الثقافة هي روح الأمة وعنوان هويتها وهي من الركائز الأساسية في بناء الأمم ونهوضها فكل أمة تستمد منها عناصرها ومقوماتها وصفاتها التي تتصف بها؛فالتاريخ الإنساني يعرف بالثقافة اليونانية والرومانية والهندية والمصرية والفرعونية وعندما استلم العلم القيادة الفكرية والثقافية والعلمية للبشرية وتراجع العرب عن الركب الثقافي وتوقفوا عن الإبداع في ميادين الفكر والعلم والمعرفة الإنسانية واتسموا بالجمود والتقليد وضعفوا أمام الثقافات الغربية التي أثرت بكل قوة علي الفن والعقل والأدب وذلك لأن الثقافة الغربية تقوم علي أساس الشك والسخرية والعنف ولا توجد لها ثوابت وتقوم علي الثبات والتغيير يأتي من الإجتهادات في الإبداع القابل للتأييد أو الرفض وثقافتنا ثقافة موضوعية وشمولية بينما الغرب ثقافتهم إعتمدت علي الفكر اليوناني والقانون الروماني واللغة اللاتينية فهم لهم عقائدهم وأفكارهم ونحن لنا عقائدنا وأفكارنا ولنا أيضا عقائد خاصة بنا من حيث معالجة القضايا الإجتماعية والأفكار السياسية والرؤي الفلسفية المتعلقة بعلاقات الأفراد داخل خلاياهم الإجتماعية ومن هنا جاءت الفجوة التي تعرضنا لها في الآونة الأخيرة بسبب فهمنا الخاطئ للحرية ومن هنا لا يوجد إلا نوعان من التأثير بخلاف أنواع أخري تندرج تحت سياق العولمة الثقافية الإيجابية والسلبية إما أن نتبني الأفكار الغربية مع إمكانية تعديل وتغيير بسيط حسب خصوصياتنا كعرب أو نتبني فكرة الدفاع والمواجهة ضد هذه الثقافات الغربية .
فلا بد علي كل مجتمع أن يعبر عن ثقافته وعن نفسه وينطلق من النطاق الضيق إلي العالم وخلق فرص متكافئة بحيث تتفاعل الثقافات في مابينها في ظل ثورة الإتصالات التي تسهل من نقل الأنماط الحضارية والثقافية من مكان لأخر.
إن الهدف المعلن للعولمة هو خدمة البشرية وذلك بإزالة الحواجز الجغرافية وإشاعة القيم الإنسانية وحمايتها وتوحيد الجهود لتحسين حياة الإنسان ولكن الهدف الحقيقي هو بث قيم وأفكار ثقافية قوية وتأسيس الهوية الثقافية والحضارية للمجتمعات العربية وفرض سياسة إعلامية قادرة علي صياغة القيم والعادات والتقاليد العربية وفرض الثقافة الغربية دون أن تصب في مصلحة الدول الغربية.
وفي النهاية أنه لابد أن نتحصن من الداخل لأنه هو الطريق الوحيد للوقاية من مخاطر العولمة الثقافية و نعمل جيدا علي تربية أبنائنا وبناتنا التربية السليمة وأن يستخدموا عقولهم قبل أن يستخدمها الآخرين وتشجيع الشباب ومنحهم دورا كبيرا في المجتمع وإتاحة الفرصة لهم للتغيير لأن الشباب هي الشريحة المتميزة ويمتلكون مكانة خاصة في أي مجتمع متقدم ويسعي للتطور وتحقيق التنمية غير أن الشباب يؤمن بعدم تقبل الأمر الواقع بسهولة والميل إلي النقد والجدل كطريق وحيد للإقناع وقادر دائما علي التأثير الفعال سواء بالإيجاب أو السلب في جميع قطاعات المجتمع.