«استهداف المناطق العسكرية» جملة لطالما استخدمها الكيان الصهيوني، على مدار العقود الماضية لتسويغ عملياته البشعة في تدمير الأوطان وتشريد الأطفال، وها هي اليوم تتكرر لتعيد السيناريو مرة ثانية، الذي بدا خاليًا من الإنسانية والرحمة، نحو تهويد الشعب الفلسطيني دون حراك من المجتمع الدولي الذي يكتفي بدور المتفرج.
رجوعًا إلى صفحات التاريخ وتحديدًا عام 1970 فقد تجسدت أبعاد الجرائم الوحشية التي عكفت عليها آلة المذابح الصهيونية، هذه المرة كانت في مصر حينما شن الجيش الإسرائيلية غارة على منطقة بحر البقر في مركز الحسينية بمحافظة الشرقية، وقصفوا مدرستها المشتركة، لتتناثر الدماء في أرجائها بمقتل 30 طفلًا وإصابة 50 آخرين وتدمير المدرسة تمامًا، ليصبح هذا الصباح ممزوجًا بدماء الأبرياء من الأطفال، الذين جاءوا لتلقي العلم، وعادوا محمولين على الأكتاف، ولكن حفروا بأسمائهم تاريخًا أسودًا يدون في كتاب الجيش الإسرائيلي، عنوانه الغدر والخيانة والاعتداء على الأطفال الأبرياء بحجة استهداف المناطق العسكرية.
أثار هذا الحادث غضب العديد من دول العالم، من ضمنها مصر التي نددت به ووصفته بأنه عمل وحشي، يتنافى مع كل الأعراف القانونية والدينية، واتهمت إسرائيل وقتها بأنها شنت الهجوم عمدًا بهدف الضغط عليها لوقف الضرب في حرب الاستنزاف، ولكن في المقابل بررت إسرائيل عملتها البشعة بأنها كانت تستهدف مناطق عسكرية فقط ، وأن المدرسة كانت منشأة عسكرية مخفية.
بعد سنوات مضت، لم يتعلم الجيش الإسرائيلي من فعلته التي أثارت غضب معظم دول العالم، بل تكرر نفس الشيء مرة ثانية مساء اليوم، وان اختلف مسرح الأحداث هذه المرة صوب منطقة الكتيبة شمال قطاع غزة، ولم يختلف عما سبقه كثيرًا بل جاء متضمنًا الأسباب والظروف نفسها، والتي كان أهمها الاستيلاء على مقدرات وطن، لا يزال صامدًا ولم يستسلم، رغم الصعوبات التي يواجهها، وظهرت نفس الإدعاءات التي ذكرت من قبل وهى استهداف المناطق العسكرية، مما أسفر عن مقتل طفلين وإصابة 15 آخرين.
من مصر إلى فلسطين، يتكرر السيناريو مرارًا وتكرارًا، فلم يسلم من أيدي الاحتلال الصهيوني، الأطفال الفلسطنيين، بل كانوا مصيدة يستخدمونها في إثارة الذعر بين المواطنين، حيث أصابوا بعيارهم طفلين، وأصابوا 15 آخرين، بحجة أنهم يضربون المناطق العسكرية التي يستخدمها تنظيم حماس ضدهم، ولكن لم يخطر في بالهم أن هذه الضربات الموجعة، تتسبب في انهمار فيض من دموع الأسى والقهر من عيون أمهات الأطفال الأبرياء.
وما بين واقعة بحر البقر في مصر، وواقعة قصف منطقة الكتيبة الفلسطينية، يتساءل الجميع حول مدى احتمالية استجابة المجتمع الدولي لصراخ الأمهات في فلسطنين، ووضع حد أمام ما تمارسه إسرائيل من مجاذر وحشية بحق الأبرياء هناك.