”مس كوري الشرق”.. رحيل سميرة موسى ضحية ”السلام” في بلاد الغدر

الاربعاء 15 اغسطس 2018 | 11:12 صباحاً
كتب : سارة أبوشادي

«لقد استطعت أن أزور المعامل الذرية في أمريكا وعندما أعود إلى مصر سأقدم لبلادي خدمات جليلة في هذا الميدان وسأستطيع أن أخدم قضية السلام»، كانت الزهرة المصرية سميرة موسى تحلم بالكثير، وسارت بخطوات ثابتة لتحقيق هذا الحلم، ولكنّ القدر لم يشأ أن تستكمل المسيرة، فقاطعه في وسط الطريق وقرر إنهاءه مبكرًا.

 

 بنت الريف الفتاة التي دعت إلى السلام، ولم تطلب من الدنيا سواه، لكن الحياة لم تعطي لها مهلة لتحقيق هذا الحلم، فسرعان ما جاءت إلى الدنيا وسرعان مارحلت، لكنّها رحلت غدرًا، 66 عامًا مضوا على رحيلها، وما زال الغموض هو السمة السائدة وراء عملية اغتيالها.

 

حياتها

الثالث من مارس عام 1917، ولدت ابنة محافظة الغربية وعالمة الذرة المصرية، الدكتورة سميرة موسى، عاشت في قريتها كغيرها من فتيات جيلها وبدأت تعليمها في مدرسة القرية، وأتمت حفظ القرءان الكريم، وبعد انتهائها من تلك المرحلة، لم تفعل سميرة كغيرها من زميلاتها وأصدقائها في القرية والتي اكتفين معظمهن بتلك المرحلة التعليمية، التي لم تتخطى الابتدائية.

 

كانت سميرة تمتلك حلمًا كبيرًا تسعى لتحقيقه، وشاء القدر أن يرزقها بوالد يساندها لتحقيق هذا الحلم، فالتحقت الفتاة الصغيرة بمدرسة قصر الشوق الابتدائية ثم بمدرسة بنات الأشراف الثانوية الخاصة، والتي قامت على تأسيسها وإدارتها نبوية موسى الناشطة النسائية السياسية المعروفة.

 

حصلت سميرة على الجوائز الأولى في جميع مراحل تعليمها، ولم يكن فوز الفتيات بهذا المركز مألوفاً في ذلك الوقت، إذ لم يكن يسمح لهن بدخول امتحانات التوجيهية إلا من المنازل، وكان لتفوقها المستمر أثر كبير على مدرستها حيث كانت الحكومة تقدم معونة مالية للمدرسة التي يخرج منها الأول، مما دفع نبوية موسي إلى شراء معمل خاص حينما سمعت يومًا أن سميرة تنوي الانتقال إلى مدرسة حكومية يتوفر فيها معمل.

 

كانت الفتاة الصغيرة تحلم يومًا أن تصبح عالمة ذرة، وبالرغم من أن مجموعها يؤهلها للالتحاق بكلية الهندسة، إلّا أنها أصرت على الالتحاق بكلية العلوم، لتبدأ حينها مسيرتها نحو القمة برفقة أستاذها بالكلية الدكتور مصطى مشرفة والذي ساندها كثيرًا من أجل تحقيق حلمها.

 

 

حصلت سميرة موسى على بكالوريوس العلوم، وكانت الأولى على دفعتها فعينت معيدة بكلية العلوم وذلك بفضل جهود مصطفي مشرفة، الذي دافع عن تعيينها بشدة وتجاهل احتجاجات الأساتذة الأجانب.

 

كانت سميرة تأمل أن تُسخر الذرة لخير الإنسان وتقتحم مجال العلاج الطبي حيث كانت تقول: "أمنيتي أن يكون علاج السرطان بالذرة مثل الأسبرين"، كما كانت عضوا في كثير من اللجان العلمية المتخصصة على رأسها لجنة الطاقة والوقاية من القنبلة الذرية التي شكلتها وزارة الصحة المصرية.

 

سافرت الفتاة المصرية للعديد من البلدان الأوروبية، للمشاركة في المؤتمرات التي تتعلق بالذرة، كان آخرها عام 1952 حينما سافرت إلى أمريكا لإجراء بعض الأبحاث وعادت في صندوق إلى وطنها، وذلك بعد اصطدام إحدى سيارات النقل بسيارتها التي كانت تقلها إلي القدر المشئوم في إحدى طرق كاليفورنيا، لتموت الفتاة المصرية، إلّا أنّ الغريب في هذا الأمر أن سائق السيارة وهو زميلها الهندي الذي كان يحضر الدكتوراه، نجا من الحادث بعدما قفز منها ليختفي إلى الأبد، لتموت الفتاة غدرًا، في الـ15 من أغسطس عام 1952.

 

رحلت الفتاة ولا زالت الصحف المصرية تتناول قصة سميرة موسى الفتاة التي حلمت بتغيير وطنها إلى الأفضل، حلمت بالسلام لتموت غدرًا ، ما زال الغموض بقف وراء موت العالمة المصرية فأشارت بعض الدلائل إلى أن الموساد هو الذي يقف وراء اغتيالها، ولكن حتى يومنا هذا لم يتم الكشف عن المجرم الحقيقي، ماتت سميرة ودُفن معها سر موتها.

اقرأ أيضا