تمثّل سورة الكهف منهجاً قويماً في حياة المسلم، فهي سبب للسعادة والراحة والطمأنينة كما أنها وقاية للمسلم من فتن الدنيا فالحياة الدنيا فانية وإلى زوال ونجدها تذكّر المؤمن بالحياة الآخرة ويوم الحشر والحساب.. والفائز حقاً هو من جعل حياته لله تعالى والتزم الإيمان والتقوى.
والكهف سورة مكية تنتصف القرآن الكريم.. وهي السورة الثامنة عشرة في ترتيب القرآن الكريم.
وسمّيت بسورة الكهف إشارة لأصحاب الكهف الذين ثبتوا على عقيدتهم، وفرّوا بإيمانهم إلى الله -تعالى- من ظلم الظالمين فآواهم الله عز وجل وحفظهم وشملهم برحمته وعنايته.. فلذلك نجد السورة تركّز على أمر مهم؛ وهو تأسيس العقيدة الإسلامية الراسخة الصحيحة من خلال بيان أثرها العظيم في حياة الإنسان.
وتُقرأ سورة الكهف كلّ يوم جمعة، ولا فرق بين أن تكون قراءتها ليلاً أو نهاراً، ومن قرأها كانت له نوراً بين الجمعتين، كما نُقل عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (من قرأ سورةَ الكهفِ في يومِ الجمعةِ، أضاء له من النورِ ما بين الجمُعتَينِ).
ويبدأ وقت قراءة سورة الكهف، من غروب شمس يوم الخميس، لأنه ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث آخر قال: «من قرأها ليلة الجمعة»، وذلك فإن ليلة الجمعة تدخل في الوقت الذي تجوز فيه القراءة
ولقراءة سورة الكهف فضائل وحِكمٌ عديدة، وفيما يأتي بيانٌ لها بشكلٍ مفصّلٍ:
نزول السكينة: فقد كان صحابي يقرأ سورة الكهف وفي بيته دابّة؛ فجعلت تضطرب وتتحرّك، فتوجّه بالدعاء إلى ربّه بأن يسلّمه من الدابة، فإذا بسحابة قد غشيته، فروى ذلك لرسول الله، فبيّن له الرسول أنّ القرآن الكريم من أسباب حلول السكينة، أي إن السحابة هي السَّكينة والرحمة، ويقصد بذلك الملائكة، لِذا اضطربت الدابة لرؤيتهم، وهذا دليلٌ على فضل قراءة القرآن وأنه سببٌ لنزول الرحمات والسكينة وحضور الملائكة، روى الإمام مسلم في صحيحه: (قَرَأَ رَجُلٌ الكَهْفَ، وفي الدَّارِ دَابَّةٌ فَجَعَلَتْ تَنْفِرُ، فَنَظَرَ فَإِذَا ضَبَابَةٌ، أَوْ سَحَابَةٌ قدْ غَشِيَتْهُ، قالَ: فَذَكَرَ ذلكَ للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: اقْرَأْ فُلَانُ، فإنَّهَا السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ عِنْدَ القُرْآنِ، أَوْ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ).
نيل النور يوم القيامة
قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (من قرأ سورةَ الكهفِ كانت له نوراً إلى يومِ القيامةِ).
العصمة من المسيح الدجال
إذ إنّ فتنته عظيمة، وما من نبيٍ إلّا وحذّر قومه منه، وقد قيل إنّ العصمة تتحقّق بقراءة أوائل آيات سورة الكهف دون تحديدٍ، وقيل إنّها بأول ثلاث آياتٍ، وقيل تتحقّق بآخر عشرة آيات، وقيل بأول عشرة، ومع ذلك فمن الأفضل أن تُحفظ السورة كاملة وتُقرأ، فإن تعسّر فعشرة أياتٍ من أولها وعشرة من آخرها، وإلّا فالعشرة الأولى فقط، قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (مَن حَفِظَ عَشْرَ آياتٍ مِن أوَّلِ سُورَةِ الكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ).