انعكاسات قرار طرح سندات (الساموراي) المقومة بالين الياباني على الاقتصاد المصري

الخميس 14 سبتمبر 2023 | 06:57 مساءً
صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
كتب : عامر عبدالرحمن

_خبيرة مالية: إجراء الطروحات يساهم في تعزيز سلة العملات المصرية ودعم قوة الجنيه مقابل الدولار.

وأخري: فكرة طروحات الساموراي تستهدف المستثمرين الذين يهتمون بهذا الأمر.

وافق مجلس الوزراء على قرار طرح سندات «ساموراي» المقوَّمة بالين الياباني بقيمة 500 مليون دولار، لمدة 5 سنوات، قبل نهاية العام الحالي 2023، وتأتي هذه الموافقة بعد نجاح الإصدار الأول من السندات اليابانية في مارس من عام 2022 ، وتحرص الحكومة من خلال هذا الطرح على تحقيق مستهدفات تنويع الأسواق العالمية والعملات والمستثمرين لتمويل الموازنة العامة.

وفي هذا الإطار نتعرف على آراء الخبراء حول  الانعكاس المتوقع من هذا الطرح على الاقتصاد المصري.

أهمية تنويع سلة العملات

أكدت النائبة مرفت الكسان، عضوة لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب ، ووكيلة أولى وزارة المالية، على أهمية تنويع سلة العملات وأدوات الدين المستخدمة من قبل الحكومة، مشيرة إلى أن استخدام السندات ليس مقتصرًا على الدولار فقط، بل تعمل الحكومة المصرية على توسيع نطاق عملاتها من خلال استخدام طروحات سندات بالين الياباني.

وأوضحت عضو لجنة الخطة والموازنة ، في تصريح خاص " لبلدنا اليوم" ،أن التنوع في سلة العملات وأدوات الدين هو خطوة هامة تقوم بها الحكومة لتعزيز الاقتصاد المصري، خاصة في ظل وجود عجز في الموازنة يتطلب وجود مصادر تمويل لسده.

وتابعت: وتعتبر الطروحات والسندات أحد الأدوات المستخدمة من قبل الحكومة في هذا الصدد، ومن المتوقع أنه بعد انضمام مصر إلى مجموعة البريكس في يناير 2024، ستتمكن من التعامل بشكل أكبر مع دول البريكس واستخدام عملاتها المحلية، مما يعد حدثًا هامًا لدخول مصر إلى هذه المجموعة الاقتصادية.

وأشارت إلى أن الهدف الأساسي من مجموعة البريكس هو التحول عن القطب الواحد، بمعني ان لا يكون لأمريكا والدولار الهيمنة على العالم، ويتيح للدول التعامل والتبادل التجاري بالعملات المحلية، او انشاء عملة متفق علية.

استقلالية العملة المحلية

ومن جهتها تؤكد الدكتورة حنان رمسيس تادرس، خبيرة تداول الأوراق المالية ،على أن الدولة المصرية تسعى جاهدة للدخول إلى الأسواق العالمية من خلال إجراء طروحات مالية في مختلف الأصول، سواء كانت طروحات حكومية أو في سوق الأسهم أو طروحات في أسواق الدين، كما تتطلع مصر في الوقت الحالي إلى فك الربط بين الجنيه المصري والدولار الأمريكي وتحقيق استقلالية عملتها المحلية، من خلال إجراء طروحات تتعلق اقتصاديات دول شرق آسيا.

وأضافت الخبيرة أن الحكومة نجحت في طرح شهادات الدين باليوان الصيني في الفترات السابقة، والآن تتجه مصر نحو طرح سندات بالين الياباني، والتي تعرف أيضًا باسم "ساموراي"، مشيرة إلى أن هذه الطروحات تعكس وجود تعاون بين مصر واليابان في عدة مجالات، بما في ذلك المشاريع التنموية مثل مترو الأنفاق، وأشارت إلى أن الحكومة اليابانية طلبت إجراء هذه الطروحات تعبيرا عن رغبتها في الاستثمار في السوق المصرية.

