تحل اليوم ذكرى وفاة الإذاعي الراحل أحمد سعيد، المذيع المصري الأشهر في حقبة الخمسينات والستينات من القرن الماضي، ترأس إذاعة صوت العرب في عهد الرئيس جمال عبد الناصر من عام 1953م وحتى عام 1967م، واعتبرت الإذاعة من أهم الإذاعات العربية في تلك الحقبة.
مولده
ولد الإذاعي الراحل أحمد سعيد، في (29 أغسطس 1925م - 19 رمضان 1439 هـ), وتخرج في كلية الحقوق بجامعة القاهرة عام 1946، ثم عُين مذيعًا رئيسيًا في إذاعة القاهرة, ثم مديرًا لإذاعة "صوت العرب" عند تأسيسها عام 1953م، وعمل بها لمدة 14 عامًا، حتى قدم استقالته في سبتمبر من عام 1967.
تأثيره في الجماهير
عُرف أحمد سعيد بأسلوبه المميز في الأداء الإذاعي، واشتهر جماهيريًا في مصر والعالم العربي، وفي ذروة شهرته طلبت الحكومة البريطانية من الرئيس جمال عبد الناصر عام 1965، رفع اسم أحمد سعيد من قائمة الوفد المصري المسافر إلى لندن، بعد اعتراض مجلس العموم عليه، بتهمة تحريضه على قتل الجنود البريطانيين في عدن.
وقتها رفض الرئيس جمال عبد الناصر الطلب البريطاني، وكادت أن تحدث أزمة سياسية بين البلدين حتى تدخل رئيس الوزراء البريطاني هارولد ويلسون، وألقى خطابًا في مجلس العموم لاحتواء الموضوع.
الإسهامات والنجاحات
قدم أحمد سعيد العديد من البرامج الناجحة التي حققت شعبية كبيرة، حيث امتازت برامجه بالاحترافية والتنوع، بعدما تناول قضايا مختلفة تهم الجماهير المصرية والعربية عمومًا، حيث قدم أسلوبًا مبتكرًا ومشوقًا في التقديم، مما أبقى الجمهور مشتاقًا لمتابعة برامجه.
وكان من أشهر برامجه الإذاعية "أكاذيب تكشف حقائق" بالمشاركة مع زميله محمد عروق في ذلك الحين، كما ألّف كتابا بعنوان "القومية العربية" في عام 1959، ومسرحية بعنوان "الشبعانين" في عام 1966، وفي عام 1965، اختاره مجلس الأمة المصري (مجلس النواب حاليًا) ليكون عضوا في الوفد الذي يمثله في احتفالات بريطانيا بمناسبة مرور 700 عامًا على بدء الحياة الديمقراطية هناك.
أحمد سعيد ونكسة يونيو 1967
تم توجيه اتهامًا للإذاعي أحمد سعيد بأنه أعلن كذبًا انتصار الجيش المصري في حرب 5 يونيو 1967، على خلاف الحقيقة، ونقل عبر إذاعة صوت العرب بيانات عسكرية منسوبة لمصادر عسكرية في الجيش المصري تخبر عن انتصار ساحق لمصر وعن إسقاط عشرات الطائرات الإسرائيلية، وذلك بناء على البيانات الصادرة من الجيش والقيادة السياسية في ذلك الوقت، في الوقت الذي شهدت فيه جميع الجبهات هزيمة للجيش المصري من قبل الجيش الإسرائيلي، وقصف للطائرات المصرية وهي على الأرض وقبل أن تقلع من المدارج.
ويقول أحمد سعيد في مقابلة بخصوص هذا الموضوع: «لا تستطيع أي صحيفة أو إذاعة أو قناة تليفزيونية عندما يأتي إليها بيان من أي وزير في الدولة وهي في حالة حرب أن تمتنع عن نشره».
وأصبحت وسائل الإعلام والتلفزيون تلعب دورًا حاسمًا في حياة الناس، حيث يتأثر الجمهور بأصوات المذيعين ويفضلون الاستماع إلى أصوات مألوفة وملهمة، لذلك يُعد أحمد سعيد واحدًا من المذيعين المصريين الذين استطاعوا أن يحققوا نجاحًا كبيرًا في هذا المجال، وذلك بفضل استخدامه الفعّال لصوته وموهبته في التواصل مع الجماهير، لذلك يُعتبر سعيد أحد الشخصيات المؤثرة في مجال الإعلام المصري
وخلال حفل لتكريمه في عيد ميلاده التسعين، قال سعيد في مقابلة تلفزيونية إنه يعتبر أن الانتكاسة الحقيقية في المنطقة العربية بدأت بانفصال مصر وسوريا بعد وحدتهما تحت اسم الجمهورية العربية المتحدة في ستينات القرن الماضي، وأضاف سعيد أن الرئيس المصري الراحل جمال "عبد الناصر أعطى المنطقة العربية إيحاء بالأمل بأنها قادرة على تحقيق معجزات وحققتها بالفعل".
وفاته
توفي الإذاعي أحمد سعيد في القاهرة مساء الاثنين 29 أغسطس 2018 عن عمر ناهز الثلاثة وتسعين عامًا، لتفقد الإذاعة المصرية واحدًا من أفضل رجالها وذروة سنامها.