قال الرئيس عبد الفتاح السيسى: "نحتفل اليوم معا بعيد الشرطة، والذى يوافق ذكرى غالية في سجل الوطنية المصرية وهى معركة الإسماعلية التي تجسدت فيها قيم الفداء دافعا عن تراب الوطن وكانت ملحمة نضال وكفاح تظل على مر العصور شاهدة على نبل البطولة وشرف الصمود".
وأضاف الرئيس السيسى، خلال كلمته في احتفال عيد الشرطة: "احتفالنا اليوم هو مناسبة نستدعى فيها من ذاكرة الوطن الثرية المعاني والقيم، التي ضحى ابطالها من أجلها بأرواحهم الغالية، ومن اسمى تلك المعانى قيمة الكبرياء الوطني ونتذكر معانا شهداء الشرطة الذى ضحوا بأرواحهم من أجل اسم مصر".
وتابع الرئيس السيسى: "معركة الإسماعيلية رسمت لوحة خالدة تلاحمت فيها بطولات الشرطة والشعب لتشهد للعالم أجمع بأن المصريين يد واحدة أمام العدوان الغاشم".
وجاء ذلك خلال كلمته باحتفالية عيد الشرطة الـ69، ويذكر أنه فى صباح يوم الجمعة الموافق 25 يناير عام 1952، حدثت قصة ولا أروع، لا زال نحتفي ونحتفل بها إلى الأن، بدأت عندما قام القائد البريطانى بمنطقة القناة "البريجادير أكسهام" باستدعاء ضابط الاتصال المصرى، وسلمه إنذارا لتسلم قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وترحل عن منطقة القناة وتنسحب إلى القاهرة.
فما كان من المحافظة إلا أن رفضت الإنذار البريطانى وأبلغته إلى فؤاد سراج الدين، وزير الداخلية فى هذا الوقت، والذى طلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام.
هذا الموقف "الشجاع" من الشرطة المصرية، كان واحدًا من أهم الأسباب فى اندلاع "العصيان" لدى قوات الشرطة "بلوكات النظام وقتها"، الأمر الذي جعل "إكسهام" وقواته يقومان بمحاصرة المدينة وتقسيمها إلى حى العرب وحى الإفرنج ووضع سلك شائك بين المنطقتين بحيث لا يصل أحد من أبناء المحافظة إلى الحى الراقى مكان إقامة الأجانب.
كانت هناك أسباب أخرى بعد إلغاء معاهدة 36 فى 8 أكتوبر 1951 غضبت بريطانيا غضبا شديدا واعتبرت إلغاء المعاهدة بداية لإشعال الحرب على المصريين ومعه أحكام قبضة المستعمر الإنجليزى على المدن المصرية ومنها مدن القناة والتى كانت مركزا رئيسيا لمعسكرات الإنجليز وبدأت أولى حلقات النضال ضد المستعمر وبدأت المظاهرات العارمة للمطالبة بجلاء الإنجليز.
واستمرارًا لعدم تلبية أوامر "القوات المحتلة أنذاك"، فى 16 أكتوبر 1951 بدأت أولى شرارة التمرد ضد وجود المستعمر بحرق النافى وهو مستودع تموين وأغذية بحرية للانجليز كان مقره بميدان عرابى وسط مدينة الإسماعيلية، وتم إحراقه بعد مظاهرات من العمال والطلبة والقضاء علية تماما لترتفع قبضة الإنجليز على أبناء البلد وتزيد الخناق عليهم فقرروا تنظيم جهودهم لمحاربة الانجليز فكانت أحداث 25 يناير 1952.
وفي الساعة السابعة صباحا، انطلقت مدافع الميدان من عيار 25 رطلا ومدافع الدبابات (السنتوريون) الضخمة من عيار 100 ملليمتر تدك بقنابلها مبنى المحافظة وثكنة بلوكات النظام بلا شفقه أو رحمة وبعد أن تقوضت الجدران وسالت الدماء أنهارا، وأمر الجنرال "إكسهام" بوقف الضرب لمدة قصيرة لكى يعلن على رجال الشرطة المحاصرين فى الداخل إنذاره الأخير وهو التسليم والخروج رافعى الأيدى وبدون أسلحتهم وإلا فإن قواته ستستأنف الضرب بأقصى شدة.
الدهشة تملكت القائد البريطانى، حينما جاءه الرد من ضابط شاب صغير الرتبة لكنه متأجج الحماسة والوطنية، وهو النقيب مصطفى رفعت، فقد صرخ فى وجهه فى شجاعة وثبات: "لن تتسلمونا إلا جثثا هامدة".
واستأنف البريطانيون المذبحة الشائنة فانطلقت المدافع وزمجرت الدبابات وأخذت القنابل تنهمر على المبانى حتى حولتها إلى أنقاض، بينما تبعثرت فى أركانها الأشلاء وتخضبت أرضها بالدماء الطاهرة.
وبرغم ذلك الجحيم ظل أبطال الشرطة صامدين فى مواقعهم يقاومون ببنادقهم العتيقة من طراز (لى إنفيلد) ضد أقوى المدافع وأحدث الأسلحة البريطانية حتى نفدت ذخيرتهم، وسقط منهم فى المعركة 56 شهيدا و80 جريحا، بينما سقط من الضباط البريطانيين 13 قتيلا و12 جريحا، وأسر البريطانيون من بقى منهم على قيد الحياة من الضباط والجنود وعلى رأسهم قائدهم اللواء أحمد رائف ولم يفرج عنهم إلا فى فبراير 1952.
ولم يستطع الجنرال إكسهام أن يخفى إعجابه بشجاعة المصريين فقال للمقدم شريف العبد ضابط الاتصال لقد قاتل رجال الشرطة المصريون بشرف واستسلموا بشرف، ولذا فإن من واجبنا احترامهم جميعا ضباطا وجنودا.
وقام جنود فصيلة بريطانية بأمر من الجنرال إكسهام بأداء التحية العسكرية لطابور رجال الشرطة المصريين عند خروجهم من دار المحافظة ومرورهم أمامهم تكريما لهم وتقديرا لشجاعتهم وحتى تظل بطولات الشهداء من رجال الشرطة المصرية فى معركتهم ضد الاحتلال الإنجليزى ماثلة فى الأذهان ليحفظها ويتغنى بها الكبار والشباب وتعيها ذاكرة الطفل المصرى وتحتفى بها.
الجدير بالذكر، أنه تم إقرار هذه الإجازة الرسمية لأول مرة بقرار من الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك، باعتبار هذا اليوم إجازة رسمية للحكومة والقطاع العام المصري تقديرًا لجهود رجال الشرطة المصرية في حفظ الأمن والأمان واستقرار الوطن واعترافًا بتضحياتهم في سبيل ذلك وتم الإقرار به في فبراير 2009.