بداخل منزل بسيط في إحدى الأحياء الشعبية بمحافظة الإسكندرية، جلست فتاة بالعقد الثالث من عمرها تُشاهد نشرة الأخبار، وقعت عيناها على خبر عاجل يفيد بغرق إثنا عشر شابًا في شاطئ النخيل، تغيرت ملامح وجهها وبدا الحزن عليها، عادت بأذهانها للوراء لتتذكر ما حدث قبل حوالي عشر أعوام تحديدًا في يونيو 2009.
الثانية عشر ظهرًا، السماء صافية وحرارة الجو معتدلة، انتهى "أحمد" الطالب بالصف الأول الثانوي من امتحان آخر مادة دراسية، قرر الذهاب رفقة أصدقائه في نزهة احتفالًا ببدء الإجازة، وقع اختيارهم على شاطئ النخيل لاعتبارات عدة أهمها كونه أحد الشواطئ المفتوحة التي يستطيعون الدخول إليها دون عائق.
لم يكن "أحمد" على دراية بقواعد السباحة، تردد كثيرًا في خوض مغامرة النزول إلى المياه، ليكتفي باللهو على الشاطئ، ثواني معدودة وانطلقت في المكان صرخات استغاثة، أدرك أصدقاء "أحمد" اختفائه لتقع أعينهم عليه يُحاول النجاة وسط أمواج تدفعه يمينًا ويسارًا، لم يتردد الأصدقاء وأسرعوا جميعًا لإنقاذه، تشبث "أحمد" بيد أحدهم لكن ومع قوة مياة البحر فقدوا السيطرة عليه، لتقذف به الأمواج بعيدًا.
كانت الأم تستعد لتجهيز طعام الغداء، شردت لثواني معدودة شعرت فجأة بألم في قلبها، فكرت بصغيرها الذي تأخر في العودة إلى المنزل، قطع شرودها صوت هاتف التليفون، كانت المُكالمة من أحد أصدقاء نجلها لإخبارهم بمصير "أحمد" دوت صرخة داخل المنزل، سقطت الأم مغشيا عليها، فالصدمة كانت كبيرة فأحمد هو الإبن الوحيد، الأب لم ينجب سواه وشقيقته الكبرى.
ثلاثة أيام تُحاول فرق الإنقاذ العثور على جثمان"أحمد" لكن بلا فائدة، أخبر أحدهم والده أنّ نجله لن يخرج إلّا برفقة أمه، على الفور أسرعت الأم إلى الشاطئ جلست على الرمال تُنادي بصوت مرتفع ، "أحمد أخرج يحبيبي تعالى أنا مستنياك يلا أخرج"، ساعات قليلة وخرج أحمد بمفرده على الشاطئ، احتضنت الأم صغيرها وغادرت لتنتهي هنا آخر ما تبقى من أحلام الفتى، "أحمد" كان يسعى لأن يُصبح معلمًا لكن لم يشأ القدر أن يُحقق هذا الحلم.
على بعد عشرات الكيلو مترات من الإسكندرية، تقع قرية صغيرة تُدعى "البراجيل" إحدى قرى محافظة الجيزة، وبداخل إحدى منازل القرية تابعت أسماء وأسرتها في صمت أخبار حادث غرق شباب بشاطئ النخيل، الحادث الذي بسببه خيّم الحُزن من جديد على المنزل كونه أعاد للذاكرة اليوم الذي فقدوا فيه شقيقهم "حسين" قبل 4 أعوام وتحديدًا في 2016.
الخامس والعشرين من يونيو عام 2016، ظهرت نتيجة "حسين" الطالب بالصف الثاني الثانوي، حصد الفتى درجات مميزة ليقرر الأب مكافئته على تفوقه، جلس "حسين" رفقة أشقائه للتفكير في هديته، اقترحت شقيقته الصغرى "أسماء" أن تكون الهدية الذهاب في رحلة "مصيف"، همّ الفتى مسرعًا ليخبر والده، ولم يعترض الأب وقرروا جميعًا الذهاب إلى الإسكندرية لقضاء عطلة صيفية بشاطئ النخيل.
