لم تترك مصانع "بير السلم" منتجًا إلا وتلاعبت به، فبات أغلب ما حول المستهلك المصري مشكوك في مصدره إلا المنتجات الشهيرة التي من الصعب تقليدها، فتحول المستهلك بفعل غياب الرقابة إلى فريسة لتلك المنتجات التي استهدفت صحة المواطن، وذلك بعدما ابتكرت بعض تلك المصانع وسيلة لتدوير النفايات البلاستيكية الخطرة واستعمالها في تصنيع "أطباق الموت" والتي ما إن يستخدمها الإنسان ومع مرور الوقت تتداعي صحته.
أطباق الموت
كانت البداية في ضوء شهادة حصلنا عليها من أحد العاملين في مجال تصنيع الأطباق البلاستيك والذي أكد غياب أدني درجات معايير الأمن والسلامة، وقد فضل عدم ذكر أسمه خوفًا من المسئولية، قائلاً :" قبل عملي في مصنع للبلاستيك كنت اسأل نفسي عن مصير الخردة البلاستيك المجمعة من الشوارع ومكب النفاية، وبعد فترة التحقت للعمل في مصنع للأطباق البلاستيك وحينها عرفت حقيقة عملية التصنيع حيث يتم إبرام اتفاق بين كسارات البلاستيك التي تعيد صهر البلاستيك وتكسيره وبيعه للمصانع لاحقًا والتي تستعمله في تشكيل وتصنيع بعض أنواع البلاستيك إلى جانب أطباق الفوم", مشيرًا إلى أن الأسعار المتدنية يبحث عنها دائمًا المستهلك وهو ما يجعله فريسة سهلة لتلك المصانع".
وتابع قائلًا : "عمليات البيع تتم بمحافظات الوجه القبلي والأسواق الشعبية حيث تزدهر الصناعات الغير آمنة".
وفي ضوء شهادة العامل أكد الدكتور محمد ضياء، استشاري السموم، أن تلك المصانع هي السبب الرئيسي وراء انتشار الأورام بين المصريين وأمراض الجهاز الهضمي, خاصة وأن منظمة الصحة العالمية أشارت في تقرير لها سابقًا إلى أن العبوات البلاستيكية تحتوى على مادة كيميائية تسبب سرطان الدم و الأنف، لذلك أدرجت مادة "الستايرين" أحد العوامل التي تدخل في صناعة البلاستيك والمطاط ضمن المواد المسرطنة للبشر، فهناك أنواع للبلاستيك منها الآمن ومنها الخطر، ولنتعرف علي أنواع البلاستيك يجب ملاحظة أنه يكون هناك في أسفل المصنوعات البلاستيكية شكل مثلث، ويدل المثلث على أن هذا المنتج يتم إعادة تدويره وداخل هذا المثلث توجد أرقام تشير إلي المادة المستخدمة في صناعة هذا المنتج.
الفلين سبب للموت السريع
وأضاف "ضياء" قائلا :" رقم "1" يشير إلى أن هذا النوع آمن للاستخدام مرة واحدة فقط ولا يعاد استخدامه كزجاجات الماء والعصير والمياه الغازية، ورقم "2" يدل على أن هذا النوع آمن للاستخدام أكثر من مرة وقابل للتدوير ولكن يجب إبعاده عن أشعة الشمس والحرارة العالية، أما رقم "3" فيدل على أن هذا النوع ضار وسام للغاية إذا تم استخدامه لفترة طويلة ويعتبر من أرخص أنواع البلاستيك، ورقم "4" يدل على أنه آمن نسبيا وقابل للتدوير ويستخدم في صناعة الأكياس البلاستيكية وبعض ألعاب الأطفال وعلب المعجون، علاوة على أن رقم"5 " يعد هو أفضل أنواع البلاستيك على الإطلاق، وقابل لإعادة للتدوير، ويدل رقم "6" علي خطورته علي الصحة ويطلق علية " الفلين " وهو النوع الذي نستخدمه بشكل يومي غير مدركين مدي خطورته يستخدم في صناعة أكواب القهوة والشاي، أو كأطباق فلين نضع فيها اللحوم والجبن عند بيعها، أما رقم "7" يعد خليطا من بعض المواد البلاستيكية ويفضل تجنبه وعدم استخدامه إلا اذا تم ذكر أنه خال من مادة "BPA" ويتم كتابتها بهذا الشكل "BPA Free" ما يجعلها آمنة وخالية من المواد التي تتفاعل مع الحرارة.
