الشعبي لم يتقبل محو مقابر عديد الرموز الثقافية والدينية والشخصيات التاريخية الإسلامية، والمعاصرة أيضًا.
لقطات أرشيفية تظهر حالات هدم وإزالة المقابر الأثريةلقطات أرشيفية تظهر حالات هدم وإزالة المقابر الأثرية
أستاذ آثار إسلامية: بين جهات وقوانين.. تاهت جبانات مصر
وأوضح الدكتور مجدي شاكر، أستاذ الآثار الإسلامية، أن مشكلة جبانات مصر تتبلور في تبعية مناطق التراث والحضارة لـجهات رسمية، من بينها وزارتا الآثار والثقافة، حسبما أورد قانون 117 الصادر لسنة 83، والذي يشير إلى مفهوم الأثر؛ وهو ما مر عليه 100 سنة، أي أن معظم آثار هذه المنطقة الموجودة قبل عام 1883 تكون أثرية سنة إصدار القانون، عام 1983.
وأوضح أستاذ الآثار الإسلامية في تصريحات خاصة لـ "بلدنا اليوم"، أن كل ما جاء بعد 1983 يخضع لقانون آخر، وهو قانون 144 لسنة 2006، التابع للتراث الحضاري، قبل أن يتبعه قانون 119 لسنة 2008، المعني بالمباني الآيلة للسقوط ذات المظهر الحضاري، مؤكدًا أن جبانات الإمام الشافعي تخضع إلى 3 جهات، ينطبق عليها الـ 3 قوانين، وبذلك عملية الهدم بشكل واضح غير قانونية.
الدكتور مجدي شاكر أستاذ الآثار الإسلاميةوناشد أستاذ الآثار، مجلس النواب والإعلام، بالضغط على المسؤولين حتى لا يعود الهدم مرة أخرى؛ إذ بإتمامه تطمس الهوية الحضارية في مصر، ما يهدد حق البلد التاريخي؛ في مقدراته، التي لا يمكن أن تقدر بثمن.