قال فضيلة الإمام أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن موضوع ضرب الزوجة الناشز أسئ فهمه، وتعرض القرآن والفقه الإسلامى الصحيح للظلم فى هذه المسألة، بسبب ما توقعه كلمة الضرب من جرس ثقيل على النفس البشرية التى لا تقبل أن يضرب إنسان آخر.
وأكد الطيب، خلال الحلقة 26 من برنامجه الرمضانى على التليفزيون المصرى، إن الإسلام نفسه لا يقبل أيضًا بالضرب، ويجب أن يكون مفهوم الضرب واضحًا للناس، لأن الضرب "وهو فى حقيقته ضرب رمزى لا غير" أبيح فى حالة معينة، وباعتباره دواء لعلة طارئة يجب أن نفهمه فهمًا صحيحًا بعيدًا عن كلمة الضرب التى يتخيلها الناس.
وأضاف أن ضرب الزوجة ليس مطلقًا، ولم يقل بذلك الإسلام ولا القرآن، ولا يمكن أن تأتى به أى شريعة أو نظام يحترم الانسان، لكن الضرب الرمزى يأتى فى حالة المرأة الناشز كحل ثالث، إن لم يصلح معها النصح والهجر، وهذا الضرب الرمزى له ضوابط وحدود، ويستخدم فى حق الزوجة التى تُريد أن تقلب الأوضاع فى الأسرة، وتتكبر على زوجها، مشيرًا إلى أن الضرب هنا يكون لجرح كبرياء المرأة التى تتعالى على زوجها، وعلاج الضرب يساء فهمه لدى كثيرين رغم ما حددته له الشريعة الإسلامية من ضوابط وحدود، بحيث يكون رمزيًا لا يحدث أذى جسدى أو معنوى، لأن غرضه التهذيب لا الإيذاء.
وأوضح الطيب، أن خيار الضرب الرمزى هو الثالث بعد النصح والهجر، وهو ليس فرضًا ولا واجبًا ولا سنة ولا مندوبًا، بل هو مباح للزوج إذا وجد نفسه أمام زوجة ناشز، وتأكد له أن هذه الوسيلة الوحيدة هى التى سترد الزوجة، فيباح له أن يلجأ إلى الضرب الرمزى هنا، وهذا استثناء من أصل الممنوع، فالضرب كأصل ممنوع فى الإسلام، ولأنه استثناء فقد وضعت له شروط حازمة، فغير الناشز يحرم ضربها حتى لو وقع بين الزوجين خلاف، ويحرم على الخاطب أن يمد يده على خطيبته، وشرط آخر أن يكون ضرب الزوج للزوجة بهدف الإصلاح لا العدوان.
ووجه دعوة للمفتين والدعاة، الذين يتصدرون للفتوى عبر الشاشات أو فى أى مكان، أن يبينوا للناس حقيقة وطبيعة ضرب الزوجة الناشز على الوجه الصحيح الذى حددته الشريعة الإسلامية ورسمت ضوابطه وحدوده، وحرمة الضرب المطلق، وأن يزيلوا الصورة المشوهة عن الإسلام والقرآن فى هذا الشأن، فكلمة ضرب لها مراتب عديدة، وضرب الزوجة الناشز يكون بما لا يحدث لها أذى، وإنما يكون لتهذيبها وإصلاح شأنها وعودتها إلى المسار الصحيح للأسرة، والإسلام هدفه فى ذلك الحفاظ على الأسرة وحمايتها من التشتت والضياع.
يذاع برنامج شيخ الأزهر يوميًا فى تمام الساعة 6:15 مساءً طوال شهر رمضان المبارك، ويناقش البرنامج عددًا من قضايا الأسرة المسلمة، والحقوق التى أقرها الإسلام للزوج والزوجة، وكيفية الحفاظ على الكيان الأسرى كأساس لبناء مجتمع إنساني سليم.