الملاذ الأخير من ”سلخانات التعذيب”.. هل تنجح ”الأسر البديلة” في تجاوز الموروثات؟

السبت 22 سبتمبر 2018 | 07:00 مساءً
كتب : أسماء خليفة

رغم أنها الملاذ الوحيد لمن حرموا من الرعاية الأسرية، واليد التي تقدم لهم العون ليكونوا مواطنين فاعلين في المجتمع، فإن أرشيف المحاكم مكتظٌ بقضايا المخالفات والإنتهاكات داخل دور رعاية الأيتام، بدءا من تعرض الأطفال فيها للإيذاء النفسي والبدني، وانتهاءًا باستغلالهم في أعمال غير مشروعة كالتسول والدعارة، ما دفع البعض للقول بأنها "سلخانات تعذيب".

 

وسارعت الحكومة، أمس الأربعاء، بإصدار قرار بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون الطفل والصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2075 لسنة 2010، بشأن الأسر التي تتكون من زوجين مصريين وترغب في رعاية أحد الأطفال طبقًا لنظام الأسر البديلة.

 

وتسعى الدكتورة غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي، للتوسع في تطبيق نظام "الأسر البديلة" لكفالة الأيتام، معلنةً إعتزامها إغلاق جميع دور الرعاية والأيتام، بحلول عام 2025، الأمر الذي قوبل بعقود طويلة من الموروثات التي تحظر ذلك باعتباره "الباب الخلفي للتبني" المخالف لأحكام الدين الإسلامي.

 

شروط الأسر البديلة

ينص قرار الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، على ضرورة أن يكون الزوجان مصريين، وأن تتوفر لدى الأسرة مقومات النضج الأخلاقي والإجتماعي بناء على بحث إجتماعي تجريه الإدارة الاجتماعية المختصة والجمعية أو المؤسسة الأهلية المختصة، ومر على زواجهما ثلاث سنوات على الأقل، وألا تقل سن كل منهما عن خمسة وعشرين سنة ولا تزيد على ستين سنة.

 

بالإضافة إلى أن يكون الزوجان حاصلين على شهادة الثانوية العامة على الأقل أو ما يعادلها، وأن تجتاز الأسر الراغبة في الكفالة الدورة التدريبية التي تنظمها وزارة التضامن الاجتماعي.

 

ونص القرار على أنه يجوز للجنة الأسر البديلة الإعفاء من شرط استمرار الزواج لمدة ثلاث سنوات على الأقل في حالة ثبوت العقم الدائم لأحد الزوجين، كما يجوز للجنة الإعفاء من عدم جواز أن تزيد سن كلا الزوجين في الأسرة البديلة على ستين سنة طبقًا لما يسفر عنه البحث الاجتماعي، واستثناء مما تقدم يجوز للأرامل والمطلقات ومن لم يسبق لهن الزواج وبلغن من العمر ما لا يقل عن ثلاثين سنة كفالة الأطفال إذا ارتأت اللجنة المنصوص عليها في المادة 93 من هذه اللائحة صلاحيتهن لذلك، ويجوز إستمرار الرعاية مؤقتًا مع الأب البديل في حالة وفاة الأم البديلة، وذلك بعد موافقة اللجنة العليا للأسر البديلة.

 

تخوف الجمعيات الأهلية

ويبدي بعض الخبراء تخوفهم من إمكانية تحقيق نظام الأسر البديلة الأهداف المرجوة منه، معللين ذلك بوجود أخطار تهدد الطفل اليتيم، منها استغلاله في العمالة والخدمة المنزلية، أو تعرضه للتحرش والاعتداءات الجسدية من قبل أفراد الأسرة البديلة.

 

وفي ذات السياق، يرى أحمد المصيلحي رئيس شبكة الدفاع عن أطفال مصر، أن قرار رئيس الوزراء بتعديل بعض أحكام قانون الطفل يعتبر فرصة كبيرة لتوسيع رقعة الأسر البديلة لحماية الأطفال من الشوارع.

 

وأشار "المصيلحي" خلال تصريح لـ"بلدنا اليوم"، إلى أن وزارة التضامن يقع على عاتقها إعداد قاعدة بيانات شاملة ضمن نظام الأسر البديلة، مما يوفر متابعة دورية لوضع الأطفال الملحقين بالأسر الكفيلة برعايتهم.

