في الذكرى الـ74.. كيف حوّل غاندي الصيام إلى سلاح ضد الاستعمار البريطاني؟

الاثنين 03 مارس 2025 | 12:39 مساءً
غاندي - صورة ارشيفيه
غاندي - صورة ارشيفيه
كتب : عامر عبدالرحمن

تحل اليوم الذكرى الـ74 لبدء مهاتما غاندي صيامه في مومباي، احتجاجًا على الاستعمار البريطاني ودفاعًا عن وحدة الهند واستقلالها.

في الثالث من مارس عام 1939، دخل الزعيم الهندي مهاتما غاندي في إضراب عن الطعام بمدينة مومباي، في خطوة جديدة ضمن نضاله الطويل من أجل استقلال الهند عن الاستعمار البريطاني. لم يكن هذا الصوم مجرد امتناع عن الطعام، بل كان وسيلة احتجاجية قوية، عُرفت فيما بعد كواحدة من أبرز أدواته في المقاومة السلمية.

غاندي والصيام.. أداة نضالية ضد الاستبداد

كان الصيام بالنسبة لغاندي أكثر من مجرد ممارسة روحية، فقد استخدمه كسلاح سياسي لمواجهة القهر والتمييز، ليس فقط ضد الاستعمار البريطاني، بل أيضًا ضد الانقسامات الاجتماعية داخل الهند نفسها.

لم يكن إضرابه في عام 1939 الأول من نوعه، إذ سبق له أن لجأ إلى الصيام في عام 1932 اعتراضًا على قانون يكرّس التمييز الانتخابي ضد المنبوذين الهنود، حيث أدى صيامه إلى إجبار الزعماء السياسيين والدينيين على التفاوض والتوصل إلى "اتفاقية بونا"، التي ألغت نظام التمييز الانتخابي وزادت تمثيل المنبوذين في البرلمان.

نضاله ضد الاستعمار البريطاني

منذ أوائل القرن العشرين، بدأ غاندي نضاله ضد الاحتلال البريطاني، متأثرًا بحركات التحرر العالمية، وعلى رأسها ثورة 1919 في مصر بقيادة سعد زغلول. بين عامي 1918 و1922، قاد غاندي حركة العصيان المدني، التي تصاعدت إلى مواجهات مع القوات البريطانية، مما دفعه إلى تعليقها خوفًا من الانزلاق إلى العنف، لكنه لم يسلم من الاعتقال، حيث قضى ست سنوات في السجن.

وفي عام 1930، أطلق ما عُرف بـ"مسيرة الملح"، حيث قطع مسافة 400 كيلومتر سيرًا على الأقدام احتجاجًا على احتكار البريطانيين لتجارة الملح، وهو ما أدى إلى موجة اعتقالات واسعة، لكنه رسخ أسلوب المقاومة السلمية كنهج رئيسي في النضال ضد الاستعمار.

غاندي في جنوب إفريقيا.. بدايات المقاومة

قبل عودته إلى الهند، خاض غاندي معارك أخرى ضد التمييز العنصري في جنوب إفريقيا، حيث كان يعمل محاميًا. وقف ضد سياسات اضطهاد أصحاب البشرة السوداء، كما دافع عن حقوق العمال الهنود هناك، وأنشأ صحيفة "الرأي الهندي" لنشر أفكاره حول اللاعنف، وأسس حزب "المؤتمر الهندي للناتال" للدفاع عن حقوق العمال الهنود.

الصوم حتى الموت.. سلاح بلا عنف

كان غاندي يؤمن بأن اللاعنف أقوى من السلاح، فتبنى العصيان المدني والصيام كأدوات لمقاومة الظلم، وفي كل مرة كان يضرب فيها عن الطعام، كان يجبر السلطات على تقديم تنازلات. ورغم أن صيامه كان موجهًا في كثير من الأحيان ضد الاحتلال البريطاني، فإنه لم يتردد في استخدامه أيضًا لمواجهة التمييز الاجتماعي داخل الهند، خاصة ضد المنبوذين.

اغتياله.. ثمن النضال السلمي

لم يكن غاندي محبوبًا من جميع أبناء شعبه، فقد رأى فيه بعض المتعصبين الهندوس متساهلًا مع الأقليات المسلمة، خصوصًا بعد تأييده لفكرة تقسيم الهند وإنشاء دولة باكستان عام 1947.

وفي 30 يناير 1948، اغتيل على يد متطرف هندوسي أطلق عليه ثلاث رصاصات، لكنه قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، كرر كلماته التي أصبحت جزءًا من تاريخه:"سيتجاهلونك، ثم يحاربونك، ثم يحاولون قتلك، ثم يفاوضونك، ثم يتراجعون، وفي النهاية ستنتصر."

اقرأ أيضا