عشر سنوات من الحرب الباردة.. نكشف خط سير أحداث الأزمة الروسية الأوكرانية

الاربعاء 02 فبراير 2022 | 11:50 صباحاً
كتب : بلدنا اليوم

كتب: إبراهيم محمد

يرى الكثير من المحللين أن حرباً تلوح في الأفق وذلك مع استمرار تعبئة القوات الروسية لجنودها على الحدود الأوكرانية وتسارع وتيرة الأحداث والأخبار في ما يخص الخلاف الروسي الأوكراني، ولاسيما مع تهافت دول حلف الناتو في إرسال الدعم العسكري للعاصمة كييف، والتصعيد الدبلوماسي غير المسبوق بطرد السفراء والدبلوماسيين، ولكن حتى لا تضيع التفاصيل نستعرض لكم أهم ما جاء في ملف الأزمة الأوكرانية منذ اندلاع تظاهرات 2013.

احتجاجات الميدان الأوروبي

21 نوفمبر 2013

توجهت حشود غاضبة إلى ميدان الاستقلال وسط العاصمة كييف للتعبير عن غضبهم في فشل إتمام اتفاقية الشراكة الانتسابية للتجارة الحرة مع الإتحاد الأوروبي، ذلك الاتفاق الذي سيسمح برفع بعض الأعباء عن كاهل الإقتصاد الأوكراني ويعيد إنعاش السوق الداخلية ويُخفض من نسب البطالة كما أنه سيسمح ببدأ إصلاحات صندوق النقد ويُعيد للبلاد استقلالها عن الدب الروسي كما يرى المؤدين لتلك التظاهرات.

يرى المتابعون للشأن الأوكراني أن سياسات الرئيس فيكتور يانكوفيتش كانت مستفزة للاقتصاد الداخلي، فلقد فشل في إتمام شراكة التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي ومن جهة أخرى توجه للاقتراض من روسيا الإتحادية، لم يخلق يانكوفيتش التوازن الدبلوماسي والسياسي المطلوب لإمتصاص الغضب الداخلي في ما يتعلق بميوله للروس، فلقد صرح سابقًا عن رغبته جعل اللغة الروسية هي اللغة الرسمية الثانية للدولة، وهي تصريحات لها صداها في الشارع الأوكراني الذي يحتضن 15% من الأقلية الروسية.

صرح بوتين في ذلك الوقت واصفًا التظاهرات بأنها تجهيزٌ لمجزرة وأنها تظهر بشكل منظم مما يدل على أنها مدبرة من الخارج وتقف أمام استقرار أوكرانيا والشرعية القائمة.

ثورة الكرامة الأوكرانية

فبراير 2014

انتشرت الإحتجاجات لتشمل جميع أنحاء أوكرانيا وبدأت المنصات الإخبارية الغربية في وصف تلك التظاهرات بالثورة، وانتشرت معها مظاهر الإعتصامات، كما أنها اكتسبت شعبية وتأييداً دولياً مع بدأ الاشتباكات مع الشرطة الأوكرانية، في البداية استخدمت الشرطة الذخيرة المطاطية ولكن سرعان ما تصاعدت حدة الاشتباكات وبدأت قوات الأمن الداخلية في إستخدام الرصاص الحي ليبدأ العد التنازلي لعزل الرئيس الأوكراني.

أدت الاشتباكات المسلحة مع الشرطة إلى إجتماع البرلمان الأوكراني وإصدار عدة قرارات كان منها عزل وزير الداخلية وتحديد شهر مايو للإنتخابات الرئاسية ووقف العمل بالدستور.

وفي 22 من فبراير صوتت الأغلبية من البرلمان على عزل الرئيس يانكوفيتش الذي وصف تلك التحركات بالإنقلاب بعدما وصل منفاه في روسيا.

روس شبه جزيرة القرم

مارس 2014

قررت موسكو التحرك سريعاً وأخذ خطوات استباقية جريئة، يقول مراقبون أن القوات الأمنية المسلحة التي وُجدت في شبه جزيرة القرم قبل وأثناء الإستفتاء على استقلالها عن أوكرانيا كانت قواتً روسية، شبه جزيرة القرم هي إقليم يقع في جنوب أكرانيا تسكنه أغلبية روسية.

وجه سيرجي أكسينوف النائب داخل المجلس الأعلى لإقليم القرم دعوة لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي للرقابة على الإستفتاء داخل إقليم القرم، الأمر الذي سيضمن شفافية الإستفتاء ويقضي على كل الشكوك حول تدخل أية قوى خارجية في سير عملية الإستقلال عن أوكرانيا، في المقابل رفض الإتحاد الأوروبي الدعوة واصفًا إياها بغير الرسمية وسرعان ما أعلن رئيس منظمة الأمن والتعاون الأوروبي أن إستفتاء الإستقلال ليس شرعياً ولا دستورياً.

