تساؤلات عديدة أثيرت بعد موافقة مجلس الوزراء على قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي، الذي تقدمت به وزارة التضامن الاجتماعي، بناء على قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن ضرورة إعادة قانون الجمعيات الأهلية رقم 70 إلى البرلمان مرة أخرى لمراجعته، حول ملامح القانون الجديد، وأهم بنوده، وماهية تلك التعديلات الجديدة من تنظيم آلية عمل الجمعيات الأهلية في المجتمع المصري، وهل سيعطي القانون الحق فى الحرية تكوين الجمعيات؟ ومتي سيتم إقراره، وغيرها من الأسئلة التي تدور في أذهان المهتمين وأصحاب الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني.
وللإجابة على تلك الأسئلة، كان لنا حوارًا مع الدكتور طلعت عبد القوي، رئيس اتحاد الجمعيات الأهلية، ليطلعنا عن كل مايتعلق بقانون ممارسة العمل الأهلي الجديد، الذي جاء بديلًا عن قانون الجمعيات الأهلية رقم 70، وموعد التنفيذ والعمل به على أرض الواقع، مؤكدا أن القانون يحمل في طياته آلية عمل محكمة لتنظيم عمل الجمعيات الأهلية، وأنه كفيل بتحقيق الحريات لمنظمات المجتمع المدني، وإلى نص الحوار..
-ماذا عن قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي؟
في البداية، أريد أن أوضح المراحل التي مر بها القانون، ولماذا تم إدخال التعديلات عليه وتغيير اسمه، في مايو 2017، صدر القانون رقم 70 المنظم لعمل الجمعيات الاهلية بديلا للقانون رقم 84 لسنة 2002 ولكنه فرض قيودًا صارمة على أنشطة الجمعيات ومنظمات المجتمع المدنى الدولية والمحلية، وتعرض القانون منذ إقراره إلى انتقادات عديدة، وعندما اعترض رئيس الجمهورية على هذا القانون، أصدر توجيهاته بمراجعة هذا القانون مرة أخرى وإدخال التعديلات عليه، بمشاركة الشباب به، وعلى الفور قام رئيس مجلس الوزراء بتكليف الدكتورة غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي، بإعادة مناقشته وفتح حوار مجتمعي للشباب، وبناء عليه شكلت الحكومة لجنة وزارية برئاسة الدكتورة غادة والي، وضمت اللجنة فى عضويتها ممثلين عن وزارات العدل والداخلية والخارجية وشئون مجلس النواب والجهات النقابية وعددا من الخبراء والمتخصصين، وتم عمل حوار مجتمعي والتنسيق مع الاتحاد العام للجمعيات، وعدد من الجمعيات الأهلية الكبيرة من القاهرة الكبرى والصعيد والدلتا والمحافظات الحدودية، منها مصر الخير والهيئة القبطية الإنجيلية والهلال الأحمر، وتم عمل أربع لقاءات كبيرة في عدد من المحافظات مثل القاهرة و الإسماعيلية والإسكندرية والمنيا.
كما تم عمل 3 لقاءات أخرى اجتماع مع الشباب واجتماع مع المنظمات الاجتماعية غير الحكومية، ومع الخبراء والمتختصين، وانتهت الـ7 لقاءات ونتج عنهم مجموعة من التوصيات.
وتم عرض تلك التوصيات على اللجنة العليا، برئاسة الدكتورة غادة والي، وتم تشكيل لجنة صياغة من تدخل اللجنة الوزارية، وانتهت مسودة مشروع القانون، وتم إرساله إلى الوزارات والهيئات المختلفة، وتم إطلاع الاتحاد العام عليه، وقدمنا الملاحظات عليه، ثم تم عرضه على مجلس الوزراء، وتمت الموافقه عليه، وتم إرساله إلى مجلس الدولة، لمراجعة الصياغة، وسيتم خلال الأيام المقبلة بعرضه على مجلس النواب، الذي بدوره الذي يتم عرضه على لجنة التضامن والأسر ذات الإعاقة، لمناقشته بشكل كامل تمهيدًا إلى إقراره، وتصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي عليه.
-ماذا عن بنود القانون.. وأهم المستجدات التي طرأت عليه؟
قانون الجمعيات الأهلية الجديد، هو قانون كبير يتكون من 98 مادة، من 10 أبواب، وهناك بالطبع مستجدات من ضمنها،
أولا: بالنسبة لإشهار الجمعيات كان المبلغ الموجود بالنسبة لإشهار الجمعية لايزيد عن 10 الآف جنيه، أما الآن فتم تخفيضه المبلغ لـ5الأف جنيه.
ثانيا: بالنسبة للمؤسسات الأهلية، فكان في القانون القديم عند تأسيس الجمعية يلزم تخصيص مبلغ 50 ألف جنيه، ولكن في القانون الحالي تم تخفيضه لـ 20 ألف جنيه.
