قال الباحث السياسي المتخصص في الشأن الإيراني الدكتور هاني سليمان، أن هناك حالة من عدم التوافق في الداخل الإيراني بين تيار المتشددين ومعه المرشد الأعلى علي خامنئي الذي يرفض أي حديث عن وساطة أو تفاوض مع أمريكا، وبين الإصلاحيين وتيار الرئيس روحاني الذي يرفض السلوك الأمريكي لكنه يسعى للتفاوض معه وفق ضوابط معينة، خاصة أنه المسئول الأول عما يعانيه المجتمع الإيراني في ظل معاناة اقتصادية شديدة وعقوبات مستمرة.
وأضاف "سليمان" أن هناك حالة من العناد الإيراني مسيطرة على سلوك الدولة، ومنبعها مبادىء وشعارات الثورة، وأفكار المقاومة والمواجهة وغيرها، وبالتالي سياسة النفس الطويل واستراتيجية "توازن الإيذاء" ربما استطاعت إيصال رسائلها لأمريكا، علاوة على بعض الإشارات من خلال أحداث سفن الفجيرة، ومضخات النفط السعودية، وغيرها، ووجود الأهداف الأمريكية في مرمى الصواريخ الإيرانية، الأمر الذي استدعى ضرورة التروي والتفكير كثيراً قبل الحديث عن مواجهة عسكرية مفتوحة وشاملة من جانب أمريكا، وهو ما رد الأمر مرة أخرى إلى الحديث عن المفاوضات، لكن حتى مع الحديث عن مفاوضات، يظل هناك فجوة بين رؤية كلا الجانبين؛ من أين تبدأ المفاوضات، وحول مدى قدرة طهران على قبول شروط واشنطن فيما يتعلق بالصواريخ البالستية ونفوذها في الاقليم وارتباطاتها مع بعض القوى والميليشيات الأخرى.
واضاف "الباحث السياسي" أن هناك مخاوف حقيقية من الجانب الأمريكي، تتعلق بنفوذ طهران في عدد من الدول واستخدامها ميليشياتها لإعاقة أي فرص للحلول السياسية كما في اليمن، والتأثير على موازين القوى في تلك المواقع بما يتعارض مع المصالح الأمريكية، علاوة على تهديد الأمن الاسرائيلي، وهي أسباب كافية لتفسر التحرك الأمريكي وسلسلة العقوبات، وهو ما يرتبط أيضاً بتهديدات طهران المتتالية لأمن الخليج، وبالتالي التهديد الإيراني ليس موجه للخليج فحسب، وإنما هو يستهدف المنطقة بأكملها، من دولة أيديولوجية لها طموح توسعي ومساعي لتصدير نموذجها وتعميمه.
وأشار "سليمان" أن الميليشيات التابعة لإيران هي الأداة الأولى والأكثر تأثيراً في إدارة علاقاتها مع واشنطن، حيث ستكون المدافع الأول وخط التهديد الرئيسي للولايات المتحدة الأمريكية وخاصة مع وجود حوالي 2000 جندي أمريكي في سوريا، ومن خلال الضغط على إسرائيل من ناحية الجولان، ومع اعتبار وجود ميليشيات متنوعة بجانب فيلق القدس، مثل ميليشيا حيدريون.
ونوه "سليمان" أن الموقف الروسي والصيني يستخدم الورقة الإيرانية كأداة ضغط على أمريكا، غير أنه لا تستطيع روسيا أو الصين الدخول في مواجهة مباشرة مع أمريكا بسبب إيران، وهو ما أثبتته المواقف المختلفة مثل تراجع الصين عن استيراد النفط الإيراني، كما أن موسكو تستخدم ورقة طهران كموازن وداعم في الداخل السوري، غير أن هامش الخلاف يظل موجوداً في عدد من القضايا، فإيران بالنسبة لروسيا تعد "الصديق المفترَض" بحكم المرحلة.
وأشار "سليمان" إلى أن التصعيد الأمريكي بفرض عقوبات على حوالي 39 شركة ووكلاء من الخارج في قطاع البتروكيماويات، يعد خطوة تصعيدية جديدة تعكس أولوية الإجراءات الاقتصادية على طهران، ويبعد نوعاً ما – أو يؤجل- سيناريو المواجهة العسكرية، كما يجعل أيضًا فرص التفاوض بعيدة لحد كبير في الوضع الحالي.