بات التقارب بين تركيا وسوريا قاب قوسين أو أدنى خاصة بعد إعلان مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا، أن موعد لقاء الرئيس السوري بشار الأسد مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان قريبًا، مؤكدًا تكثيف روسيا العمل على تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.
وأكد خبراء الشأن السوري على هامش حديثهم لـ «بلدنا اليوم» إن كل محاولات التقارب بين تركيا وسوريا فاشلة دون موافقة الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرًا إلى أن روسيا ترغب في التقارب بين دمشق وأنقرة لسحب قواتها من الأراضي السورية والدفع بهم في الحرب الأوكرانية.
وقالوا إن موقف الولايات المتحدة الأمريكية من الأزمة السورية غير واضح حتى الآن معللين السبب إلى أن واشنطن منشغلة بالحرب الأوكرانية الروسية وبالانتخابات الرئاسية 2024، لكنها تعارض المواقف الفردية للتقرب من النظام السوري.
مسلم: التقارب التركي السوري مرفوض من التحالف الدولي
وقال صالح مسلم الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، إن موسكو تعمل على عقد قمة ثلاثية بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ونظيره السوري بشار الأسد برعاية روسية، لإنهاء حالة الصراع بين النظام السوري وأنقرة، لكن هذا التقارب مرفوض من التحالف الدولي.
وأضاف مسلم في تصريحات خاصة لجريدة «بلدنا اليوم» أن تطبيع العلاقات بين سوريا وتركيا صعب التحقيق، وإذا تم سيكون بشكل مؤقت؛ لأن واشنطن ترفض وبشكل قاطع التقارب بين أنقرة ودمشق ولا يستطيع أردوغان أن يحقق التعاون مع النظام السوري دون موافقة الولايات المتحدة الأمريكية.
وأكد صالح مسلم، أن شرط الرئاسة التركية للتقارب مع النظام السوري هو القضاء على الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال شرق سوريا، مؤكدًا أن هذا الشرط صعب التنفيذ دون موافقة الولايات المتحدة الأمريكية، بينما شرط الرئيس السوري بشار الأسد للتعاون مع أنقرة هو سحب القوات التركية من مناطق شمال شرق سوريا.
حول موقف سوريا الديمقراطية من التقارب السوري التركي، أكد مسلم أن مطالب الإدارة الذاتية ترتكز على إقامة حوار ديمقراطي لحل الأزمة السورية سياسيًا مشيرًا إلى أن التلويح بالقوة العسكرية للاستيلاء على المناطق مرفوض تمامًا.
وتابع قائلًا:" إن قوات سوريا الديمقراطية تابعة لهذه الأرض ومكلفة بحمايتها وستبقي مستمرة ضمن صيغة يتم التوافق عليها بين السوريين ولا علاقة لتركيا ببقاء هذه القوات والحل السوري كفيل بإنهاء كل هذا النقاش".
وأكد مسلم على عدم وصول أي إخطار من النظام السوري حتى الآن إلى سوريا الديمقراطية للجلوس على طاول الحوار والتفاوض.
سليمان: التقارب بين النظام السوري والتركي برعاية روسيا لن ينجح
وبدوره قال سليمان محمد كرو، السياسي الكردي، إن التقارب بين النظام السوري والتركي برعاية روسيا لن ينجح إذا عارضته الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك إذا لم يكن تحت بند القرار الدولي 2254 وعليه تعتبر كافة المحاولات المتكررة من قبل تركيا وروسيا وحتى إيران لتحسين العلاقة بين أنقرة ودمشق عبارة عن محاولة لتمديد عمر الأزمة السورية.
وأضاف السياسي الكردي في تصريحات خاصة لـ«بلدنا اليوم» أن الصمت الأمريكي والدولي تجاه سوريا نتيجة انشغال الإدارة الأمريكية بالوضع الأوكراني وكذلك بانتخاباتها الرئاسية العام القادم وكل ذلك جعل موقف واشنطن بطيء وغير واضحة في قراراتها النهائي حول الأزمة السورية.
حول رد فعل قوات سوريا الديمقراطية عن التقارب السوري التركي لفت إلى أنه في حال حدوثه سيكون مرحلي محدود وشكلي، سيخضعون للموقف الأمريكي القائد العام لقوات التحالف الدولي التي تحمي وتقود فعليًا منطقة إقليم كوردستان الملحق بسوريا.
جرجس: التقارب التركي السوري يمكن نجاحه أمنيًا فقط
ومن جانبه، قال أستاذ العلوم الدولية ودراسات الشرق الأوسط في جامعة لندن الدكتور فواز جرجس، إن محاولات التقارب بين تركيا وسوريا رغبة روسية فقط لتقليص عدد قواتها في دمشق للدفع بهم في أوكرانيا.