ثالثا: تم إنشاء باب للتطوع يحدد واجبا ت وحقوق الأشخاص المتطوعة، وسيتم خلال اللائحة التنفيذية توضيح الواجبات والحقوق، حيث سيتم تأمين حياة وأرواح المتطوعين، وكيفية علاجه وتعويضه، والواجبات التي من المفترض أن يقوم بها.
رابعًا: كما تم إلغاء الباب الخاص للمنظمات الأجنبية غير الحقوقية.
خامسًا: إنشاء باب جديد، وهو الباب الخاص بالإدارة، الإدارة المركزية وتتبع وزارة التضامن الاجتماعي، وتقدم الدعم التقني والمؤسسي للجممعيات والمؤسسات الأهلية على مستوى الوطن، تحل محل الإدارة المركزية للجمعيات والاتحادات، وتحدد اللائحة التنفيذية للقانون هيكلها الإدارى والمالى ونظم العمل والعاملين بها وأجورهم وسيكون للوحدة حسابات مالية مستقلة تدرج فيها المبالغ المخصصة لها من الدولة وما تتلقاه من دعم مالى إضافة إلى ما تحصل عليه من الجمعيات والاتحادات والمنظمات الأجنبية غير الحكومية، وتختص بالإشراف والرقابة على الجمعيات والاتحادات والمؤسسات الأهلية والمنظمات الأجنبية غير الحكومية، كما تختص برسم ومتابعة إجراءات تطبيق هذا القانون وإعداد الدراسات الخاصة للجمعيات والمؤسسات الأهلية والمنظمات الأجنبية غير الحكومية،وبها خبراء ومتخصصين، وسيكون لها وحدة ذات طبيعة مختلفة.
سادسًا: قدم القانون تسهيلات عند الحصول على التمويلات، حيث جعل رد الجهة الادارية خلال 60 يومًا، وعدم الرد يصبح إقرار منها بالموافقة وهذا عكس ما جاء به القانون السابق الذي اعتبر عدم الرد رفض.
سابعًا: ألغيت المادة الخاصة بعقوبة السجن واكتفى بالغرامات والعقوبة الإدارية وحل مجلس الإدارة، وألغيت العقوبة سالبة للحريات، إذ نص القانون على الآتي: "يعاقب بغرامة لا تقل عن 500 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه كل من تلقى أو أرسل بصفته رئيسا أو عضوا فى جمعية أموالا من جهة أجنبية أو محلية أو قام بجمع التبرعات دون أخذ موافقة من الجهة الإدارية، وتقضى المحكمة بإلزام المحكوم عليه برد كل ما تلقاه أو أرسله أو جمعه من أموال لصندوق إعانة الجمعيات، وتطبق نفس العقوبة على كل باشر نشاط للجمعية رغم صدور حكم أو قرار بوقف نشاطها أو حلها، وكذلك كل من قام بتكوين الجمعيات السرية أو السرايا أو التشكيلات ذات الطابع العسكرى أو شبه العسكرى أو ممارسة أنشطة من شأنها الإخلال بالنظام العام أو الآداب العامة أو الأمن القومى، أو دعا إلى تأييد أو تبرير العنف أو الانضمام للتنظيمات الإرهابية.
ويعاقب بالغرامة بمبلغ لا يقل عن 200 ألف جنيه ولا يزيد على 500 ألف جنيه كل شخص طبيعى أو اعتبارى منح ترخيصا لأى كيان بمزاولة أى نشاط يدخل فى أغراض مؤسسات المجتمع الأهلى لغير الجهة الإدارية، وكل من امتنع عمدًا عن تمثيل الجهة الإدارية لمتابعة وفحص أعمال الجمعية، وكل من نقل لمقر إلى مكان آخر دون موافقة الجهة الإدارية، وكل من أنفق أموال الجمعية فى غير النشاط الذى خصصت من أجله وكل من تصرف فى مال من أموال الجمعية أو المؤسسة التى حُكِم أو صدر قرارا بحلها أو تصفيتها»، ومن ثم تم إلغاء العقوبات السالبة للحرية نهائيًا من القانون.
ثامنًا: تم إلغاء منحة الـ1% التي كانت تذهب للصندوق إعانة الجمعيات بالوزارة، حيث كان ذلك البند يسبب مشاكل كثيرة للمنظمات الدولية، لأنهم كانوا يرون أن الأموال الممنوحة مخصصة لجمعيات معينة، ويجب أن تذهب إليها، فتم إلغاؤها حتى لا تختلق المشاكل مع المانحين
وتم الاحتفاظ بعدد من المواد قانون 70، مثل المزايا التي كانت تحصل عليها والإعفاءات الجمركية، والمزايا، سواء موضوع الإعفاء من الرسوم الجمركية من الضريبة العقارية، ومن ضريبة الدمغة، كما تعامل الجمعيات معاملة النزيل والإعفاء من الكهرباء والمياه، والرسوم الأخرى المفروضة على ما تستورده من عدد وآلات وأجهزة ولوازم إنتاج وسيارات.
