أيام معدودة ويهل علينا شهر الخير والطاعات والنفحات، شهر رمضان الكريم، وأصبحت الأسرة المسلمة في كل مكان تستعد لاستقبال هذا الشهر المبارك، حيث يأتي شهر رمضان المبارك حاملاً معه الخير للجميع فهو شهر الطاعات فرضه الله على المسلمين، وتتعدد فيه الطاعات من صيام وصلاة وتلاوة القران وزكاة، وقبل قدوم شهر رمضان نجد الاستعداد له واضحًا وملموسًا في كل مكان.
يؤكد الأستاذ الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، خلال حواره مع "بلدنا اليوم" على أهم الاستعدادات لشهر رمضان الكريم.
ما هى ذكريات فضيلتك فى رمضان فى القرية – وأنت تلميذ – فى مصر؟ وكذلك فى البلاد التى سافرت إليها فى الحرم المكى و المدنى؟
كنا فى القرية ونحن أطفال نحرص على أن نكون صائمين منذ وقت مبكر، وكنا نجتمع على مائدة الإفطار وكانت الأسرة تخرج للإفطار فى الساحة الهاشمية خارج المنزل، وتقدم مادة الطعام وندعوا إليها الغرباء والضيوف والفقراء وكنا نتسابق فى أداء الصيام فى وقت مبكر، وفى صلاة التراويح بعد صلاة العشاء نحرص على صلاة القيام وهى صلاة التراويح فى رمضان، وحضور الندوات الدينية والثقافية التى كانت تعقد فى هذا الشهر الكريم، وفى الحرم المكى والمدنى طبعًا كنا كلما سمحت الفرصة لآداء العمرة فى رمضان أديتها بعض المرات فى شهر رمضان، وكان الحرم المكى كعادته فى رمضان مزدحمًا، وحضرت ليلة القدر هناك فكان من شدة الزحام لا يستطيع الناس أن يسجدوا، فكان يسجد بعضهم على ظهر بعض وكانت الروحانيات فائقة والحرص على آداء العمرة فى رمضان لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : "عمرة فى رمضان تعدل حجة".
فكرة فضيلتك عن الصيام كعبادة هل تغيرت مع مرور الزمن؟
لا طبعًا لا تتغير فكرة الصيام فالإنسان كلما صام شعر بالإيمان والأمان، وربنا بيقدر الإنسان الصائم على صيامه فى شبابه أو فى طفولته أو فى شيخوخته إلى غير ذلك.
يوم فضيلتك فى رمضان كيف يكون؟
أحرص على عدم النوم كثيرًا، أصلى صلاة التراويح وعادة ألقى محاضرة ثم أستريح بعض من الوقت، ثم أقوم لآداء صلاة التهجد، وأواصل الصلاة حتى طلوع الفجر، وبعدها أنام فترة قصيرة جدًا لأنى أحب أن أستيقظ مبكرًا، لأن العمل هو الذى يسهل الصيام وليس كثرة النوم ورمضان شهر عبادة وعمل لا كسل.
كيف يستعد المسلم لرمضان حيث إنحرف فهم كثير من الناس لحقيقة الصيام فراحوا يجعلونه موسمًا للأطعمة والسهرات فكيف يكون الإستعداد المحمود؟
يستعد المسلم لرمضان بالتوبة إلى الله والرجوع إلى الله، والإستعداد لتلقى مجالس العلم وحضورها، والحرص عليها وتلاوة القرآن الكريم، وأن يكون إنسانًا معطاءً فى رمضان جوادًا كريمًا، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس وكان أجود ما يكون فى رمضان، حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة.
ما هو الواجب على رب البيت تجاه أهل بيته زوجته وأولاده فى كيفية الإستعداد المحمود والسليم لرمضان؟
واجب عليه أن يحرص على العبادة، وأن يعود أطفاله على العبادة، وأن يوقظ أهل بيته لتلقى النفحات والفيوضات وقيام الليل، وخاصةً فى العشر الأواخر، لأن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أقبل العشر الأواخر من رمضان أحيى ليله وأيقظ أهله وجد وشد المأزر.
