كعادته من كل عام وتحديدًا في أجازة العيد، يُرافق أصدقائه لقضاء عطلة خارج القاهرة، وأحيانًا خارج حدود الدولة بأكملها، فهو الشاب بن الذوات الذي يُحاول الاستجمام بين الحين والآخر بعيدًا عن ضوضاء ومشاكل عمله، لم يدري أنّها ستكون الرحلة الآخيرة التي يقضيها وسط رفقائه، وسيرحل نهائيّا بلا عودة.
صراخ وبكاء يعم أرجاء المكان، سيارة إسعاف ترافقها عربة شرطة، تجمع هنا وهناك، 3 أشخاص يخرجون من المياه حاملين جسد شاب بأيديهم، يسرعون به إلى الشاطئ محاولين إفاقته، بعد محاولات عدة بائت جميعها بالفشل رفع أحدهم يديه معلنًا عدم نجاة هذا الشاب.
قبل دقائق معدودة نزع الشاب العشريني ملابسه وقررّ النزول إلى المياه، فالجو الآن أكثر ملائمة لفعل هذا الأمر، كعادته يسبح على بعد كبير من الشاطئ، فهو على دراية كبيرة بتعاليم السباحة، ولا يهاب المياه فهي بمثابة معشوقته التي يهرب إليها حينما تضيق به الدنيا.
أحمد وصفي شاب في العشرين من عمره موظف في شركة فودافون، أحد أبناء العائلات المعروفة في القاهرة، قررّ قضاء عطلة العيد في الساحل الشمالي برفقة أصدقائه، وتحديدًا في قرية هاسيندا باي سيدي عبدالرحمن إحدى القرى السياحية المشهورة هناك، وأثناء تواجده في المياه أطلق أحمد صرخات عديدة، ليصمت فجأة ويختفي عن الأنظار.
بالقرب من أحمد تواجدت فتاة حاولت هي الأخرى طلب استغاثة له ، فحاول بعض المتواجدين على الشاطئ تلبية ندائهم، فأسرعوا للمياه، فإذا بالشاب بداخل ماسورة شفط كبيرة، شفطته أثناء سباحته رأسه أسفل المياه وجسده بداخل الماسورة.
حاول عدد من الشباب جذب الشاب إليهم محاولين إنقاذه لكن قوة الشفط كانت أقوى منهم جميعًا، دقائق معدودة والجميع يحاول الاستعانة بالنجدة لإنقاذ الشاب الذي بات على وشك الموت، 5 دقائق عاشها أحمد يصارع الموت قبل أن يلفظ أنفاسه الآخيرة، حينها ظهر ما يطلقون عليهم منقذين الشواطئ لكن بعد فوات الآوان فخرجوا بأحمد من المياه إلى الشاطئ حاولوا إنعاشه مرة ثانية لكن بلا فائدة، فارق الشاب ابن العشرين عامًا الحياة نتيجة الإهمال.
لم تكن الشفاطة هي التي قتلت أحمد، بل عدم وجود علامات إرشادية تفيد بوجود مواسير شفط المياه في تلك المنطقة، كذلك معايير الأمن والسلامة التي على أساسها يتم عمل الشفاطه، أهمها وجود مصفة للمياه تسمح بمرور المياه فقط، دون أي جسم آخر، بالإضافة إلى عدم تواجد منقذين على الشاطئ أو مسعفين، هؤلاء جميعًا من تسببوا في إزهاق روح الشاب، كيف يمكن لشاب أن يموت بداخل ماسورة الشفط التي تغذي البحيرة الصناعية في قرية كبرى مثل هاسيندا؟، وكيف لا يتواجد منقذ ومسعف في مكان كهذا؟، جميع رواده من كبار المجتمع وطبقته الراقية.
أصدقاء الشاب الراحل أجمعوا بأكملهم على أنّ حق صديقهم سيأتي بلا شك خاصة وأنّ والده ذو شأن في المجتمع، لذا سيحاسب من أهمل في وفاة حق ابنه وسيحاسب على فعلته، في وقت قريب.
الإهمال لم يُفرق بين شواطئ الفقراء والأغنياء ، لكن كلّا منهما له طريقة بعينها في إهماله، فهل سيحاسب المسئول في كلّا منهما، أم سيكون هناك مزيدًا من الضحايا بلا حساب لقاتلهم.