المكان آمن للغاية، حيث وضعت الخطة بدقة عالية، ثلاثة شباب أعدوا العُدة وعقدوا العزم على التخلص من صديقهم في تلك المنطقة المظلمة التي لا يمر فيها أحدًا، وعلى الجانب الأخر شاب يجلس جامعًا يديه إلى ساقة ومقيدًا لا يستطيع التحرك، بينما ينقض عليه الأخر ضربًا ليتخلص منه، وغيرهم من المشاهد المأساوية، التي نفذها مجرمين على أمل أن هذا الظلام سيسترهم، ولكن لم يضعوا في حسبانهم أن هناك مجندًا خافيًا وثق هذه اللحظات المريرة التي فعلوها.
على غرار واقعة تلبانة المثيرة للجدل قبل أيام، وواقعة المنوفية في قضية "ضحية الشهامة" يرصد "بلدنا اليوم" عددًا من أبرز القضايا التي لولا كاميرات المراقبة، لاحتارت الأجهزة الأمنية في فك لغزها.
واقعة تلبانة في الدقهلية
آخر هذه القضايا المثيرة للجدل، كانت الجريمة التي احتضنتها منطقة تلبانة في محافظة الدقهلية، حيث استيقظ أهلها على سماع لهيب النيران في منزل سيدة، لاتهامها بقتل شاب، وحتى يشفي غليلهم منعوا سيارات الإطفاء من السيطرة على الحريق.
اللواء فاضل عمار، مدير أمن الدقهلية، تلقى بلاغًا بالواقعة يفيد العثور على جثة شاب بالقرب من أحد المصارف، وقيام الأهالي بإشعال النيران في منزل سيدة اتهموها وبناتها بقتله.
وعلى الفور بدأت المباحث تحرياتها التي أكدت أن المتوفى يدعى أحمد المتولي إبراهيم، 20 عاما، واقتحم الأهالي منزل سيدة تدعى "فادية"، ووجدوا 4 سيدات بالمنزل وقت الواقعة.
وتمكنت الأجهزة الأمنية من القبض على المتهمة، وجرى احتجازها بمركز شرطة المنصورة، حيث أكدت التحقيقات مع الشهود العيان إن المتهمة تستخدم منزلها فى أعمال منافية للآداب واحتجزت الشاب أحمد المتولي إبراهيم، 19 عاما، وشقيقه محمد 20 عاما، بمنزلها لعدة أيام مقيدين تعرضوا خلالها للضرب والتعذيب، من خلال أحد الشباب العاملين تحت إمرتها، وجرى تصوير الواقعة.
وأوضح الشهود أن الأهالي عثروا اليوم على جثة الشاب واعترف شقيقه بما تعرضوا له من الضرب والتعذيب بمنزل المتهمة، حيث وثقة كاميرا مراقبة كانت في المكان التعذيب الذي تلقاه الشاب وشقيقه على يد آخر.
شهيد الشهامة في المنوفية
كاميرات المراقبة بمدينة تلا بالمنوفية قامت بدورًا يحفظ لها، حيث وفرة على الأجهزة الأمنية البحث في هذه القضية، بتسجيلها للحظات اعتداء 3 أشخاص على رأسهم "محمد أشرف راجح" المتهم الرئيسي، وإسلام عواد 17 عامًا، ومصطفى محمد 17 عامًا و"إسلام.أ.أ"،17 سنة، على "محمود محمد البنا"، 17 سنة، طالب بمدرسة السادات الثانوية بمدينة تلا، وذلك بعد تصديه لقيام المتهم الأول بالتحرش بفتاة، وظهور ذلك أيضا في تسجيلات كاميرات المراقبة.
وأمر النائب العام المستشار حمادة الصاوي بإحالة محمد أشرف راجح و3 آخرين "محبوسين"، إلى محاكمة جنائية عاجلة لاتهامهم بقتل محمود محمد سعيد البنا عمدا مع سبق الإصرار والترصد في القضية رقم 14568 جنح تلا / المنوفية لسنة 2019.
سحل شاب في بولاق والكاميرا تكشف المستور
القضيتان السابقتان كانت الكاميرات وثقتهم على حين غرة، ولكن هذه الجريمة علم المتهمين بوجود الكاميرات ولكن لم يعيروا لها اهتمامًا، حيث منطقة بولاق الدكرور التي احتضنت هي الآخرى جريمة قتل بشعة كان أبطالها عدد كبير من المتهمين الذين سحلوا شابا في الشارع بعد تجريده من ملابسه ثم قتلوه ومثلوا بجثته، لتتمكن المباحث والجهات القضائية من تحديد هوية المتهمين بارتكاب الجريمة، من خلال كاميرات وثقت وسجلت تفاصيل الجريمة بالصوت والصورة.