دعم قوة الجنية مقابل الدولار

وأوضحت "رمسيس" أن إجراء الطروحات في الأسواق العالمية يساهم في تعزيز سلة العملات المصرية ودعم قوة الجنيه مقابل الدولار، وتعزز هذه الطروحات الفرص الاستثمارية في مصر وتمكن من تمويل مشاريع التنمية بشروط ميسرة وفوائد منخفضة ومدد تمويل طويلة الأجل ، ومن المهم أن نلاحظ أن هذه الخطوة تعكس التوجه العالمي لمصر وفتحها لعدة أسواق وتعاونها مع دول أخرى.

واستطردت: أن التوجه نحو إصدارات الدين بعملات أخرى بدلاً من الدولار الأمريكي يعزز سلة العملات ويدعم قوة الجنيه المصري مقابل الدولار, فعندما تتوجه مصر إلى أسواق عملات أخرى، فإن ذلك يتيح فرص استثمارية واعدة داخل مصر ويمكن تمويل مشروعات التنمية بشروط سداد ميسرة وفوائد منخفضة ومدد تمويل طويلة الأجل.

وتشير إلى أن المشكلة السابقة كانت تكمن في التمويل قصير الأجل، حيث تحدث اضطراب في الموازنة العامة للدولة عندما يحين موعد استحقاق الديون وسدادها وفوائدها، وهذا يمكن أن يؤدي إلى أزمات اقتصادية، كما شهدنا ذلك في الأزمة الأخيرة بين الدولار والجنيه المصري عند سداد التزامات هامة للدولة أمام صندوق النقد الدولي.

تقليل المخاطر المالية

فهذه الخطوة نحو الاعتماد على تمويل طويل الأجل والاستعانة بعملات أخرى تساهم في تقليل المخاطر المالية وضغط الديون على الموازنة العامة للدولة، كما تمكن الحكومة من تنفيذ المشروعات التنموية والاستثمارية بطريقة أكثر استقرارًا وتوفير الفرص الاقتصادية للمستثمرين والمواطنين على حد سواء.

وأشارت الخبيرة المالية، إلى أن التوجه نحو أسواق شرق آسيا يساهم في تعزيز الرؤية العالمية لمصر وتوسيع فرص الانفتاح والتجارة،ويعني أن مصر ليست مقتصرة على سوق واحد فقط، بل تسعى للتعاون مع دول مثل اليابان لتحقيق مصالح مشتركة في الجوانب الاقتصادية والتكنولوجية والتنموية والسياسية والثقافية، ويعتبر لدي اليابان نهضة تكنولوجية قد تفيد الدول المحيطة بها من خلال تبادل الخبرات والمعلومات.

لا يوجد تأثيرات سلبية 

وتؤكد الدكتورة حنان رمسيس، في تصريح خاص" لبلدنا اليوم" ،أن هذا النهج له تأثيرات إيجابية ولا يوجد له تأثيرات سلبية، حيث تتميز هذه السندات بسداد طويل الأجل يتراوح بين 30 إلى 50 عامًا، وتتمتع بفوائد منخفضة جدًا،وتعتمد بشكل رئيسي على تمويل المشروعات التنموية بدلاً من الاقتراض، وتكون علاقتها الوحيدة هي التوجه نحو المشروعات التنموية،ويعزز هذا النهج المشروعات المفتوحة التي لا يمكن تعليقها أو تأجيلها نظرًا لأهمية التنمية وبناء البنية التحتية.

وبالنسبة لتوقع المزيد من الطروحات في المستقبل، فإنها توضح أن الطروحات تتم وفقًا لاحتياجات الأسواق وليست بشكل عشوائي. ويتم إجراء دراسات قبل الطروح لتحديد احتياجات تلك الأسواق. وعادة ما تتم الطروح وفقًا لطلب تلك الأسواق.

