صناعة العسل الأسود.. ثروة مهدرة تبحث عن صاحب

الاثنين 22 أكتوبر 2018 | 05:01 مساءً
كتب : أميرة زنباع- أحمد رأفت

عرفت مصر صناعة العسل الأسود منذ العصر المملوكى كسلعة غذائية مهمة ورخيصة، وقديمًا كان يتم تشغيل مصانع العسل أو "عصارات القصب" بالماشية ولكن منذ 1969 دخلت ماكينة السولار فى تشغيل العصارات، ومنذ ذلك الوقت أى بعد مرور ٤٩ عاما لم تطرأ أى تحديثات على الآلات المستخدمة لصناعة العسل الأسود.

 

على الرغم من أن صناعة العسل الأسود تعتبر كنز لمصر إذا تم الاهتمام بها وتطويرها من قبل الدولة، إذ أنه لا يوجد أى جهة حكومية تحكمها، بل أصبحت الصناعة مهددة بالإندثار وخاصة بعد إغلاق العديد من العصارات، إضافة إلى عدم وجود مصانع حكومية للعسل الأسود، ناهيك عن صعوبة إجراءات ترخيص عصارات العسل وفرض ضرائب كثيرة عليها مما يضطر أصحابها إلى إغلاقها.

 

وكشفت دراسة أنه فى عام 2001 احتلت مصر المركز الخامس عالميا فى تصدير العسل الأسود، حيث قدرت صادراتها للعسل المصنع من قصب السكر بنحو ‏23‏ مليون دولار، وحصة سوقية بلغت ‏25.5% من إجمالى الصادرات العالمية.

 

وذكرت تقارير صادرة عن وزارة الزراعة أن محافظتى المنيا وقنا من أكثر المحافظات إنتاجية للعسل الأسود، وارتفاع إنتاجية "العسل الأسود" بالمنيا، إلى 300 ألف طن سنويا، وهى تعادل 700 ألف قنطار، بقيمة 200 مليون جنيه سنويا، ما أدى إلى الاكتفاء الذاتى داخليا، وتصديره للخارج، الأمر الذى يساعد فى دعم الاقتصاد الوطنى.

 

"بلدنا اليوم" رصدت المشكلات التى تقابل أصحاب عصارات العسل الأسود، ومطالبهم..

 

90% من العصارات غير مرخصة

محمد أحمد توفيق، صاحب إحدى العصارات بالمنيا، قال إن المحافظة تعتبر من أكثر الأقاليم إنتاجًا للعسل الأسود على مستوى الجمهورية، وخاصة فى مركزي ملوي وديرمواس، مشيرا إلى أن عدد هذه العصارات يبلغ أكثر من 100 عصارة، 90% منها غير مرخصة ولا تخضع لأى جهة حكومية، ورغم ذلك تعمل بحرية دون سؤال أو مراقبة من المسئولين، أو حتى المتابعة من قبل المصنفات الغذائية أو رقابة وزارة الصحة.

 

وأكد، أن الآلات التى يستخدمها فى صناعة العسل بدائية ولم يتم تطويرها منذ 49 عاما، موضحًا وجود شوائب وبكتيريا فى العسل بسبب الماكينات القديمة غير القادرة على تنقية العسل، لذلك يتم معالجته فى مصانع للمواد الغذائية قبل بيعه.

 

وأوضح محمد، أنه يوجد 45 عاملا فى العصارة، وهذا عدد كبير لافتا إلى أنه لو تم استخدام آلات حديثة ستحتاج لعمال أقل، موضحًا أن كل قرية بمركز ملوي تحتوى على 8 عصارات.

 

احتكار التجار

من جانبه، قال النائب أحمد فرغلي، عضو مجلس النواب عن دائرة مركز ملوي بالمنيا، إن احتكار تجار الجملة للعسل الأسود فى السوق من أبرز المشكلات التى يعانى منها أصحاب العصارات.

 

وأشار فرغلي، إلى أن سعر قنطار العسل- حوالى 45 كيلو- يبلغ 280 جنيهًا، والتجار يأخذونه من أصحاب العصارات بأقل من ذلك 20 جنيهًا تقريبًا.

 

وأوضح البرلماني: "صاحب العصارة يشترى المحصول من المزارع بـ20 ألف جنيه للفدان، لإنتاج ما يتراوح بين 130 و140 قنطار عسل أسود، بقيمة 260 جنيهًا للقنطار".

