يترقب المجتمع الدولي آليات تنفيذ مشروع الممر الاقتصادي الذي يربط بين الاتحاد الأوروبي والهند والسعودية والإمارات وإسرائيل بعد إعلان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن إطلاقه في قمة العشرين الماضية بنيودلهي.
وقال دبلوماسيون على هامش حديثهم لجريدة «بلدنا اليوم» إن المشروع يعد سياسي من الدرجة الأولى لنجاح التطبيع بين إسرائيل من ناحية، وتحجيم طموحات الصين ومشروعها الحزام والطريق من ناحية أخرى، بجانب وقف توجهات روسيا في الشرق الأوسط وإفريقيا خاصة بعد اندلاع حرب الأوكرانية.
وأكد بعضهم أن تأثير المشروع على قناة السويس يتلخص في مد خطوط أنابيب للغاز والنفط بدلًا من النقل البحري، الذي يمثل 30% من إيرادات القناة، مشيرين أن خط السكك الحديدية الذي تعمل مصر على إنشائه للربط بين العين السخنة وموانئ المتوسط يمكن أن يلعب دورًا في تحجيم هذا الأثر.
السفير جمال بيومي: مشروع خط السكك الحديدية لا يرتقي للتطبيق على أرض الواقع
وبدوره قال السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن مشروع الممر الاقتصادي الذي يربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا سياسي من الدرجة الأولى بهدف التقارب بين إسرائيل ودول الخليج.
وأضاف بيومي في تصريحات خاصة لجريدة «بلدنا اليوم» أن مشروع خط السكك الحديدية لا يرتقي للتطبيق على أرض الواقع كونه يحتاج إلى أموال طائلة للتمويل بجانب صعوبة إنشاء بنية تحتية بين هذه الدول.
وحول تأثير الممر على قناة السويس، قال إنه منذ 1994 والحكومة الإسرائيلية تدلي بتصريحات لعمل مشروع مد سكة حديد تربط ميناء إيلات بميناء أسدود ولكن حتى الآن لم يتم التنفيذ على أرض الواقع.
وأرجع السفير جمال بيومي السبب إلى أن منطقة خليج العقبة المقرر أن يمر من خلالها الممر الاقتصادي تتكون من الصخور الجرانيتية التي تحتاج للحفر بها إلى تفجيرات نووية، مضيفًا أنها تحتاج إلى تكلفة عالية لشقها وفي النهاية ستكون متاحة فقط لعبور سفن بوزرن 40 ألف طن، بينما قناة السويس تتحمل 460 ألف طن حاليًا، لذلك تبين فنيًا استحالة منافسة قناة السويس.
وأكد السفير أن حمولة قناة السويس تتجاوز سفينة بوزن 460 ألف طن محملة بـ 12 ألف كونتينر، وفي حال نقل هذه الحمولة على خط سكك حديد يحتاج إلى قطار طوله يمتد من الهند إلى أوروبا وهو ما يصعب تحقيقه.
وأوضح أن الترويج الأمريكي الإسرائيلي لهذا المشروع يرجع إلى اعتقاد قيادات دولة الكيان الصهيوني أن التعاون مع الرياض وأبو ظبي يعد انتصارًا ويساهم في التطبيع مع تل أبيب، وهو ما ترفضه دول الخليج.
خبير لوجستي: نقل الغاز والبترول يمثل 30% من إيرادات قناة السويس
وبدوره، قال الدكتور محمد علي، مؤسس كلية النقل الدولي واللوجستيات، إن تأثير مشروع الممر الاقتصادي الذي تم الإعلان عنه في قمة العشرين سيؤثر على قناة السويس بشكل غير مباشر، وبنسب طفيفة خاصة على تجارة الحاويات.
وأضاف "علي" في تصريحات خاصة لجريدة «بلدنا اليوم»، إن مشروع مصر لخط السكة الحديد الذي يربط بين العين السخنة وموانئ المتوسط يمكن أن يلعب دورًا في تحجيم هذا الأثر.
وأكد مؤسس كلية النقل الدولي واللوجستيات أن التأثير الأكبر لهذا المشروع هو نقل الغاز والبترول بالأنابيب من خلال الممر الاقتصادي؛ نظرًا لأن تكفلته أقل بدرجة كبيرة من النقل البحري، مشيرًا أن نقل الغاز من خلال قناة السويس يمثل 30% من إيراداتها.