ومعنى يوقظ أهله يدعو أهل البيت للتعرض للنفحات فواجب الإنسان أن يدعو أهل بيته للتعرض لنفحات الله فى رمضان، ويدعوهم ليقوموا الليل ليؤدوا صلاة التراويح وصلاة التهجد وتلاوة القرآن.
لماذا لا يتوحد المسلمون فى الصيام مع أن هلال رمضان واحد وقديمًا يعذرون لعدم وجود وسائل إعلامية والآن يوجد كثير من الوسائل الإعلامية وطرق التواصل؟
والله هو تعدد الصيام فى رمضان راجع لحديث قاله الرسول صلى الله عليه وسلم : "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يومًا"، فالبعض قال صوموا لرؤيته يعنى أهل كل بلد إذا رأوا الهلال يصومون والبعض قال هذا أمر للأمة كلها.
فإذا رأى الهلال أهل بلد معين يلزم الآخرين، خاصةً إذا كان يشتركون معهم فى جزء من الليل أو فى المطالع فتعتبر رؤية الهلال بالنسبة لهم رؤية لهم أيضًا، وهذا الرأى يوحد بين المسلمين فيجعلهم فى وقت يصومون وفى وقت يفطرون.
ما حكم تارك صيام شهر رمضان مع إعتقاد وجوبه، وماذا لو كان لا يعتقد وجوبه؟
لا يقضيه صيام الدهر كله وإن صامه، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : "من أفطر يومًا فى رمضان من غير رخصة رخصها الله له لا يقضيه صيام الدهر وإن صامه"، أما لو كان غير معتقد لوجوبه فقد أنكر معلومًا من الدين بالضرورة فيخرج من الإسلام، إذا كان لا يعتقد وجوبه يخرج من الإسلام لأنه أنكر أمرًا معلومًا من الدين بالضرورة.
حكم مشاهدة الأفلام والمسلسلات فى رمضان؟
حرام، فهذا الشهر شهر عبادة شهر تلاوة للقرآن شهر ذكر وتهجد وقيام والمسلسلات، والأفلام فيها خروج عن العادة وعن الطريق المستقيم وفيها إنحراف فمشاهدة الأفلام والمسلسلات حرام.
هل يجوز الصيام بدون صلاة؟
طبعًا لا يصح للصائم أن يترك الصلاة لأن الصلاة ركن من أركان الإسلام، والصيام ركن من أركان الإسلام، فالذى يأتى ركنًا ويترك الآخر يكون البيت الإسلامى عنده غير قائم فلابد من الصلاة مع الصيام.
ما هى الرسالة أو النصيحة التى توجهها فضيلتك إلى المسلمين ونحن نستقبل هذا الشهر الكريم؟
نوجه للأمة الإسلامية أقول لهم هذا الشهر شهر توحيد للصف وجمع للكلمة، فأنتم فى وقت تصومون وفى وقت تفطرون وقت الفجر تمسكون عن الطعام ووقت المغرب تفطرون، فالصيام يعلمكم الوحدة فتوحدوا ولا تتشرزموا ولا تتفرقوا شهر الصيام يعلمكم الإخلاص، لأن الإنسان يستطيع فى السر أن يتناول ما يشاء ولكنه إخلاصه لله فى العبادة يجعله يمسك عن الطعام والشراب فى سره وعلانيته، وهكذا فى الصيام يصل بأصحابه إلى تقوى الله كما قال الله فى القرآن "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون".
وأنا أنادى الأمة الإسلامية فى مشارق الأرض ومغاربها أن توحد صفوفها وأن تجمع كلمتها وأن تجعل من هذا الشهر فرصة لوحدة الصف وجمع الكلمة.