 

ولفت إلى أنه رغم وجود مصنع حكومي لصناعة العسل فى المنيا، بمنطقة تونا الجبل، إلا أنه لا يعمل حتى الآن، مطالبًا الحكومة بتوضيح أسباب غلق المصنع، ومؤكدًا أنه سيتقدم بطلب إحاطة لوزارة الصناعة بشأن ذلك.

 

كما طالب الدولة بتطوير الآلات البدائية المستخدمة فى صناعة العسل الأسود وإقامة مصانع فى محافظات الصعيد التى تنتج العسل.

 

الكنز المهدر

وفي نفس السياق، أكد النائب محمد تمراز، عضو لجنة الزراعة بمجلس النواب، أن العسل الأسود كنز مصر المهدر، لأنه لا يُكلف الكثير، بالإضافة إلى سهولة صناعته، لافتًا إلى أن مصر غنية بالثروات الكثيرة مثل القطن ولكنها لم تستغل هذه الكنوز ولا تهتم بها.

 

 وأضاف تمراز، أن الجهات الرقابية على المنتجات والمواد الغذائية لا تتحرك إلا إذا مرض الإنسان من تلوث المنتجات، مشيرًا إلى أنه قد تتم صناعة العسل الأسود من قصب تالف وغير مطابق للمواصفات.

 

وأوضح النائب محمد تمراز، أنه سيتقدم بطلب إحاطة بشأن الاهتمام بصناعة العسل الأسود وتطويرها، وإيجاد جهات حكومية ورقابية تحكم هذه الصناعة، وتمنع احتكار التجار والسيطرة على سعره فى السوق.

 

وطالب النائب، الحكومة بتطوير صناعة العسل الأسود وتزويد أصحاب العصارات بآلات حديثة من شأنها توفير الوقت والجهد والمال الذى يتم هدره على كثرة العمالة لتشغيل الآلات البدائية، كما أن الآلات الحديثة ستزيد من دقة وجودة العسل وعدم وجود شوائب به.

 

وأشار عضو مجلس النواب، إلى أن الطريقة الحالية فى صناعة العسل الأسود بدائية لم يتم تطويرها منذ ستينيات القرن الماضي؛ مما يؤدى إلى فقد كمية من العصارة التى تظل داخل العود تصل إلى 40%.

 

وتابع أنه يتم تحرير مخالفات لأصحاب العصارات من الجهات المختصة بسبب عدم التأمين على العمالة، وعدم وجود تراخيص للعصارات، بالإضافة إلى فرض ضرائب كثيرة على أصحاب العصارات.

 

انعدام الرقابة

بدوره، أكد الحاج رزق جمال، عضو شعبة المواد الغذائية، عدم وجود رقابة من قبل وزارتي التموين أو الصحة على منتج العسل، واستطرد قائلًا "كل واحد بيشتغل مع نفسه دون وجود رقابة".

 

وأوضح جمال، أنه من المفترض على الدولة إقامة مصانع كبيرة للعسل بآلات حديثة فى المحافظات التى تنتج محصول قصب السكر والاستفادة من مخلفات القصب فى الصناعات الأخرى.

 

وتابع أن منتج العسل قد يؤثر على صحة المواطنين نتيجة قدم الماكينات التى تُصنعه، مشيرًا إلى وجود أصحاب عصارات يبيعون العسل للمواطنين مباشرة دون معالجته فى مصانع المواد الغذائية.

 

وتواصلت "بلدنا اليوم" مع المتحدث الرسمي لوزارة الزراعة والذى نفى علاقة الوزارة بصناعة العسل أو الإشراف عليها قائلا: "إحنا مالناش علاقة بصناعة العسل الأسود، وأول مرة حد يكلمنى فى الموضوع ده".

 

كما تواصلت الجريدة مع شعبة المواد الغذائية فى الغرفة التجارية حيث أردف أعضاؤها: "صناعة العسل الأسود ليست من اختصاصاتنا".

 

موضوعات متعلقة..

- النائب محمد تمراز: العسل الأسود كنز مصر المُهدر

- برلماني يتقدم بطلب إحاطة بشأن غلق مصنع عسل بالمنيا

اقرأ أيضا