قال الدكتور إبراهيم درويش أستاذ المحاصيل الزراعية ووكيل كلية الزراعة بجامعة المنوفية إن التقاوي هي أهم عنصر في زيادة الإنتاج الزراعي، فبدون تقاوي جيدة لايمكن أن يتحقق كمية الإنتاج المتوقعة من الصنف.
وأوضح وكيل كلية الزراعة بجامعة المنوفية أن هناك شروط للتقاوي الجيدة، أهمها أن يكون من صنف عالي الإنتاج، نقي وراثيا، تتماثل صفاته المظهرية والتركيب الوراثي، يناسب البيئة والمنطقة التي يزرع فيها، ويقاوم الأمراض والحشرات، يتحمل الظروف البيئية السيئة.
وأكد «درويش» على أن الدولة المصرية تولي اهتمام كبير بمنظومة التقاوي، لكن مع كل هذا الاهتمام مازالت هذه المنظومة تحتاج إلى أحكام الرقابة عليها في كل مراحلها، مشيرا إلى أنه كتب أكثر من مرة في هذا الشأن، ولا يمكن لأحد أن يتجاهل الواقع، وعندما نلقي الضوء على هذه المنظومة ونطالب بمزيد من إحكام الرقابة أو حوكمة إنتاج التقاوي لانقلل أبدا من حجم الجهود التي تبذلها الدولة المصرية ووزارة الزراعة للنهوض بقطاع التقاوي، ولكن من واجبنا أن نتابع على الواقع مواطن الضعف حتى يمكن تلافيها.
ولفت الدكتور إبراهيم درويش إلى أنه لا يمكن تجاهل شكاوى بعض المزارعين والتي تصل إلى بعض المسؤولين، والتي يجب أن نأخذها بعين الجد والاهتمام، والمزارع الآن يشكوا من عدم تواجد تقاوي الذرة الشامية وارتفاع الأسعار بطريقة لا يمكن تصورها، وخاصة أن تقاوي الذرة كلها أصناف هجن، أي لابد من تجديد تقاويها سنويا، في الوقت الذي تسعى الدولة جاهدة لتشجيع زراعة المحاصيل الاستراتيجية ومن بينها الذرة الشامية؛ بل إن الذرة الشامية من ضمن مجموعة المحاصيل التي دخلت ضمن الزراعة التعاقدية.
وأشار وكيل كلية الزراعة بجامعة المنوفية إلى أن حوكمة إنتاج التقاوي في مصر أمر نسعى إليه جميعا؛ وذلك لضمان أمران مهمان، الأمر الأول هو تطبيق السياسية الصنفية التي تسعى إليها الدولة المصرية لضمان زيادة إنتاجية المحصول، وضمان تقليل انتشار الأمراض وحماية الأصناف المنزرعة من كسر مقاومتها؛ وذلك عند زراعتها في منطقة غير منطقتها، وهذا أمن قومي زراعي؛ لأن كسر مقاومة الأصناف ليست في صالح أحد.
ولفت إلى أنه من المهم أن نتأكد من تواجد الأصناف الموصى بزراعتها في كل منطقة من مناطق الجمهورية، والتي نطلق عليها «السياسة الصنفية»، ومن غير المعقول أن تحدد الوزارة أسماء أصناف معينة من المحصول لزراعتها في كل منطقة على حدة لأنها تناسب هذه المناطق، ومزارعي تلك المناطق عندما يطلبون هذه الأصناف لايجدونها.
وفسر «درويش» ذلك بقوله: نلاحظ إما إن الأصناف لم ترد إليهم أساسا، أو وصلت إليهم ولكنها تسربت بطريقة أو أخرى إلى تجار السوق السوداء الذي تتجمع لدية كل الأصناف بغض النظر عن مدى ملائمتها للمنطقة أو درجة جودتها ومقاومتها للأمراض، بالإضافة إلى عرضها بأسعار مغالى فيها بصورة أكبر من قدرة المزارع.
الدكتور إبراهيم درويش: إنتاج صنف جديد يحتاج لجهود مضنية وزمن يصل لأكثر من 10 أعوام
وتوقع أستاذ المحاصيل الزراعية النتائج بقوله: وبالتالى قد يلجأ المزارع إلى شراء أي صنف حتى لو غير موصى به في منطقته، وقد يصاب بالمرض الذي يكون مصدرا لعدوى الأصناف المنزرعة حوله، مما يضع هذه الأصناف تحت الإجهاد المرضي، والذي قد يتسبب في كسر مقاومتها؛ وهذا ليس في صالح أحد لأن إنتاج صنف جديد يحتاج إلى جهود مضنية وزمن يصل لأكثر من عشر سنوات.