وأضاف جرجس في تصريحات خاصة لـ«بلدنا اليوم» أن موقف الولايات المتحدة تجاه الوضع السوري العام غير واضح ولكنها صرحت عدة مرات أنها ضد أي تقارب فردي مع النظام السوري.
وأشار أستاذ العلوم الدولية ودراسات الشرق الأوسط، إلى أن هناك شروط تعجيزية لكلا الدولتين في حال التقارب، فتركيا تشترط إبعاد قسد عن حدودها، مؤكدًا أنه صعب التحقيق دون موافقة أمريكا التي تدعم بصورة كبيرة قوات قسد، بجانب عودة المهاجرين الذي يحتاج إلى إشراف حماية دولية وتوفر الأمن والأمان لتحقيقه.
وأكد الدكتور فواز جرجس، أن سوريا تشترط انسحاب الفصائل من المناطق التي تحت سيطرتها، مشيرًا إلى أنه يصعب تحقيقه أيضًا دون موافقة الدول التي سمحت للفصائل بالدخول منذ البداية.
وقال إن التقارب التركي السوري لا يمكن نجاحه سياسيًا، ولكن تستطيع أنقرة ودمشق تنفيذه على المستوى الأمني فقط.
وتابع أن التعاون بين النظام السوري والتركي سينعكس بالسلب على قوات سوريا الديمقراطية؛ لأن من أحد الشروط الأساسية لتركيا إبعاد قوات قسد عن حدودها، مضيفًا أن الوضع السوري أصبح مشكلة دولية إقليمية ومن الصعب أن تصل سوريا وتركيا إلى اتفاق خلال الوقت الراهن
وأكد أن تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية حاضرةً وبقوة على الحالة السورية، لأن الدول المنخرطة في الأزمة السورية هم أنفسهم المعنيين بالحرب الروسية الأوكرانية لذلك انتهاء خلافاتهم في سوريا سيكون نهاية الخلافات في أوكرانيا.
واستضاف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الرئيس السوري بشار الأسد لإجراء محادثات حول علاقات سوريا الخارجية في الوقت الذي يسعى فيه الكرملين إلى إصلاح العلاقات بين دمشق والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وانقطعت العلاقات بين أردوغان والأسد بعد اندلاع الحرب الأهلية السورية، ومن شأن وساطة الكرملين الناجحة أن تمنح بوتين شهرة دبلوماسية تشتد الحاجة إليها في وقت تزداد فيه عزلة روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا.
وأدى اندلاع الحرب الأهلية السورية في 2011 إلى توتر العلاقات بين دمشق وأنقرة، ودفعت تركيا إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا بعد وقت قصير من بدء الحرب.
ويقول محللون إن موسكو تريد الآن تهدئة الأوضاع بين البلدين، حيث يرى كلاهما الجماعات الكردية المدعومة من واشنطن في شمال سوريا على أنها "عدو" مشترك.
وأشار أردوغان إلى أنه قد يجتمع مع الأسد، واجتمع وزراء دفاعهم في موسكو في ديسمبر، في أول محادثات من نوعها منذ بدء الحرب السورية.
من المقرر أن يجتمع دبلوماسيون من روسيا وتركيا وسوريا وإيران في موسكو هذا الأسبوع لتمهيد الطريق لاجتماع وزراء الخارجية، وفقًا لوسائل إعلام تركية.
والتقى ممثلون من روسيا وتركيا وسوريا وإيران في موسكو للمشاركة في محاولة يقودها الكرملين لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة ودمشق بعد سنوات من العلاقات المتوترة.
وكانت القمة السابقة التي عُقدت بين وزيري الدفاع التركي والسوري في نهاية ديسمبرالماضي، تمثل أعلى اجتماع بين الجانبين منذ اندلاع الصراع الأهلي السوري.
وعلى الرغم من النية المشتركة لمواصلة المشاورات، إلا أن نتيجة المحادثات الرباعية التي عقدت في العاصمة الروسية ظلت غير مؤكدة، حيث من الواضح أن تركيا وسوريا لا يزالان يواجهان العديد من الحواجز المهمة التي يجب التغلب عليها قبل التمكن من التوصل إلى اتفاق مرضٍ للطرفين.
من ناحية أخرى، تعتبر دمشق نهاية الانتشار التركي غير القانوني في شمال سوريا ودعم المعارضة السورية عناصر مركزية رئيسية في أي صفقة محتملة مع أنقرة.
وطالب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نظام الأسد على اتخاذ خطوات ملموسة نحو تفضيل عودة 3.7 مليون لاجئ سوري نازحين حاليًا داخل الأراضي التركية الذي يمثل تحدي لنظام الأسد.
اقرأ أيضًا| عمرو موسى لـ«بلدنا اليوم»: قمة دول جوار السودان فتحت بابا نرجو ألا يغلق