واستطرد استشاري السموم:" بالنسبة للبلاستيك المجمع من النفايات هو من أشد الأنواع خطورة وغير ممكن إعادة تدويره والعمل علي تدويره انتحار بالنسبة للمستهلك وينبغي تفعيل دور الأجهزة الرقابية لتشديد المتابعة علي تلك المصانع".
غياب الرقابة سبب فى نشاط مصانع بير السلم
وبدوره، تسائل الدكتور باسم محمد "استشارى الجهاز الهضمي" عن دور الأجهزة الرقابية من تلك الكارثة المرتكبة في حق الانسان، قائلاً : "إعادة تدوير البلاستيك يخضع لمعايير تفتقر إليها تلك المصانع التى تعمل بطريقة بير السلم، وعلي ضوء ذلك هناك تحذيرات في الأساس من أطباق الفوم والتى نستخدمها في المناسبات لتقديم الوجبات الساخنة والتي لها أضرار خطيرة جداً على صحة الإنسان، كما أحذر من استخدام الإسترتش البلاستك الذي يغطى به تلك الأطباق حينما يوجد بها أطعمة، لكونه صنع من كيماوي، مما يتم نقل المواد الكيماوية إلى الطعام بسرعة شديدة، مشيرًا الي أن استخدام تلك الأطباق والأكواب يسبب الكثير من الأمراض، في مقدمتها السرطان والفشل الكلوي، كما أن استخدام بعض الحقائب البلاستيكية والتي يتم صناعتها من مواد ضارة، لا يجب أن يوضع بها أي طعام، مثل الخضراوات والفاكهة، والتي غالباً ما يقوم تجار الفاكهة والخضراوات بشرائها، لكونها رخيصة الثمن، متسائلاً:" لماذا يقبل المواطنون على وضع طعامهم في أطباق وحقائب ضارة بصحتهم؟".
وتسائل أين وعى المواطنين من خطورة استخدام تلك الأطباق التي تصنع من الفوم؟ ، مؤكداً أن الدولة لا يجب أن تمنع صناعة الفوم من مصر، نتيجة استخدامه في صناعة الفواصل التي توجد بين الأجهزة الإلكترونية.
تجارة رابحة
علي الطرف الآخر، يقول "أحمد سعيد" صاحب معرض لبيع الأدوات المنزلية : للأسف التاجر لا يعنيه الأمور الصحية ولا يهتم إلا بالسعر الذي يدفعه الزبائن للشراء والاستهلاك طالما السعر في متناول اليد وعلى أساس ذلك المصانع أو حتى نكون منصفين بعض المصانع وليس جميعها تقوم بتقليد علامات تجارية ووضع علامات مضللة علي الأطباق وتكون ذات رائحة نفاذة لا تطيل الجلوس إلى جوارها، مشيرًا إلى أن تجارة هذا النوع من البلاستيك مربحة جدًا للمصنع والتاجر والخاسر الوحيد هو المستهلك.
ويتفق معه "صبري الدلهماوي" تاجر أدوات منزلية، قائلاً : "غياب الرقابة وراء انتشار تلك المنتجات والتي تجد زبونها في الأسواق الشعبية والمناطق الفقيرة حيث ينخفض سعرها عن المنتجات السليمة بمعدل النص تقريبًا وهو ما يدفع ببعض أصحاب المعارض للتعامل مع تلك المنتجات.