العديد من الأشخاص لا يحب مشاهدة أفلام الرعب، ويرجع ذلك إلى أسباب نفسية تجعل العقل يبتعد عن مثل هذه النوعية من الأفلام، لكن مؤخرا كشفت دراسة جديدة أنها تتلاعب بالنشاط في المخ لتعزيز الإثارة، حيث قام فريق من العلماء الفنلنديين برصد النشاط العصبي للمشاركين في الدراسة أثناء مشاهدتهم فيلم رعب.
ووفقا لما نشرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، أظهر المشاركون في الدراسة، التي أجريت في مختبر أنظمة العاطفة البشرية في جامعة توركو، أن المخ يتوقع باستمرار اتخاذ إجراءات رد فعل تجاه التهديدات بطريقتين مختلفتين، ويتم تشغيل مناطق الدماغ، التي تشارك في الإدراك البصري والسمعي، خلال لحظات الأحداث المفاجئة، مما يتيح رد فعل سريع لتخفيف حدة الخطر.
متابعة جماعية:
أكدت الدراسة أن هناك مناطق معينة بالمخ تنشط بشكل متزايد خلال مشاهد الفزع الوشيك مع زيادة القلق ببطء، بما يجعل المخ في "حالة تأهب دائمة".
وكشفت نتائج الدراسة أيضا أن أقوى رد فعل للرعب يحدث نتيجة للتصور الضمني أو المتخيل بما يزيد عما يشاهده المتفرج بالفعل على الشاشة.
وفي صدد ذلك، قال دكتور ماثيو هدسون، علم نفس جامعة توركو في فنلندا: "تشجع مشاهدة أفلام الرعب على التواصل الاجتماعي، حيث يفضل الكثيرون مشاهدة أفلام الرعب مع الآخرين بدلاً من متابعتها منفردين".
وقام 37 مشاركا متطوعًا في الدراسة بمشاهدة فيلمي رعب، بينما كان يقوم فريق العلماء بقياس نشاط عقولهم باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي fMRI، والذي يقيس نشاط الدماغ من خلال اكتشاف التغييرات المرتبطة بتدفق الدم.
تجربة جذابة:
وقال دكتور هدسون: "إن مشاهدة أفلام الرعب داخل أنبوب التصوير بالرنين المغناطيسي هي تجربة جذابة للغاية، حيث يتم عرض الفيلم عبر نظارات واقية أمام العينين فقط. وتسمح تلك التجربة بعمل نماذج لرد فعل المخ خلال حالات الخوف الحاد والمستدام".
وأشار دكتور هدسون إلى أن "الخوف الشديد أو الصدمات المفاجئة تؤدي لزيادة النشاط في الدماغ والمهاد واللوزة المخية والقشرية الحبيبية، في حين أن التشويق المستمر يؤدى إلى مضاعفة ردود الفعل الحسية"، مضيفًا أن النتائج كانت متشابهة لكلا الفيلمين.
كما أضاف: "تشير هذه البيانات إلى وجود ارتباط ديناميكي بين دوائر البقاء على قيد الحياة المختلفة في المخ اعتمادًا على قرب الخوف".
رهبة مدهشة:
هذا ويعتمد سيناريو وحبكة أفلام الحركة والإثارة، التي يدور معظمها حول شكل خفيف من التهديد لسلامة أو سعادة أبطال الفيلم، عن سيناريوهات أفلام الرعب التي تركن إلى أسلوب النبرة العالية من خلال تضمين تهديدات خارقة للطبيعة أو للقدرات البشرية، يصعب تبريرها ولا يمكن توقعها.
إلى ذلك، قال فريق العلماء، الذين نشروا أبحاثهم في دورية NeuroImage، إنه لا يوجد اختلاف كبير في رد فعل الدماغ أثناء مشاهدة أفلام الرعب، حيث إن دماغ المتفرج تتنبأ باستمرار وتجهزه تلقائيا لرد فعل على التهديد، وهو الأمر الذي يستغله مخرجو أفلام الرعب بخبرة لتعزيز حماسة الجمهور.
وقال بروفيسور لوري نومينما، الباحث الرئيسي في الدراسة إنها تعتمد على تلك "الرهبة المدهشة، التي تحدث عندما يشعر المرء أن هناك شيئاً ما غير صحيح بالإضافة إلى رد الفعل الغريزي، الذي يحدث عند الظهور المفاجئ للوحش، وهي العناصر التي تجعل المتفرج ربما يصرخ مشدوها أو يقشعر خوفا وإثارة".