ورد الى مجمع البحوث الإسلامية سؤال عبر صفحته الرسمية يقول صاحبه: " أبي مريض ملازم الفراش ، وأريد الذهاب لزيارته ، وزوجي يمنعني من هذا، ويقول لي : " إن زيارة أبي ليست فرضا علي، وإنما الفرض طاعة الزوج فيما يأمر به ، وأن امرأة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم منعها زوجها من زيارة أبيها فاشتكت للنبي صلى الله عليه وسلم فأمرها النبي بطاعة زوجها، فلما توفي أبوها استأذنته في دفنه فأبى فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم إن الله غفر لأبيك بطاعتك لزوجك ، فما مدى صحة هذا الكلام شرعا؟
وأجابت لجنة الفتوى: إن الشرع الحنيف اعتبر رابطة الزواج ميثاقا غليظا، ووضع أساس العلاقة بين الزوجين وهو المعروف فقال تعالى {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [البقرة: 228] ، والمعروف اسم جامع لكل خير وبر ، فكل ما يحقق مصلحة الأسرة واستقرارها ، ويراعي مشاعر الطرف الآخر ويلبي حاجاته فهو من المعروف الذي أمر الله به، والدرجة هنا ليست للتسلط والقهر ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الدَّرَجَةُ إِشَارَةٌ إِلَى حَضِّ الرِّجَالِ عَلَى حُسْنِ الْعِشْرَةِ، وَالتَّوَسُّعِ لِلنِّسَاءِ فِي الْمَالِ وَالْخُلُقِ، أَيْ أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَتَحَامَلَ عَلَى نَفْسِهِ ، قال الماوردي وهذا قول حسن بارع .
وأضافت اللجنة أن من الفهم المغلوط تفسير القرآن الكريم بالأهواء ، فقد جعل الله تبارك وتعالى للزوج القوامة على زوجته قال تعالى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ } [النساء: 34] ، والقوامة ليست تسلطا ولا تعنتا ، بل هي رحمة وأمانة ، قال الرازي : معْنَى الْآيَةِ أَنَّهُ لِأَجْلِ مَا جَعَلَ اللَّهُ لِلرِّجَالِ مِنَ الدَّرَجَةِ عَلَيْهِنَّ فِي الِاقْتِدَارِ كَانُوا مَنْدُوبِينَ إِلَى أَنْ يُوَفُّوا مِنْ حُقُوقِهِنَّ أَكْثَرَ، فَكَانَ ذِكْرُ ذَلِكَ كَالتَّهْدِيدِ لِلرِّجَالِ فِي الْإِقْدَامِ عَلَى مُضَارَّتِهِنَّ وَإِيذَائِهِنَّ، وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَتْ نِعَمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَكْثَرُ، كَانَ صُدُورُ الذَّنْبِ عَنْهُ أَقْبَحَ، وَاسْتِحْقَاقُهُ لِلزَّجْرِ أَشَدَّ .
وقالت لجنة الفتوى ، إن ما ذكرته السائلة من أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الزوجة بطاعة زوجها ومنعها من زيارة أبيها ومن شهود دفنه فلا أساس له من الصحة بل هو ظلم وقهر، لا يليق بصاحب المروءة فضلا عن الدين.
واختتمت لجنة الفتوى ردها قائلة: ننصح الزوجين بتقوى الله تعالى، وتغليب المشاعر الإنسانية ، وعلى الزوج أن يتحلى بكرم النفس وحسن الخلق والمعاشرة بالمعروف فيسمح لزوجته ببر أبويها كما على الزوجة أن تُقدَّر له هذا ، ولا تفرِّط في رعاية بيتها، وعلينا أن نتذكر وصية النبي صلى الله عليه وسلم بقوله :" والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تراحموا" ، وقهر النفوس وقطع العلاقة بين الزوجة وأبيها ليس من الرحمة في شيء لاسيما مع ظروف المرض.
اقرأ المزيد
خطوة هامة من الحكومة حول إعداد خطة عمل تنفيذية لتنظيم الأسرة
وزير الإسكان يتابع تنفيذ وحدات الإسكان الاجتماعي بعدد من المحافظات