أكد وزير القوى العاملة حسن شحاتة على أن الدولة المصرية اتخذت العديد من التدابير والإجراءات العملية لمواجهة تداعيات فيروس كورونا، بتبني برامج حماية اجتماعية، ودعم العمالة غير المنتظمة ،وتفعيل الحوار الاجتماعي، وتعزيز علاقات العمل.
موضحاً ان التحديات الراهنة التي تواجه العالم تتطلب التعاون والعمل المشترك بين أبناء قارة أفريقيا لتحقيق التكامل الاقتصادي والتنمية والاستفادة الأمثل من ثروات القارة السمراء الطبيعية والبشرية، مشيراً أن العلاقات المصرية الأفريقية مصيرية وتضرب بجذورها في أعماق التاريخ.
جاء ذلك خلال كلمة "الوزير" صباح اليوم الثلاثاء في المؤتمر المشترك بين منظمة الوحدة النقابية الأفريقية ومكتب الأنشطة العمالية لمنظمة العمل الدولية المنعقد في القاهرة تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، بعنوان: "إمكانية تطبيق الحماية الاجتماعية من أجل تنمية مستدامة شاملة لأفريقيا، بدعوة من الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، وبحضور ما يقرب من 100 شخصية أفريقية ودولية ونواب من البرلمان المصري، تناقش على مدار الـ3 أيام مجموعة من المحاور منها: "نحو صحوة إنسانية من أزمة كوفيد 19 من خلال حماية اجتماعية عالمية"، و"وضع الحماية الاجتماعية في أفريقيا في ظل انتشار وباء كوفيد 19فيما يتعلق بالاستجابات والدروس الرئيسية المستفادة"، و"الحيز المالي المتاح من أجل توسيع مظلة الحماية الاجتماعية للاقتصاد غير الرسمي"، و"الدور النقابي في تطوير تنفيذ استراتيجية الحماية الاجتماعية الإقليمية بأفريقيا".
بدأ "الوزير" كلمته بالترحيب بقيادات منظمة العمل الدولية ومنظمة الوحدة النقابية الأفريقية واتحاد عمال مصر، منهم الدكتور فرنسيس أتولي رئيس منظمة الوحدة النقابية الأفريقية، وأرزقي مزهود الأمين العام للمنظمة، ومحمد جبران رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، ومحمد مامازينجو مدير برامج الأنشطة العمالية بمركز تورينو التابع لمنظمة العمل الدولية، قائلاً لممثلي منظمة الوحدة النقابية الافريقية من ابناء القارة السمراء :"نرحب بكم جميعا على أرض الكنانة مصر..مصر التي ترتبط إرتباطاً وثيقاً مع القارة الافريقية، كشجرة جذورها في الأرض ممتدة منذ بدء الخليقة، وفروعها في السماء مرتفعة هاماتها في أرجاء المكان.. فإن التاريخ يشهد على تلك العلاقة الأبدية، والتي تؤكد وحدة المصير والأهداف، والعمل المشترك، ولا يغيب عن حضراتكم، أن مصر كانت إحدى الدول المؤسسة لمنظمة الوحدة النقابية الافريقية عام 1963، حيث كان الرئيس الراحل "جمال عبدالناصر" أحد الآباء المؤسسين للمنظمة، ورمزا للنضال والتحرر الوطني في إفريقيا وشتى الدول التي عانت من الاستعمار، ومنذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم في عام 2014، سعت مصر إلى لعب دور أكثر فاعلية، ونشطت بالفعل في مختلف آليات العمل الإفريقي المشترك، حيث حرصت على تعظيم دورها في إفريقيا من خلال تدعيم التعاون مع الأشقاء الأفارقة في المجالات كافة، وهو الأمر الذى انعكس في القيام بالعديد من الزيارات واستقبال المسؤولين الأفارقة في مصر، وما شهدته تلك الزيارات من توقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية بهدف دعم التعاون والتكامل الاقتصادي المنشود.
كما أطلقت مصر في نوفمبر 2021،خطة العمل الاستراتيجية متوسطة المدى للفترة ٢٠٢١ - ٢٠٢٥ لدول "تجمع الكوميسا"، والتي تهدف إلى تعميق الاندماج الاقتصادي والتكامل الإقليمي والتنمية ما بين دول ذلك التجمع الافريقي الذي يزيد عدد سكانه عن 583 مليون نسمة، وذلك بالتناغم مع اتفاقية منطقة التجارة الحرة للقارة الأفريقية.. وكل ما سبق يؤكد على أن مصر كانت ولا زالت، وسوف تستمر في تقديم كل أشكال الدعم والتعاون للأشقاء الأفارقة".
