قانون المسؤولية الطبية.. جدل بين حماية المرضى وحقوق الأطباء

الخميس 20 مارس 2025 | 11:26 مساءً
تعبيرية
تعبيرية
كتب : علا عوض

تُعد مهنة الطب من أكثر المهن حساسية، فهي ترتبط ارتباطًا مباشرًا بحياة الإنسان وصحته. ومع ذلك، فإن احتمالية وقوع أخطاء طبية قائمة، سواء نتيجة الإهمال، أو قلة الخبرة، أو حتى بسبب مضاعفات طبية غير متوقعة.

 ومن هنا ظهر قانون المسؤولية الطبية؛ ليضع إطارًا قانونيًا يحقق التوازن بين حق المريض في الحصول على رعاية صحية آمنة، وحق الطبيب في الحماية من الدعاوى الكيدية والعقوبات غير العادلة.

 ويُعتبر القانون أحد التشريعات الضرورية لتنظيم العلاقة بين مقدمي الخدمات الصحية والمرضى، بما يضمن تحقيق العدالة لكلا الطرفين.

نصوص القانون وآليات تنظيم المسؤولية الطبية

جاء قانون المسؤولية الطبية وحماية المريض ليضع ضوابط واضحة للممارسات الطبية، حيث يعرّف الخطأ الطبي بأنه كل فعل يرتكبه مقدم الخدمة أو امتناع عن إجراء طبي واجب، مما يؤدي إلى إلحاق ضرر بالمريض، وذلك وفقًا للأصول العلمية وآداب المهنة، ويحدد القانون حالات الخطأ الطبي، والتي تشمل التشخيص الخاطئ، والأخطاء الجراحية، وسوء وصف الأدوية، والإهمال في متابعة المرضى، وغيرها من الحالات التي قد تضر بالمريض.

كما ينص القانون على إنشاء لجنة عليا للمسؤولية الطبية، تتبع رئيس مجلس الوزراء، وتضم خبراء من مختلف التخصصات الطبية والقانونية، وتختص اللجنة بتقييم الشكاوى المقدمة ضد الأطباء، والتحقيق في الادعاءات الطبية، وإبداء الرأي الفني في الحالات المثيرة للجدل، وتُعد قراراتها أساسًا للجهات القضائية في تحديد المسؤولية القانونية للطبيب.

العقوبات المنصوص عليها في القانون

حدد القانون عقوبات متدرجة وفقًا لجسامة الخطأ الطبي، حيث تنص بعض مواده على الآتي:

يعاقب المسؤول عن المنشأة الطبية بالحبس أو بغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد عن مئتي ألف جنيه إذا زاول النشاط دون تقديم وثيقة تأمين ضد المسؤولية الطبية.

يعاقب كل من يمارس المهنة دون التأمين ضد الأخطاء الطبية بغرامة تتراوح بين عشرين ألفًا إلى مئة ألف جنيه، أو الحبس لمدة لا تزيد على سنة واحدة.

في حال ثبت وجود إهمال جسيم أدى إلى وفاة المريض أو إصابته بعجز دائم، يمكن أن تصل العقوبات إلى إلغاء ترخيص ممارسة المهنة، أو حتى السجن المشدد في بعض الحالات.

يتم فرض تعويضات مالية على الطبيب أو المنشأة الطبية لصالح المريض المتضرر، وتحدد قيمتها وفقًا لتقدير المحكمة.

كما يمنح القانون الأطباء بعض الضمانات، حيث لا يمكن توجيه اتهام جنائي ضد الطبيب إلا بعد مراجعة تقرير اللجنة الطبية العليا، مما يمنع تعرض الأطباء لملاحقات قانونية غير مبررة.

أزمة القانون والجدل بين الأطباء والحكومة

منذ طرح مشروع قانون المسؤولية الطبية، أثار جدلًا واسعًا في الأوساط الطبية والقانونية، خاصة فيما يتعلق بعقوبة الحبس الاحتياطي للأطباء في حال وقوع أخطاء طبية جسيمة، واعترضت نقابة الأطباء على بعض بنود القانون، مشيرة إلى أن عقوبة الحبس لا تتناسب مع طبيعة مهنة الطب، حيث لا يمكن اعتبار جميع الأخطاء الطبية جرائم تستوجب العقوبة الجنائية.

وأكدت نقابة الأطباء، أن التشريعات في معظم دول العالم لا تتضمن حبس الأطباء، بل تعتمد على التعويضات المالية والإجراءات التأديبية لضمان المحاسبة دون التأثير على ممارسة المهنة.

وفي ظل هذا الجدل، أعلنت لجنة الصحة بمجلس النواب عن إلغاء عقوبة الحبس الاحتياطي للأطباء من مشروع القانون، استجابة لمطالب نقابة الأطباء، إلا أن النقابة لا تزال تُعبر عن قلقها من بعض مواد القانون، خاصة فيما يتعلق بإجراءات التحقيق وآليات التعويضات، حيث تخشى أن تؤدي بعض البنود إلى زيادة حالات الهجرة الطبية بسبب مخاوف الأطباء من التعرض للمساءلة القانونية.

اقرأ أيضا