النيابة العامة قررت حبس 7 متهمين في واقعة قتل وسحل الشاب " زين " ووجهت النيابة لهم تهمة القتل العمد، والبلطجة وحيازة سلاح أبيض، وذلك في الواقعة التي شهدها شارع الثلاجة بصفط اللبن بمنطقة بولاق الدكرور، غرب محافظة الجيزة.
وكانت نيابة بولاق الدكرور، تحت إشراف المستشار حاتم فاضل المحامي العام الأول لنيابات جنوب الجيزة، حبس 3 متهمين جدد في واقعة قتل وسحل والتمثيل بجثة الشاب زين العابدين في منطقة صفط اللبن، لمدة 15 يوما على ذمة التحقيقات، ليرتفع عدد المتهمين المحبوسين إلى 7 متهمين، وقررت النيابة ضبط وإحضار 3 متهمين جدد لتضم اوراق القضة 11 متهما تم تحديدهم من خلال مقاطع الفيديو التي سجلت الجريمة.
وأكدت التحقيقات أن المجني عليه أصاب طفلة 4 سنوات تُدعى "دينا" منذ 4 سنوات بطلق ناري في العين، ما تسبّب في إصابتها بالعمى، وتُوفيت عقب الإصابة بعام، بعدما تعرّضت لصعق بالكهرباء أثناء تشغيلها مروحة في "الشقة"، ومنذ وفاة الطفلة ووالدها يبحث عن المتسبّب في إصابتها للانتقام منه، لكن "زين" لم يكن في منزله، حيث كان يقضي عقوبة الحبس 4 سنوات، لاتهامه بالإتجار في المواد المخدّرة، وعقب خروجه من الحبس، ظل هاربًا عدة أشهر، بعد معرفته أن أسرة الطفلة تريد قتله، وكان يتردّد على مقهى لأحد أصدقائه في شارع الثلاجة، حتى تمكن المتهمون من الفتك به، وقتلوه وسحلوه أمام المارة أثناء صلاة الفجر.
ميت سلسبيل وقاتل أطفاله
في القضية التي أثارت جدلًا واسعاً أنذاك، فكت لغزها كاميرات المراقبة بعد تحقيقات موسعة استمر لأسابيع، حيث بدأت بخروج "محمود نظمي" 33 سنة، يصطحب طفليه "ريان ومحمد" في عيد الأضحى قبل الماضي، والتقط صورا لهما، وبعد ساعات، وبالتحديد في الخامسة عصرا، توجه إلى مركز الشرطة وأبلغ باختفائهما.
وجاء في تحريات المباحث أن تفاصيل بلاغ الأب آنذاك عبارة عن "استوقف أحد الأشخاص الأب داخل الملاهي وأقنعه بأنه زميل دراسة له ليلهيه عن الأطفال حتى جرت عملية الخطف"، وعلى الفور، أخطر اللواء محمد حجي مساعد وزير الداخلية ومدير أمن الدقهلية، واللواء محمد شرباش مدير المباحث، وشكل فريق بحث وتحر، لكشف ملابسات الواقعة، وفحص بلاغ الخطف.
بدأ فريق البحث في نشر قواته في مكان الاختفاء للأطفال، وتتبع خطوط السير وبعد مرور 18 ساعة من البحث، عثرت القوات على جثتي الطفلين طافيتين فوق المياه بترعة فارسكور، وانتشلت جثتي الطفلين وبالعرض على النيابة العامة قررت تشريحهما لبيان أسباب الوفاة، وطلبت تحريات المباحث، لتحديد مرتكبي الواقعة، وشيعت القرية جنازة الطفلين، وطالب الأهالي بإعدام خاطفيهما.
عقب مرور 48 ساعة من العثور على جثتي الطفلين وتشييع جثمانيهما، لم تتوقف المباحث عن العمل لكشف ملابسات الواقعة بالكامل والقبض على الجناة، وبدأت في فحص علاقات والد الطفلين، وجاءت روايات مختلفة بشأن وجود خلافات مالية بين الوالد وعدد من تجار الآثار، وأنهم وراء الواقعة، وبدأت القوات بقيادة العميد سيد خشبة، رئيس فرع البحث، وبإشراف العميد أحمد شوقي، رئيس المباحث الجنائية، استكمال البحث والتحري للوقوف على أسباب الواقعة، وإعادة مناقشة الأب بعد ظهور أدلة جديدة تدينه بقتل أطفاله.