قال الدكتور سعيد اللاوندى، أستاذ العلاقات الدولية بمعهد الأهرام، إن الهدف من المظاهرات التى اندلعت فى فرنسا خلال الأيام القليلة الماضية، هو تغيير النظام السياسى هناك، واستقالة الرئيس الفرنسى، إيمانويل ماكرون، وفى هذه الحالة التى يستقيل فيها الرئيس الحالى، تأتى مارين لوبان، رئيسة حزب الجبهة الوطنية اليمينى، لكى يتم انتخابها والعودة إلى الاتحاد الأوروبى، والتعامل بالـ"فرنك" بدلًا من اليورو، مضيفًا أن السترات الصفراء تريد الاتحاد بين الدول الأوروبية اليوم قبل الغد.
وأكد اللاوندى، في تصريحات خاصة لـ"بلدنا اليوم" أن الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، ودولته لهما يد كبيرة فى المظاهرات التى اندلعت فى فرنسا خلال الأسابيع الماضية، وفى إثارة الشغب بها وحرق السيارات فى محيط الشانزليزيه، لأنه منذ سنوات طويلة لم يحدث مثل ذلك فى الشوارع الفرنسية من نهب وسرقة وغير ذلك، وهذا يوضح دور أمريكا، لأنها تريد عقاب ماكرون على تصريحاته بشأن تشكيل الجيش الأوروبى الموحد الذى أعلن عنه بالاتفاق مع المستشارة الألمانية.
وأضاف الخبير السياسى، أن إنشاء جيش موحد ضد الـ"ناتو"- الذى تعتبره الولايات المتحدة الأمريكية مصدرًا أساسيًا لها من الناحية السياسية، وبالتالى فإن الولايات المتحدة هى من وراء المظاهرات المندلعة فى باريس، ولكن لا ننسى أن مارين لوبان حينما كانت مرشحة للرئاسة الفرنسية ذهبت إلى أمريكا، وبالتالى ترامب هو من له اليد الأولى فى المظاهرات التى تحاول إسقاط الرئيس الفرنسى.
وأشار اللاوندى، إلى أن المظاهرات الفرنسية التى انتقلت إلى بلجيكا وإيطاليا وهولندا، من الممكن أن تستمر حتى تقضى على الاتحاد الأوروبى وتقوم بتفكيكه، وهذه تعتبر بمثابة كارثة عالمية، ولكن ستبقى فرنسا وألمانيا القاطرة التى تدفع الاتحاد الأوروبى إلى الأمام، ولكن الخطر كله إذا انسحبت فرنسا من الاتحاد؛ فى هذه الحالة تكون الكارثة أشد خطورة، ولكن فرنسا ستقاوم بقدر الإمكان؛ حتى يستمر الاتحاد الأوروبى.
وتابع أن اليمين المتطرف المعادى للرئيس الفرنسى مستعد تمامًا للحلول مكان "ماكرون" فى رئاسة الدولة الفرنسية، وأن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة بينه والرئاسة الفرنسية، وفى هذه الحالة لن تكون فرنسا كما كانت خلال السنوات الماضية، مضيفًا أن العالم كله أصبح بمثابة القرية الصغيرة من الجنوب إلى الشمال، وأن جميع الدول ستتأثر بسبب الانحطاط الذى يواجه الاتحاد الأوروبى، ووقتها ستنعكس تلك التأثيرات بشكل كبير على الشرق الأوسط، كون الاتحاد يدعمه دائما ذلك من خلال الرفض الذى قدمه لإعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، ولذلك فالشرق الأوسط يحاول الوصول إلى منافس لأمريكا، حتى لا ينفرد ترامب بالعالم لوحده.
وأكد خبير العلاقات الدولية، أن المهاجرين أبرياء تمامًا من المظاهرات التى اندلعت فى الشانزليزيه، ولكن ربما هناك حديث بشأن ما حدث فى الشوارع الفرنسية، وأن اللاجئين لهم دور فى المظاهرات، وهذا سيؤثر بشكل أو آخر على مصيرهم، والعرب منهم بشكل خاص لأن هناك نسبة كبيرة من العرب موجودون فى فرنسا، ولكن اللاجئين أزكياء، حينما علموا أن هناك سترات صفراء تطالب برحيل ماكرون؛ ابتعدوا عن المشهد تمامًا ولم يزوروا منطقة الشانزليزيه خلال الأيام الماضية، وبالتالى لن يكون هناك أى تخلى عنهم لأنهم من أهم موارد الدخل فى فرنسا.