يرتقي الوطن بزدهار شعبه وما يصنعه وما يبنيه ويشيده من مباني وتاريخ عظيم، ففي مثل هذه الليلة منذ أكثر من ستة عقود وتحديدا في 21يوليو 1960، انطلاق علم مصر، وظهر النسر في منتصف الشاشة لينطلق النشيد الوطني "والله زمان يا سلاحي" لحن كمال الطويل وكلمات صلاح چاهين وغناء أم كلثوم، يعقبه صوت شيخ المقرئين محمد صديق المنشاوي وآيات من الذكر الحكيم، ثم يظهر شيخ المذيعين صلاح ذكي كأول مذيع تلفزيوني في مصر ليعلن مولد، "التلفزيون العربي" في كل من القاهرة ودمشق وحلب من القاهرة ثم يعلن الانتقال الى إذاعة خارجية من مجلس الامة لنقل خطاب عبدالناصر بناسبة الاحتفال بالذكرى الثامنة لثورة ٢٣ يوليو، يعود بعدها الارسال الى ماسبيرو لإذاعة مجموعة من الأغاني الوطنية مثل حكاية شعب، ووطني حبيبي الوطن الأكبر وقامت المذيعة همت مصطفى بتقديم تلك الأغاني كمذيعة ربط.
حيثُ أمر جمال عبدالناصر ببناء ماسبيرو في أقل من عام، وانطلق بالسلام الجمهوري، وصوت الشيخ محمد صديق المنشاوي أول بث على الشاشة الفضية، وقد أسس الدكتور "عبد الخالق حاتم" التليفزيون فى وزارته :-
وكانت فكرة إقامة التليفزيون بميدان التحرير في حضن مجمع التحرير وتم رفضها، لأنه كان يريد أن يقيم المبنى على شاطئ النيل ليكون هرما ثقافيا فنيا، وجاء بتصميمات التليفزيون الفرنسي الذي يأخذ الشكل الدائري، وأرسل البعثات إلى أمريكا وإنجلترا وألمانيا الشرقية وروسيا كي تتعلم الإخراج والتصوير، وتواصل بثلاثين شركة لتصنيع التليفزيون وقال لهم نريد التليفزيون بمصر وطلب من كل شركة منحه 40 جهازا على سبيل التجربة حتى اختيار الجهاز المناسب، وتم الاتفاق مع اليابان على إقامة مصنع النصر للتليفزيون وكان به خطوط إنتاج من شركات توشيبا وسوني وناشونال، والبيع وقتها كان بالتقسيط، وبعد ذلك أصبحنا نصدر فائض الإنتاج للخارج وأصبح التليفزيون المصري رائدا ليس في المنطقة العربية، بل والأفريقية.
ويعد يوم 21 يوليو عام 1960، اليوم الذي انطلق فيه البث التليفزيوني لتبدأ معه رسالة إعلامية جادة وهادفة رسخت لقيم ومبادئ المجتمع المصري الأصيل من خلال جيل عمالقة ورواد العمل الإعلامي المصري الذين قدموا إعلاما مهنيا متميزا أسهم بشكل كبير في تشكيل ثقافة المجتمع وتنمية وعى المواطنين، ليسميه المواطنون قلعة الإعلام.
ويذكر أن المخرج حسين كمال يعتبر من أبناء ماسبيرو الأول لأنه بدأ كمخرج للتلفزيون المصري قبل انطلاقته الكبيرة في السينما.
حسين كمال بدايته كانت مع انطلاقه ماسبيرو ١٩٦٠، وبدأ كمخرج للبرامج منهم (نادي الشباب) مع الإعلامية " اماني ناشد" وبرنامج (حياتي) في نسخته الأولى (رسالة) مع الإعلامية "ليلي واصف"
وأول عمل فني له التمثيلية التلفزيونية "رنين" ويليها سهرات وتمثيليات أخرى واخرج لمسرح التلفزيون في بدايته أعمال زي "ثورة قرية" و "خان الخليلي" وأول فيلم أخرجه الفيلم التلفزيوني القصير "المعطف" ثم انطلق للسينما
ورغم نجومية حسين في السينما كواحد من أكبر مخرجي السينما المصرية إلا أنه لا يتخلى عن التلفزيون طوال حياته واخرج التلفزيون أعمال مثل أغنيه ما (يؤخذ بالقوة) مع "سعاد حسني" وإخراج مجموعة أغان لنجاة وتقديم الاغنيه التلفزيونيه في لون جديد واخراج (نشيد الارض الطيبة) واوبرتات حفلات عيد الطفوله مع الفنانه "صفاء ابو السعود"(اوبريت دنيا جديدة وماما هدايه)
واول من أخرج كاميرا التلفزيون للتصوير الخارجي في سهرة "مفترق الطرق" من اخراجه
وغيرها من الأعمال التلفزيونيه ومثل ما بدأ في التلفزيون انهي حياته الفنية في التلفزيون بمسلسل "نحن لا نزرع الشوك" ١٩٩٨.
الجدير بالذكر أن أول مذيع ظهر على الشاشة كان الإذاعي صلاح زكي، كانت فكرة صلاح سالم، كإحدى محطات الوعي الجماهيري.
وقد يطلق الإعلاميون على ماسبيرو هرم مصر الرابع، فأنه جعل مصر رائده الإعلام والفن، فجدار ماسبيرو العريق تحمل ذكريات وحواديت كثيرة، تضمنت فخامة وعراقة وتاريخا، حتى أصبح منارة الإعلام، وشاد بالإعلامين جيل وراء جيل كي يحملون راية الإعلام الحر النزيه.
ونجد أن العراقة في الكفاح قد أوجد من خلالها ماسبيرو كنوز عظيمة تمكنت من بناء أعظم قوة لمصر، في عصرها الحديث يفوق كثيرا خسائره المادية، التي كنا نتمنى تحقيقها، وحقق مكاسب مادية لبعض المنصات الإعلامية الأخرى، وأصبح الصرح العظيم.