منذ خمسينيات القرن الماضي حاولت إثيوبيا بناء السدود على النيل، وفشلت مرات عدة، ولكن كيف تعاملت القيادات المصرية معها؟
في عام 1953 وفي عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، قررت إثيوبيا إنشاء سد على النيل لتوليد الكهرباء وكان عبد الناصر يدعم إثيوبيا سياسياً واقتصادياً، فأرسل رسالة إلى هيلاسلاسي " النيل يعني مصر" وباسم مصر ورئيسها وجيشها العظيم نطالبكم بوقف أعمال البناء فوراً، فتخلت إثيوبيا عن فكرة السد.
وفي عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وصلت إلى مصر نية إثيوبيا بناء سدود على النيل فلوح لأول مرة باستخدام القوة " إذا عملت إثيوبيا أي شئ يعوق وصول حقنا بالماء كاملأ فلا سبيل إلا استخدام القوة" .
في عام 1992 وفي عهد الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك، تعقدت العلاقة بين البلدين عقب محاولة اعتيال مبارك في أديس أبابا، في 2009 زاد التوتر عندما طلبت إثيوبيا من شركة أيطالية تصميم وتنفيذ سد النهضة، وبعد عام وقعت إثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا ورواندا " اتفاقية عنتيبي" لإعادة تقسيم المياه، في غياب مصر والسودان ما أغضب مبارك كثيراً، وقال" كان عندي أيامها طائرات توبولوف أقدر أضرب السد أخلص عليه في طلقة واحدة".
وزعمت ويكيليكس أن البشير وافق على السماح لمصر ببناء قاعدة جوية فى السودان، لاستخدامها للهجوم على السدود إذا لزم الأمر، وباشرت أديس أبابا عمليات بناء السد.
في مايو 2013 قرر مناقشة الردود مع القوى السياسية المصرية بخصوص أزمة سد النهضة ووقعت فضيحة على الهواء إذ نوقشت سيناريوهات استخباراتية لضرب السد، لم يعلم الحضور أنها كانت تبث مباشرة.
في عام 2014 وفي عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، تشكلت لجنة ثلاثية " مصرية- سودانية- إثيوبية" 2015 ووقع زعماء الدول الثلاثة " أعلان مبادئ سد النهضة" 2017 أعلنت إثيوبيا انها أنهت 60 % من اعمال البناء فاستئنفت المفاوضات حتى نوفمبر 2017 عندما اعلن فشلها مجدداً.
في صيف 2018 زار رئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد القاهرة وأكد التزام إثيوبيا بضمان حصة مصر من مياه النيل، لكن ذلك لم يلزم إثيوبيا وأعلنت القاهرة في أكتوبر 2019 فشلاً جديداً في المفاوضات وطلبت تدخل طرف ثالث للتغلب على الجمود، وظل التعنت الإثيوبي مستمر حتى إعلان إثيوبيا عن بدء الملء الثاني للسد بشكل آحادي ومنفرد دون الرجوع إلى الدول الأخري وهو الأمر الذي سيزيد التوتر الفترة القادمة.