ونوهت أن الانضمام إلى مؤشر بريكس (BRICS) سيوفر مصادر تمويل أخرى بخلاف أدوات الدين، وهناك العديد من الاقتصاديين الذين يرفضون الاقتراض لتمويل التنمية، حيث يعتبرونه عبئًا ثقيلاً يترتب على الأجيال القادمة، ومن الأفضل أن يكون التمويل في مشروعات إنتاجية وزيادة في التصدير كمصدر للتمويل، وهذا أفضل من الاعتماد على الاقتراض بغض النظر عن مزاياه وفترة سداده.

 أمر مهم جدًا

ومن جانبها قالت الدكتورة سهر الدماطي خبيرة مصرفي، إن الهدف من إصدار الطروحات، سواء كانت ساموراي أو صكوك أو طروحات خضراء في الدول الغربية أو أمريكا، هو تغطية عجز الموازنة العامة والمصروفات العامة للدولة، وتهدف الحكومة إلى تنويع مصادر التمويل الخارجية من خلال هذه الطروحات.

 وأشارت الدماطي, إلى أن هناك العديد من المستثمرين الذين يمتلكون صناديق خاصة ويفضلون شراء هذه الطروحات، وتنطبق نفس الفكرة على الصكوك، حيث تجد مستثمرين مهتمين بها، وتؤكد أن فكرة التنوع في الطروحات أمر مهم جدًا، وهذا يعد جزءًا من استراتيجية الدولة في الحصول على التمويل الخارجي.

يتماشى مع استراتيجية الدولة

تؤكد الدكتورة سهر الدماطي أن فكرة طروحات الساموراي تستهدف المستثمرين الذين يهتمون بهذا الأمر، وقد حصلت الحكومة على موافقة لطرح سندات الساموراي بقيمة حوالي 500 مليون دولار بالين ياباني لمدة خمس سنوات، وهذا يتماشى مع استراتيجية الدولة التي تعمل على تغطية احتياجاتها وتحسين أسلوب معاملة الموازنة العامة.

وتوضح الخبيرة ،أن هناك فرقًا بين الطروحات والاستثمارات. فالطروحات، مثل سندات الساموراي، هي أدوات دين وتحتاج الحكومة إلى هذا التمويل لتغطية احتياجات الدولة، أما المستثمر فهو يقوم بوضع أمواله في مشروع أو أكثر. وفي مصر، تم طرح 32 شركة بالإضافة إلى شركة وطنية وصافي التابعين للجيش المصري للدخول والاستثمار في هذه الطروحات، وهذا يعتبر استثمارًا مباشرًا.

 ليس لها علاقة بقيمة الدولار

وأضافت: أن هذه الطروحات ليس لها علاقة بقيمة الدولار، حيث تُطرح بعملة الين الياباني, وتشير إلى أن الين الياباني هو واحد من العملات الخمسة التي يتم الاعتماد عليها في مصر، بالإضافة إلى الدولار واليورو والاسترليني واليوان الصيني.

وبالنسبة لمدة سداد الديون، تقوم الحكومة بطلب تأجيل أو إعادة جدولة الديون لفترات أطول ، ومع ذلك، فإن السندات تكون محددة بفترات زمنية تتراوح بين 5 سنوات وحتى 50 سنة. وفي مصر، يتم طرح طروحات تصل حتى 40 عامًا.

ونوهت: أن الموافقة التي تم الحصول عليها تتعلق بفترة 5 سنوات وليست علاقة لها بإعادة جدولة الديون، يمكن استخدام إيرادات هذه الطروحات لسداد ديون معينة، وفي هذه الحالة يتم خصم جزء من الإيرادات لسداد تلك الديون، ولا يشترط أن تكون العملة نفسها، حيث يمكن بسهولة تحويل الين الياباني إلى عملات أخرى. 

اقرأ أيضا