وبشأن التحديات العالمية الراهنة قال الوزير للمؤتمر: "ونحن نناقش اليوم برامج الحماية الاجتماعية والتنمية والتحديات التي واجهت العالم أجمع جراء فيروس كورونا ،فإنه لا يغيب عنكم ،وانتم خبراء متخصصون في قضايا العمل، خطورة التحديات الراهنة ،وأنه ومنذ ظهور جائحة فيروس كورونا "كوفيد-19"،أعلنت كافة الدراسات والتقارير الدولية، والصادرة عن جهات رسمية متخصصة أن قضايا العمل كانت الأكثر تأثراً بذلك "الفيروس" ،وأن الأزمة الاقتصادية، وأزمة الوظائف التي أحدثها انتشار "الوباء" أدت إلى زيادة أعداد العاطلين عن العمل في العالم بنحو 25 مليون شخص، لتتخطى الـ207 ملايين عاطل حول الكرة الأرضية ،مقابل 186 مليونا في 2019، وان تلك المعلومات الموثقة التي اطلقتها منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة ،في تقريرها العالمي للحماية الاجتماعية 2020-2022.
جاء فيها أيضا ان 47 في المائة فقط من سكان العالم مشمولون حالياً بواحدة على الأقل من إعانات الحماية الاجتماعية، بينما لا يحصل 4.1 مليار شخص "53 في المائة" على أي دعم أو "إعانة".. ولا يمكن أن ننسى هنا وبهذه المناسبة أنه ومع حجم التحديات التي واجهت عالم العمل حول العالم جراء "كورونا"، وبالأخص في قارتنا الافريقية ،جاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتلقى بظلالها أيضا ،وترفع من حجم تلك التحديات وخطورتها، وهو ما يؤكد على أن الحوار الاجتماعي، بين اطراف العمل الثلاثة من حكومات وأصحاب عمل وعمال وممثليهم، أمراً مهماً جداً للعمل المشترك للاستثمار الأمثل لمواردنا الافريقية، ولدعم التدابير التي نحتاجها للتغلب على هذه التحديات".
وحول تبني الدولة المصرية لتدابير المواجهة قال "الوزير" للحضور: "إن مصر التي "أفلتت" من الإرهاب، الذي حاول بكل الطرق أن ينال من استقرارها وتنميتها، نجحت في القضاء عليه ،وهي الان تعيش مناخ استثماري مستقر يحمي الصناعة الوطنية، ويدعم القطاع الخاص، وتسير وبخطى ثابتة نحو "الجمهورية الجديدة" و "المشروعات القومية العملاقة"، وتنفيذ البرامج التي تستهدف المزيد من تعزيز علاقات العمل وزيادة الإنتاج وفرص العمل وتفعيل خطط التدريب والتشغيل وتأهيل الشباب لسوق العمل في الداخل والخارج ،وكل ذلك يتزامن مع "حوار وطني ومجتمعي "على أرض الواقع تشارك فيه كافة القوى الوطنية.
كما أطلقت مصر استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان، أبرزها الحق في الصحة والتعليم، والعمل الأفضل واللائق، و"الحياة الكريمة".. وأريد هنا أن أوضح أن مصر التي عانت كما عانى العالم من التحديات السابقة تيقنت مبكراً حجم تلك التحديات ،فاتخذت كافة التدابير للمواجهة، فقدمت كل الدعم للعمالة غير المنتظمة، ولا تزال، ورفعت من حجم الإنفاق الحكومي على برامج الحماية الاجتماعية والذي بلغ خلال السنوات الثماني الماضية منذ العام المالي 2014-2015 وحتى الأن ،حوالي 2 تريليون جنيه، بما يمثل زيادة بنسبة 95٪ مقارنة بإجمالي الإنفاق في السنوات الثماني السابقة لها.
كما تمكنت من اتخاذ خطوات سريعة في مواجهة الأزمات الأخيرة، من خلال توسيع شبكة الحماية الاجتماعية، وأطلقت مبادرة حياة كريمة باعتبارها مشروع طموح لمعالجة الفقر متعدد الأبعاد، وتوفير الحياة الكريمة لأكثر من 50 مليون مصري في 4500 قرية، يشكلون حوالي نصف إجمالي السكان، مما يجعلها مبادرة غير مسبوقة من حيث تغطيتها ونطاق تمويلها"
وفي ختام كلمته تمنى الوزير لضيوف مصر الإقامة الطيبة، والنتائج المثمرة التي تليق بهذه الاجتماعات التي تضم نخبة متميزة من أبناء افريقيا.
مضيفاً: "أيادينا ممتدة لكم بكل صدق ومصداقية نحو التطلع إلى المزيد من التعاون والتنسيق والعمل المشترك، وان مصر ستستمر في تَحّمُل مسؤولياتها شعبا وأرضا مع قيادتها السياسية تجاه القارة السمراء لتمتزج وتذوب خطوط الجغرافيا والتاريخ، فترسم صفحة جديدة من إرادة المصير والمستقبل المشترك".