أجريت عملية الإقتراع لتنتهي بنسبة موافقة بلغت 96,77%.

حرب الإستقلال عن أوكرانيا

أبريل 2014

نفت الحكومة الروسية أية علاقة رسمية ومباشرة مع الانفصاليين في إقليم دونيتسك شرق أوكرانيا، القوات الإنفصالية المدججة بالسلاح يعلنون أنهم لن يتوقفوا عن أنشطتهم المزعزعة للأمن حتى تتوقف الحكومة الغير شرعية في كييف وتستقيل.

تحليل الغرب للموقف الأوكراني في تلك الفترة أن الروس يتحركون على كافة الأصعدة، في القرم التحرك القانوني والدبلوماسي بإجراء استفتاء الإستقلال وفي الشرق تحركات عسكرية انفصالية في إقليم دونباس شرق أوكرانيا.

جمهورية دونيتسك الشعبية

نوفمبر 2014

يصعد الملف الأوكراني لدائرة النقاش ثم تهدأ الأحداث ولكن سرعان ما تعود مجدداً حتى يتم الإعلان عن استقلال دونيتسك بشكل فردي عن أوكرانيا وبشكل عسكري، مادفع بعض الدول باتخاذ مواقف عدائية ضد روسيا كان منها كندا التي قامت بفرض عقوبات اقتصادية ضد سياسيين روس تدخلوا في ضم روسيا لإقليم القرم وتعاونوا مع الجماعات الانفصالية في إقليم دونباس، لترد روسيا بعدها بالمثل وتمن دخول مسؤولين كنديين ومحققين الأراضي الروسية كانت من بينهم نائبة رئيس الوزراء الكندي.

كندا تتدخل بشكل مباشر

سبتمبر 2015

كندا تقرر بدأ عملية إعادة تأهيل ومساعدة القوات الأوكرانية والتي ستستمر حتى 2025، وتتضمن هذه العملية إرسال قوات كندية (200 جندي) كل 6 أشهر للمساعدة في حفظ الأمن داخل أوكرانيا وضمان الديمقراطية ووصول المساعدات الإنسانية والإقتصادية، كما تهدف إلى إعادة تأهيل وتدريب العناصر العسكرية الأوكرانية لمواجهة أي مخاطر غزو محتملة، في تلك الأثناء استمر التصعيد الدبلوماسي بين روسيا وكندا وتضمن ذلك المزيد من العقوبات على دبلوماسيين روس وأوكران.

أوكرانيا قد يُنقذها مُهرج

يوليو 2016

أُختير فلاديمير زيلنسكي رئيسا لأوكرانيا في الإنتخابات الرئاسية خلفاً للملياردير بيترو بوروشينكو، إستطاع المخرج والمسرحي الكوميدي أن ينال أصوات الناخبين شرق وغرب وأوكرانيا، ولم تُفلح شعارات ونداءات بوروشينكو القومية للم الشمل الأوكراني، كان التركيز الأكبر لحملة زيلنسكي على إحياء التعاون مع الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لمعالجة المشكلات الاقتصادية للبلاد، اكتسب زيلنسكي دعماً شعبياً في شرق أوكرانيا المنقسم بسبب الانفصاليين كما أنه اعتبر في ذلك الوقت حليفاً للولايات المتحدة ويعمل ضد المصالح الروسية في أوكرانيا.

الانتخابات الأمريكية

سبتمبر 2019

جمّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساعدات بقيمة 400 مليون دولار لإكراه الرئيس الأوكراني زيلنسكي على الموافقة لإجراء تحقيقات فساد تخص استثمارات لعائلة بايدن داخل أوكرانيا، في ذلك الوقت كانت تجهز الولايات المتحدة لإجراء الإنتخابات الرئاسية، وبدأ الصدام سريعاً ليطال هانتر بايدن إبن نائب الرئيس الأمريكي ومرشح رئاسة الولايات المتحدة جو بايدن، وقد شغل هانتر منصباً إدارياً في Burisma للغاز في الفترة بين 2014 لـ2019 وادعى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أن هانتر استغل سلطات والده ونفوذه لإتمام صفقات مشبوهة وطالب بإجراء تحقيقات واسعة في الفترة بين عامي 2014 و 2019.