أستاذ العلوم السياسية: الممر مشروع أمريكي أوروبي لمواجهة روسيا والصين
ومن جانبه، قال الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية، إن الممر الاقتصادي مشروع واعد إذ إنه يضم ممرين شمالي وشرقي لربط الهند بالاتحاد الأوروبي والخليج مرورًا بعدة دول.
وأضاف فهمي في تصريحات خاصة لجريدة «بلدنا اليوم» أن الدول المشاركة في التحالف لم يتم الإعلان عنها حتى الآن، ولكن اتفقوا مبدئيًا على استبعاد مصر فلسطين لبنان سوريا الجزائر.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية، أن الممر الاقتصادي يضم 4 قطاعات وهم خطوط سكك حديدية، نقل لوجستي، خطوط غاز، بالإضافة إلى خطوط الطاقة الخضراء، مشيرًا أن ممول المشروع غير واضح.
وأكد الدكتور طارق فهمي، أن مشروع الممر الاقتصادي منافس على المستوى النظري للمشروع الصيني الحزام والطريق وقناة السويس في مصر، لافتًا أنه من الناحية العملية يصعب تحقيقه كما حدث في مبادرة الحازم والطريق التي أعلنت عنها بكين وحتى الآن لم يتم تنفيذها كما خطط لها.
وأشار أن الإعلان عن آليات تنفيذ المشروع ستتم خلال 60 يومًا، ومدته ستستغرق أكثر من 10 سنوات، مؤكدًا أن هناك تحديات ومخاطر ستواجه المشروع نتيجة الخلافات السياسية بين دول التكتل، مضيفًا أن البعض ينظر إليه على أنه مشروع أمريكي أوروبي لمواجهة روسيا والصين.
وعن التأثير على المشروع على قناة السويس، أكد أستاذ العلوم السياسية أن القناة لا تتأثر بالممر لا شكلًا ولا مضمونًا، نتيجة مشروعات مصر الاستباقية والتي منها ربط خطوط السكك الحديدية بالبحر الأحمر والمتوسط بجانب العمل على الانتهاء من الممر الملاحي المسمى بطابا العريش، ورفع العريش للحد من التأثير حال حدوثه.
وأشار إلى أن هناك العديد من المشروعات التي جاءت بهدف منافسة قناة السويس وفشلت كمشروع قناة البحرين بين الأردن وإسرائيل، ومشروع ربط البحر الأحمر بالبحر الميت.
وأكد أن المشروع الأوروبي المسمى بالبوابة العالمية يجعل الممر الاقتصادي غير قابل للتنفيذ نظرًا لغياب الممول، وعدم وجود دول عظمى تتبنى تكلفته، مشيرًا أن المشروع قد يساهم في التطبيع بين الخليج وإسرائيل.
خبير علاقات دولية: تل أبيب لاعب أساسي في المشروع الإقليمي الدولي
ومن جانبه، قال يسري عبيد الباحث السياسي في العلاقات الدولية، إن الهدف الأمريكي من الإعلان عن إطلاق ممر اقتصادي هو محاولة لتطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج ولاسيما بين الرياض وتل أبيب.
وأضاف الباحث السياسي في العلاقات الدولية في تصريحات خاصة لجريدة «بلدنا اليوم» أن العائد الأساسي من الممر سياسيًا أكثر من الجانب الاقتصادي بسبب صعوبة تطبيقه على أرض الواقع نتيجة ارتفاع تكلفته والخلافات السياسية بين الدول التي تم الإعلان عنها ضمن التكتل.
وتابع: أن الممر الجديد مشروع سياسي بامتياز ليس فقط من حيث ارتباطه بسعي أمريكا للجم طموحات الصين ومشروعها الحزام والطريق وتوجهات روسيا في الشرق الأوسط وإفريقيا خاصة بعد اندلاع حرب أوكرانيا، وأيضًا من حيث مشاركة إسرائيل فيه كلاعب أساسي في مشروع إقليمي دولي عملاق.
أقرأ أيضًا| فرنسا تدعو مجلس الأمن لاجتماع طارئ بشأن الصراع ب"ناجورنو كاراباخ"