قال الكاتب والمفكر حسن إسميك، إنه بحسب ما يوضحه حدث الأولمبياد الشتوي ببكين، يؤكد سعي الصين وروسيا وحلفاؤهما اليوم، إلى تمتين منظومة تحالف شرقي متكامل مقابل حالة القلق والتوتر التي تجتاح الغرب كاملاً منذ مطلع العام.
وأشار إلى أن الصين لا تبدو غافلة عن تعزيز مبادرة "الحزام والطريق" خاصتها، والتي تتضمن إقامة مشاريع بتريليون دولار لتحسين العلاقات التجارية الصينية عبر العالم؛ وقد انضمت الأرجنتين إلى هذا المبادرة من خلال توقيع اتفاقيات اقتصادية على هامش الأولمبياد.
بينما الرئيس الروسي بوتين، حرص على الحضور شخصياً رغم التوتر القائم والمتصاعد في الملف الأوكراني (وعادة ما يختار الرؤساء عدم مغادرة بلادهم في مثل هذه الحالات)، ونقلت تقارير إخبارية أنه وقع نحو 15 اتفاقية مع الصين خلال هذه الزيارة، وأعلنت الصين وروسيا عن شراكة استراتيجية عميقة لتحقيق التوازن مع ما تصفه بـ "التأثير العالمي الخبيث للولايات المتحدة".
وأكّد البيان المشترك الروسي الصيني؛ أيضا أن علاقتهما في ظل الاتفاقية "اللامحدودة" قد تفوقت على أي تحالف سياسي أو عسكري في حقبة الحرب الباردة، وأن "الصداقة بين الدولتين ليس لها حدود، ولا توجد مجالات تعاون محظورة"، في إشارة واضحة إلى خطط تعاون تشمل جميع المجالات بما في ذلك الفضاء وتغير المناخ والذكاء الاصطناعي والتحكم في الإنترنت.
وشدد إسميك، على أن الصين وروسيا تبدو واضحتين وحازمتين وعازمتين على العمل معا، ليس ضد الولايات المتحدة فحسب، بل وأكثر من نصف المجتمع الدولي أيضاً، ولقد صار واضحاً توجه موسكو وبكين لبناء نظام دولي جديد قائم على تفسيراتهما الخاصة لكل القضايا ورؤيتهما للملفات الدولية.
وأكد إسميك، أن التحالف الصيني الروسي يثير "رهبة" لدى الحكومات الغربية، وتتجلى هذه الرهبة على سبيل المثال لا الحصر في بعض التصريحات المرتبطة بالأولمبياد، والتي أشدها غرابة دعوة رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، الرياضيين الأمريكيين إلى عدم المخاطرة بـ "إغضاب بكين" من خلال التحدث علنا عن حقوق الإنسان؛ وتتزايد هذه الحالة عند غير الأمريكيين إذ يقول ماكنتوش روس، الأستاذ المساعد في جامعة ويسترن وأحد أكاديميي المركز الدولي للدراسات الأولمبية: «نحن مرتبطون بالصين بشدة. بطريقة لم نكن مرتبطين بها بالاتحاد السوفيتي.. إن هذا يعقد الأمور بالتأكيد عندما يحين وقت اتخاذ الحكومة قراراً بشأن مقاطعة يمكن أن يكون لها عواقب اقتصادية واسعة النطاق إذا لم يتم بشكل صحيح».
ونوه بأنَّ المقاطعة الغربية لدورة الصين لا تعني الشيء الكثير، ولن تؤثر على استمرار سياسات بكين في الداخل والخارج. ومع أن رسالة الغرب قد وصلت، لكنها خجولة وضعيفة وتكاد تكون استسلامية، وستؤدي غالباً إلى تأثير معاكس لهدفها. وعلى العكس منها جاءت رسائل التحالف المقابل (روسيا والصين ومعهم إيران) واضحة صريحة ومدوية، ومن الطبيعي أن يخرج بلينكن وزير الخارجية الأمريكي ليقول إن دعم الصين بشكل علني لروسيا في قضية أوكرانيا أمر "مقلق جداً"، وعليه في الوقت نفسه أن يعرف أن استمرار بلاده في سياساتها الانكفائية الحالية لن يؤدي إلا إلى تحقيق دوافع هذا القلق.
أضاف إسميك، أن الحلف المواجه لأمريكا يستفيد من كل ما يحدث في العالم وعلى كافة الصعد، وستصب هذه المناسبة الرياضية الصينية في مصلحة روسيا، وسيظهر ذلك في مشكلتها الحالية مع أوكرانياـ وستدعم قوتها إلى حد يضع أمريكا والغرب في موقف صعب ومحرج، خاصة عندما سيصّعد بوتين أكثر بقضم مساحات واسعة من غرب أوكرانيا، ليضمها إلى بلاده ويكرر مرة ثانية وأمام أنظار المجتمع الدولي –المحب للرياضة– ما فعله في القرم.