-كيف يتم إدخال التبرعات النقدية التي تأتي من الخارج؟
في البداية، أود أن أذكر أن القانون رقم "70" لسنة 2017 نظم عملية الإجراءات المتبعة لحصول الجمعيات والمؤسسات الأهلية على تبرعات وهبات عينية من الخارج، وأوضح أنه يجوز للجمعية أن تقبل وتتلقى الأموال والمنح والهبات من أشخاص طبيعيين أو اعتباريه مصرية أو أجانب من خارج البلاد أو من أشخاص طبيعيين أو اعتباريين أجانب من داخل البلاد على أن تودع تلك الأموال في حسابها البنكي دون غيره، ولأن القانون الحالي لم يصدر لائحة تنفيذية به، فيتم تطبيق اللائحة التنفيذية للقانون رقم (84) لسنة 2002 وإنهاء الإجراءات من خلال وزارة التضامن الاجتماعي باعتبارها الجهة الإدارية.
على الجهة المانحة التواصل مع الجمعيات والمؤسسات الأهلية النشطة والتنسيق بشأن الشحنات المراد التبرع بها من حيث تحديد النوع، الكمية، الجودة، الوزن، الشحن والماركة، يليها إرسال الشحنة بموجب بوليصة شحن محررة باسم الجمعية.
-وماهى الإجراءات التي تتبعها الجمعية لإدخال تلك التبرعات لمصر؟
هناك خطوات لابد أن تتبعها الجمعية التي تحصل الحاصلة على التبرع، منها التقدم بطلب رسمى للجهة الإدارية موضحًا به اسم المتبرع وعنوانه وجنسيته، محدد به نوع التبرع، هل هى أجهزة أم ملابس أم أحذية، ونوعها جديدة أم مستعملة، يليها تحديد طريقة شحنها سواء بالطائرة أو الشحن البحرى أو البرى، وموعد وصولها واسم الجمرك الذي سترد عليه، تقديم نسخة واضحة من مستندات الشحن"البوليصة"، تقديم نسخة من البيان الجمركى ورقمه وتاريخه واسم جمرك الإفراج فى حالة الإفراج عن الرسالة، إرفاق خطاب الإهداء من الجهة المانحة أو المتبرعة، وأيضا بيان مفصل عن الغرض من قبول الهبة والحاجة لها، وإرفاق تعهد من مجلس إدارة الجمعية بسداد الرسوم الجمركية فى حال عدم الموافقة على قبول الإعفاء.
وتقوم وزارة التضامن الاجتماعي بعد الدراسة واستيفاء البيانات لاعتمادها ورفعها لوزير المالية، ليقوم بدوره برفعها لرئيس مجلس الوزراء لإتخاذ إجراءات الإعفاء عن الشحنة.
متى سيتم تطبيق القانون والعمل به؟
بعد موافقة مجلس النواب عليه بصفة نهائية، وبعد صدوره والتصديق عليه من رئيس الجمهورية سيكون هناك فرصة 6 أشهر للتصديق عليه، والتي يقوم باصدار اللائحة التنفيذية هى الوزارة وليس مجلس الوزراء مثل قانون 70، سيكون هناك فرصة لمدة سنة لتوفيق أوضاع الجمعيات، لافتا إلى أن هناك 57 ألف جمعية ستوفق أوضاعها وفقا للقانون الجديد.
-ماذا عن مشاركة الجمعيات في مبادرة حياة كريمة؟
الجمعيات الأهلية منذ علمها بمبادرة الرئيس، سارعت في المشاركة بها، وبدأت تشارك مع وزارى التضامن الاجتماعي في برنامجها القومية، التي تهدف لتحقيق المبادرة منها برنامج سكن كريم، الذي يسعى لتأهيل المنازل في القرى الأكثر فقرًا والتي تم اختيارها بناء على بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فضلا عن إشراك الجمعيات في المشاركة خدمات صحية وطبية وخدمات لذوي الاعاقة.
-ماذا عن اختصاصات الاتحاد العام للجمعيات الأهلية؟
الاتحاد العام للجمعيات الأهلية، يقدم الدعم التقني للمؤسسات والجمعيات الأهلية، وتمثيل مؤسسات المدني من الداخل والخارج، ويقوم بتننظيم برامج الإعداد والتدريب الفني والإداري لأعضاء مجلس إدارة وموظفي الجمعيات وأعضائها بالتنسيق مع الاتحادات الإقليمية والنوعية ، فضلا عن إعداد قيادات قادرة على تحمل مسئولية إدارة الاتحادات الإقليمية والنوعية والجمعيات والمؤسسات الأهلية للتكيف مع متغيرات العصر ،وتنمية مهارات الجهاز التنفيذي في مجالات العمل الأهلي لتتماشى مع الفكر الحديث.
ويشارك الاتحاد العام في البرامج والمبادرات القومية التي تدشنها الدولة، كما أنه يعتبرالأب الشرعي للجمعيات.