فتحت تلك الخلافات زوايا أخرى للنظر على الملف الأوكراني وملف الطاقة في الإتحاد الأوروبي، ففي تلك الأثناء بدأت الخلافات تتصاعد بشأن خط أنابيب الشمال نورثستريم بين روسيا وألمانيا، وبدأت تظهر الطموحات الألمانية الفرنسية للإستقلال عن الولايات المتحدة ومحاولة فرض النفوذ لاسيما بعد خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي وتقارب تركيا من روسيا على غير رغبة من الولايات المتحدة، بدأت الخيوط المتشابكة تصبح أكثر وضوحاً مع الوقت وبدأت الانقسامات داخل الناتو.

القوات الروسية تبدأ بالتحرك

نوفمبر 2021

أظهرت صور الأقمار الصناعية تحرك معدات عسكرية وقوات روسية ضخمة من الحدود الأوكرانية، وأعلن متحدث البنتاجون عن تقارير تشير بأنشطة عسكرية غير معتادة لروسيا على الحدود مع أوكرانيا، وأظهرت المقاطع والصور معدات روسية تضمنت مدافع ذاتية الحركة ودبابات وعربات نقل مشاة في مواقع تدريب على بُعد 300 كيلو متر من الحدود الأوكرانية.

بادرت الحكومة الأوكرانية سريعاً في إطلاق التصريحات لحشد الدعم الدولي ومحاولة إستباق الأحداث، فلقد أعلن وزير الدفاع الأوكراني بأن موسكو تمارس عملية نقل وتكديس المُعدات العسكرية قريباً من دول الجوار لزعزعة استقرار تلك الدول وإستخدام تلك التهديدات في التفاوض السياسي.

ردت روسيا على تلك التصريحات بأنها كانت تتواجد في تلك المواقع من قبل، من جانب آخر ظهرت تصريحات دبلوماسية روسية تستنكر إتجاه الأوكرانيين إلى شراء معدات عسكرية من دول حلف الناتو، فلقد توجهت كييف لشراء طائرات مسيرة من أنقرة "بيرقدار" الأمر الذي أغضب موسكو بالتحديد بعدما تم استخدامها لأول مرة في أكتوبر 2021 في منطقة النزاعات بإقليم دونباس.

العقوبات الأمريكية

7 ديسمبر 2021

عبّر الرئيس الأمريكي جو بايدن عن مخاوفه من اجتياح محتمل لأوكرانيا ذلك في مكالمة هاتفية إستغرقت ساعتين مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأضاف خلال المكالمة أن تغليظ العقوبات الإقتصادية سيجعل من غزو أوكرانيا أمراً صعباً.

وأعلن بوتين في المقابل أن التقارب الأوكراني من حلف الناتو ومحاولة الإنضمام إليه أمراً مرفوضاً ويهدد الأمن القومي الروسي، وأراد بوتين أثناء المكالمة أخذ تأكيدات وضمانات من بايدن بشأن عدم ضم أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي الأمر الذي قوبل بتصريحات الدبلوماسيين من دول حلف الناتو أنه لا يبشر ببداية جيدة.

صرح في ذلك السياق جيك سوليفان مستشار الأمن القومي أن الولايات المتحدة والناتو سيستمران في إرسال الدعم العسكري لأوكرانيا رداً على التصعيد الروسي على الحدود الأوكرانية، وأضاف أن أي غزو روسي لأوكرانيا سيوقف كافة الأنشطة الروسية في أوروبا بما فيها التعاون مع ألمانيا في ملف خط الطاقة الروسي نورثستريم.

المشهد العام حتى الآن

تشهد منطقة دونباس شرق أوكرانيا صراعات مسلحة بين الانفصاليين والقوات الأوكرانية بشكلٍ دائم.

مازالت شبه جزيرة القرم تحت الحكم الذاتي وتتبع روسيا الإتحادية بشكل غير رسمي

العقوبات الاقتصادية على روسيا منذ بداية الأزمة دفعت إلى تقارب روسي صيني وتعاون غير مسبوق بين البلدين حذر منه هينري كيسنجر.

مع بدأ مشروع نورثستريم للغاز بين ألمانيا وروسيا توالت العقوبات الإقتصادية على ألمانيا، مما دفع الأخيرة إلى تقارب حذر مع الروس فيما يخص الملف الأوكراني.

تلقت أوكرانيا مساعدات مالية ضخمة منذ بداية الأزمة وصلت أعلى نقطة عام 2016 بقيمة مالية 1.6 مليار دولار.

90 طناً من المعدات العسكرية الأمريكية وصلت إلى أوكرانيا مع زيادة حدة التوترات بين الناتو وروسيا.

ألمانيا ترى أن إرسال المعدات العسكرية إلى كييف سيزيد الوضع سوءاً، وعوضاً عن ذلك تتجه برلين إلى إرسال مستشفيات ميدانية وخوذ للرأس.