هربًا من غلاء أسعار الكشوفات، ولتجنب المبالغة في زيادة أصناف الأدوية التي يتم كتابتها في الروشتة العلاجية، لجأ نسبة كبيرة من المواطنين إلى الدكتور الصيدلي، لتشخيص المرض وصرف دواء سريع لتسكين الألم، ولكن هل الصيدلي يمكنه أن يشخص المريض التشخيص المناسب، كما أنه يمكنه تحديد العلاج الأمثل للمريض، ورغم أن الإجابة " لا" إلى أن الأمر أصبح ثقافة مجتمع، أدت إلى العديد من الكوارث متمثلة في زيادة مضاعفات المرض لدى البعض، ووصل الأمر إلى حد الوفاة عند بعض الحالات.
ورغم أن قانون مزاولة مهنة الطب يحظر قيام غير الأطباء بالكشف والعلاج وتقديم الوصفة الطبية للمريض، إلى أن الصيادلة يقوموا بصرف العلاج للمرضى بدون روشتة علاجية وهو ما يؤدي إلى العديد من المضافعات التي قد تصل للموت.
جريمة يعاقب عليها القانون
الدكتور خالد سمير، عضو مجلس نقابة الأطباء السابق، قال إن دور الصيدلي هو صرف ما يصفه الطبيب من أدوية وتحديد مفعول كل دواء ، كما أن مهمته تتمثل في تركيبات الأدوية وتحديد المواد الفعالة، ونوع الأدوية المسموح بتركيبها، واصفا ما يحدث في مصر من وصف وصرف الصيادلة للمرضى الأدوية داخل الصيدليات بأنها "فوضى" فالدواء لايصرف إلا بوصفة طبية ، من طبيب أو صيدلي حاصل على شهادة الطب و مرخص له ممارسة المهنة .
وأضاف عضو المجلس، في تصريح خاص، أن عدد الصيادلة الحاصلين على تراخيص مزاولة مهنة الطب لايتجاوز الثلاثة، مشيًرا إلى أن ما يحدث من تشخيص الصيادلة للمرض ووصف العلاج بأنه جريمة، استغلال لفقر الناس وينتج عنه يوميا وفاة العشرات من المواطنين.
ولفت أن انتحال صفة طبيب جريمة عقوبتها الحبس عامين، في ظل غياب رقابة وزارة الصحة، مما جعل الأمور تزداد سوا، منوها إلى أن الأدوية المسموح بصرفها داخل الصيدليات حوالي 145 نوع لها أسماء تجارية ما بين المسكنات وأدوية أخرى، ولكن لا يوجد أي دواء آخر مسموح للصيدلي صرفه إلا بروشتة علاجية.
ونوه "سمير" أنه في حال تعرض المواطن لأزمة صحية، مهما كانت الظروف عليه أن يتوجه إلى أقرب طبيب أو قسم طوارئ بالمستشفى، مضيفا أن نحو 80% من المواطنين يتلقوا علاجهم داخل الصيدليات التي يعمل بها أشخاص ليسوا خريجي كليات صيدلة.
وأوضح أن المادة الأولى من قانون مزاولة مهنة الطب، تنص على أنه لايجوز لأحد وصف أي دواء وتقديم نصيحة طبية، ويتم حصر ممارسة مهنة الطب على الحاصلين على ترخيص بمزاولة مهنة الطب بعد الحصول على بكالريوس الطب والجراحة.
طرق صرف الأدوية
ويوضح الدكتور على عوف، رئيس شعبة الأدوية بالغرفة التجارية، أن الدواء في مصر يتم صرفه، من خلال طريقتان بروشتة علاجية، أو بأسماء تجارية، فإذا كان الاسم التجاري لدى الصيدلي يقوم بصرفه، مشيرا إلى أن هذا النظام العالم أقره، فالأدوية التي لا تحتاج إلى روشتات، مسموح بها ، ففي أمريكا تصرف من خلال السوبر ماركت وليس الصيدليات فقط.
وأضاف "عوف" في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم"، أن المريض إذا كان يعاني من أمراض مستعصية ضغط ، سكر ، صرع، زيادة نسب الكوليسترول، فإن الصيدلي، ملتزم بما يتم كتابته في الروشتة، وغير مسموح له صرف دواء دون الرجوع للطبيب، فإذا صرف الصيدلي للمريض حقنه دون الرجوع إلى الطبيب يسأل في ذلك.
وأشار أن صرف الدواء من خلال الصيدليات أصبح ثقافة مجتمع، نظرا لارتفاع أسعار الكشوفات داخل العيادات، وزيادة أسعار الأدوية، منوها إلى أن هناك علم الصيدلة الإكلينكية، خاص بصرف الدواء، وبدأت مصر تطبقه، ومن خلاله يكون الصيدلي بجانب الطبيب والتمريض في المستشفيات، فالطبيب يشخص المرض، والطبيب والصيدلي، يحددوا الدواء المناسب، والصيدلي منفردًا يحدد الجرعة، وبالتالي فإن المريض يأخد الجرعة المناسبة من الدواء، وبكميات قليلة وهو ما يوفر للدولة مليارات الجنيهات.
قواعد صرف المضادات الحيوية
يؤكد الدكتور جلال غراب، رئيس الشركة القابضة للأدوية، سابقا وأستاذ علم الأدوية والرقابة الدوائية، أن المضادات الحيوية، في دول الخارج يمنع صرفها إلا وفقا لتحاليل طبية مرفقة ، مشيرا إلى أن صرف المريض للمضادات الحيوية لايجب أن يتم إلا من خلال روشتة علاجية ، ورغم ذلك هناك إسراف في صرفها داخل الصيدليات.
وأرجع رئيس الشركة القابضة في تصريح خاص، سبب لجوء المواطنين إلى صرف العلاج من الصيدليات إلى ارتفاع أسعار الكشف داخل العيادات الخاصة والتي قد تصل إلى 200 و300 جنيه، والمستوصفات الطبية التي يصل سعر الكشف بها 50 جنيه، كما أن ارتفاع أسعار الدواء جعل المريض لايصرف الروشتة العلاجية كاملة ويكتفي بصنف واحد من الدواء.
وأشار أن الاتجاه الصحيح الذي يجب أن يكون متبع هو أن الصيدلي يقوم بكتابة الروشتة العلاجية، وليس الطبيب، فالطبيب دوره التشخيص ، منوها إلى أنه نظام متبع في كبرى المستشفيات، فالعلاج داخل مستشفى الأورام 57 يتم كتابته وفقا لصيدلي وليس طبيب.