 

وتقوم وزارة التضامن الاجتماعي، طبقًا للقرار الوزاري، بالتنسيق والتعاون مع الجهات المعنية، بإنشاء قاعدة بيانات تقيد فيها جميع الأسر البديلة، وكل البيانات المتعلقة بالأطفال والجمعيات والمؤسسات الأهلية العاملة في هذا المجال، كما تلتزم بربط قاعدة البيانات مع قواعد البيانات المنشأة في الجهات الأخرى ذات الصلة بمنظومة الأسر البديلة.

 

وأوضح "المصيلحي" أن أزمة نزام "الأسر البديلة" يتركز في آلية التطبيق، حيث أنه يصطدم بميراث قديم من الموروثات الثقافية والدينية التي لا تتناسب مع النظام المقترح، كما أن وزارة التضامن الاجتماعي عليها أن تختار الجمعيات الأهلية التي تستهدفها ضمن نظام الأسر البديلة طبقًا للقرار الوزاري، مما يعمل على تجحيم مشاركة القطاع الأهلي.

 

وناشد رئيس شبكة الدفاع عن أطفال مصر، المسئولين بضرورة تطبيق آلية التكامل بين القطاع العام المتمثل في الحكومة من جهة، والجمعيات الأهلية، والقطاع الخاص المتمثل في مجموعة المستثمرين من جهة أخرى.

 

ومن جانب آخر، لا تؤيد الدكتورة عبلة إبراهيم، مدير إدارة الأسرة والمرأة والطفولة وعضو رابطة المرأة العربية‏، المخاوف المثارة جراء تطبيق الأسر البديلة، لافتةً إلى أن النظام الجديد وفقًا لتعديلات قانون الطفل إنجاز يحسب لوزارة التضامن الاجتماعي، في سعيها لحل الأزمات التي تواجه دور رعاية الأيتام.

 

وأضافت "إبراهيم" في تصريح لـ"بلدنا اليوم"، أن وزارة التضامن الاجتماعي تتولى الاطمئنان على الأطفال المدرجين داخل نظام الأسر البديلة، طبقًا للتعديل الوزاري.

 

باب خلفي للتبني

على مدار السنوات الماضية، واجهت فكرة الأسر البديلة للمحرومين من الرعاية العائلية، معارضة من قطاعات عديدة في المجتمع المصري، خصوصا من التيارات السلفية، التي تقول إن الأسر البديلة أقرب إلى التبني من الكفالة، بل هو "باب خلفي للتبني".

 

ويرى الدكتور رمضان عبد الرازق أستاذ الفقه المقارن بمجمع البحوث الإسلامية وعضو المركز الإعلامي بالأزهر الشريف، أن كفالة اليتيم عمل حضّ عليه الإسلام، وفيه اقتداءً بالرسول الكريم، كما أن الدين بشر فاعله بالجزاء العظيم في الآخرة.

 

وأضاف "عبدالرازق" خلال تصريح لـ"بلدنا اليوم"، أن نظام الأسر البديلة لابد أن تتوفر به شروط، منها عدم تسمية اليتيم باسم رب الأسرة، حتى لا يأخذ الأمر شكل التبني، مشددًا على أن الأسرة البديلة ينبغي أن تكون خاضعة للمتابعة الدورية ممثلة في وزارة التضامن الاجتماعي، كما يجب توفير مصدر رزق لهذا اليتيم يعينه وقت الأزمات.

 

وعن توفير ضمان مادي لليتيم، أوجب التعديل الوزاري على الأسرة البديلة فتح حساب في بنك ناصر الاجتماعي أو فتح دفتر توفير، وذلك عند تسلم الطفل محل الرعاية بمبلغ لا يقل عن خمسة آلاف جنيه أو إيداع هذا المبلغ في حساب الطفل حال وجود حساب أو دفتر له، وتسلم الأسرة صورة ضوئية من إيصال الإيداع لإدارتي الأسرة والطفولة بالإدارة الاجتماعية والمديرية التابع لها محل الإقامة.

 

اقرأ أيضا