قال الخبير الأثري والمتخصص في علم المصريات د.أحمد عامر إن المصريون القدماء قد برعوا في حفظ الأسماك وتجفيفها وإستخراج البطارخ من بعض أنواعها كما يُري ذلك في أحد رسوم مقبرة "نب_كاو_حر" بسقارة، وكان للسمك المجفف أهمية كبيرة في تموين المصريين ويتألف منه الطعام الرئيسي للفقراء، وذكر "هيرودوت" أن المصريين كانوا يرسلون الأسماك بعد صيدها إلي الأسواق، ويأكلون الأنواع المفضلة عندهم طازجة مثل قشر البياض والبلطي، أما الأنواع الأخري فكانوا يشقون بعضها من منتصفها ويملحونها ويعلقونها علي حبال في الشمس أو يتركونها في تيار الهواء الجاري لتجف تمامًا، وفي بعض الأحيان يشقون السمكة بالسكين شقًا طويلًا من الرأس إلي الذيل بحيث يفصل الجانبان عن عظمة الظهر.
وأشار "عامر" أن الكثيرون يقنع بإخراج أمعاء السمكة ونزع قشورها وإزالة الراس ونهاية الذنب وتميلحها وتركها في الشمس لتجف، كما ذكر المؤرخ أن الأسماك المملحة كانت تُأكل بكثرة وأغلب الظن أنه يعني بذلك "الملوحة" أو "الفسيخ" الذي كانوا يرون أن أكله مفيد في وقت معين من السنه، ولا يزال المصريون يأكلونه حتي الآن وخاصة في عيد "شم النسيم".
وتابع "عامر" أن الأسماك تحنط وتحفظ في المقابر مع غيرها من أنواع الطعام والشراب، وقد تم العثور علي أسماك كثيرة محنطة ومجففة من عصور مختلفة ليس من السهل تمييز أنواعها، وجدير بنا أن نعرف كيفية تحنيط هذه الأسماك، فقد وجد بعضها خاليًا من آثار القار الذي إستعمل في التحنيط، وقد ظهرمن التحليل الكميائي أنه تم نقعها في محلول من الماء المالح، ثم أحيطت بطبقة من الطين المحمل بمواد ملحية تعلوها لفائف مُحكمة بمهارة، وبفضل جفاف الهواء وحماية الرمال الجافة أمكن حفظ هذه الموميات الآف السنين بدرجة أن بعضها لا يزال يحتوي علي مواد حيوانية.
وإستطرد الخبير الآثري أنه قد تم العثور علي تماثيل صغيرة لأسماك مصنوعة من البرونز، بعضها متوج بقرص الشمس وقرني البقرة "حتحور"، وبعضها الآخرعلي شكل سيدة يعلو رأسها سمكة تمثل الإلهه "حات_محيت" إلهة السمك، أما الأسماك المصنوعة من الأردواز فكانت تستعمل لصحن الحكل.