درويش: المزارعين أصبحوا فريسة لشركات تقاوي القطاع الخاص والتجار المحتكرين
وأكد الدكتور إبراهيم درويش على ضرورة توافر التقاوي بأسعار مناسبة، حتى لا يقع المزارع فريسة لجشع التجار والمحتكرين وتلاعب بعض شركات التقاوي من القطاع الخاص، فقد وجدنا أن هناك شكاوى متعددة من ارتفاع أسعار تقاوي القمح في الموسم الماضي، والآن هناك شكاوى متعددة من قلة تواجد تقاوي الذرة في الإدارات أو الجمعيات الزراعية، وهناك ارتفاع جنوني في أسعار تقاويها عند التجار، ويقولون إنها غير متواجدة ولا نعرف الأسباب التي أدت إلى ذلك سوى أن المزارعين أصبحوا فريسة لشركات تقاوى القطاع الخاص والتجار المحتكرين الذين ينتظرون زيادة الأسعار كل يوم.
الدكتور إبراهيم درويش: إحكام منظومة التقاوي يضمن نقاوتها وجودة إنتاجها
ولفت أستاذ المحاصيل الزراعية أن الأمر الذي نطالب فيه جميع المهتمين بهذا الأمر التدخل لحماية الزراعة المصرية والمزارع المصري، وإعادة النظر في حوكمة منظومة التقاوي في مصر، الأمر الثاني إحكام منظومة التقاوي يضمن نقاوتها وجودة إنتاجها، والعمل على إنهاء تداخل المصالح بين شركات القطاع الخاص الزراعية وإنتاج التقاوي في وزارة الزراعة، بالإضافة إلى مراجعة الشركات الزراعية التي تعمل في منظومة التقاوي، ومدى قدرتها المؤسسية وإمكانياتها التي تتيح لها العمل في مجال التقاوي.
واستكمل: إحكام الرقابة يكون في جميع مراحل إنتاج التقاوي بداية من زراعة تقاوي الأساس والإشراف على الحقول وعمليات الاستلام وعمليات الغربية وإعداد التقاوي، والتأكد من وزن العبوات والتأكد من أن التعبئة تمت بالوزن المطلوب وأن المكتوب على العبوة يطابق الوزن الفعلي، وتتبع التقاوي التي يتم إنتاجها من محطات ومتابعة نقلها ونظم بيعها حتى لا يتم تسريبها إلى السوق السوداء من خلال الأسس العلمية والإدارية والنظم المتعارف عليها حتى يكون هناك شفافية كاملة.
وقال الدكتور إبراهيم درويش أستاذ المحاصيل الزراعية ووكيل كلية الزراعة بجامعة المنوفية إنه مع تقديرنا لدور القطاع الخاص وحرص الدولة المصرية على تشجيع الاستثمار ودخوله سوق إنتاج التقاوي، إلا أنه يجب إحكام الرقابة عليه ومنع تداخل المصالح تماما، وتتبع طرق إنتاجه للتقاوي خاصة أن هناك محطات غربلة خاصة ليس عليها رقابة كافية تضمن حسن سير العمل بها، كما يجب متابعة أي لوط من التقاوي يتم رفضه كتقاوي غير صالحة للتوزيع، فهل يتم إعادة فحصه أم يتم بيعه تجاريا في الأسواق بعيدا عن الرقابة.
وأضاف: فضلا عن التأكد أن تقاوي الأساس التي زراعتها للحصول على تقاوي معتمدة كلها نقية ولم يتم خلطها بكميات من السوق والفلاحين ودخولها لمحطات الغربلة ضمن تقاوي الأساس، والتأكد من عملية التفتيش الحقلي من قبل إدارة فحص واعتماد التقاوي على أكمل وجه لتقييم هذه الأصناف ونقاوتها وسلامتها، فضلا عن التأكد من دخول الكميات الناتجة من التقاوي يتم استلامها بطريقة سليمة وصحيحة ولايوجد هناك تلاعب في الكميات.
واختتم الدكتور إبراهيم درويش وكيل كلية الزراعة بجامعة المنوفية حديثة قائلا: كما يجب إحكام الرقابة على محلات وتجار التقاوي، وكذلك شركات القطاع الخاص التي تعطش الأسواق الآن رغبة في ارتفاع الأسعار، والعمل على توفير أعداد من المرشدين الزراعيين لإحكام الرقابة ومنحهم كل الصلاحيات التي تمكنهم من تحقيق هذه المهمة الجليلة التي تضمن حماية المزارعين وتقليل تكاليف الإنتاج والحفاظ على جودة الأصناف وزيادة الإنتاجية التي يسعى إليها الجميع.