السادس والعشرون من يونيو 2016، ارتفع آذان الفجر بالمدينة، وصلت الأسرة للتو إلى منزل صغيرة للإقامة به فترة الرحلة، لم يمكثوا طويلًا في تجهيز أدواتهم، دقائق وتواجدوا جميعًا على الشاطئ، حاول "حسين" الإسراع بالنزول إلى البحر لكنّ الأب طلب منه أن لا يبتعد كثيرًا عنه وإخوته، بالرغم من أنّ الفتى ذو الـ18 عامًا كان على دراية جيدة بأمور السباحة لكنّه فضلّ أن يكون رفقة والده، تعالت أصوات ضحكاتهم لم تُفارق الابتسامة ملامح وجههم، تذكّر "حسين" نجل عمته صاحب الـ30 عامًا والذي تُرهبه المياه فقرر الاكتفاء بالجلوس على الشاطئ، لكنّ "الفتى" كان له رأي آخر فالتقط طوق السباحة الخاص بشقيقته مُسرعًا نحو الشاطئ لإجباره على النزول للمياه بصُحبته.
على مرمى البصر كان هناك شخص يُراقبهم، ثواني حتى قطع أصوات ضحكاتهم المرتفعة بسؤاله عن "الفتى" الذي كان برفقتهم منذ قليل، تفاجأ الأب في البداية بالسؤال، لم يتردد في الإجابة فأخبره بأنّه خرج للشاطئ، لكنّ الرجل أشار إلى اتجاه الشاطئ فلم يكن هناك سوى طوق السباحة الخاص بهم يطفوا على المياه، ليصل إلى الشاطئ بمفردة دون "حسين" الذي لم يكن له آي أثر.
بدأ التوتر يظهر على الجميع خرجت أسماء رفقة شقيقتها الصغرى من المياه، بدأت الأسرة بأكملها تبحث عن "الفتى" لكن بلا فائدة، مرت ساعات حتى دقت الخامسة مساءً،لم ييأس الأب في البحث عن نجله بالمياه بمساعدة عدد من رجال الإنقاذ والذي طلب أحدهم من والد "حسين" أن يأتي بوالدته التي فضلت أن تظل هي بالمنزل، حتى يخرج الفتى من المياه، لكنّ الأب كان شارد الفكر لايدري كيف سيخبر زوجته أنّ صغيرها التهمه البحر، لكنّ "حسين" لم ينتظر قدوم والدته وخرج جثمانه على الشاطئ وعاد رفقة والده وأشقائه إلى قرية البراجيل.
ودّعت الأسرة "حسين" دفن برفقة أحلامه فكان يأمل أنّه سيصبح طبيبًا بالقوات المسلحة، ذهب وترك خلفه "حبيبة" كان سيتقدم لخطبتها عقب عودته من الإسكندرية.
سر الموت في شاطئ النخيل
في رحلة بحث حاولنا من خلالها معرفة سر غرق الشباب بشاطئ النخيل، إحدى أهم وأكبر شواطئ منطقة العجمي بمحافظة الإسكندرية، وبعد عدة محاولات كان لنا لقاء مع مسؤول بإحدى شركات المقاولات الشهيرة التي تعمل على تنفيذ مشاريع بحرية، رفض ذكر إسمه، لكنّه وفي حديث له لـ"بلدنا اليوم" قال إنّ الحواجز التي تم تنفيذها بشاطئ النخيل يوجد مثيلاتها في بورسعيد ورأس البر وبلطيم، جميع تلك المشاريع لم يحدث بسببها أي مشكلة لأنّ التصميم كان صحيحًا والتنفيذ أيضًا، بخلاف شاطئ النخيل، فالحواجز المتواجدة هي حواجز عرضية المفترض أن تكون المسافة بين الحواجز حوالي 200 متر ، لكن ماحدث أنّ المسافة لم تتجاوز الـ70 مترًا، الأمر الذي تسبب في زيادة سرعة المياه التي تدخل وتخرج ليترتب عليها أيضًا زيادة سرعة الدوامات.
وحسب حديث المسؤول، فإنّ هناك ملايين الجنيهات تم وضعها في هذا المشروع بطريق الخطأ، ولا يوجد من يتحمل مسؤولية الإهمال الذي حدث، موضحًا، أنه كان من المفترض القيام بعملية صيانة للحواجز، لكن على مدار السنوات الماضية لم تتم تلك الصيانة، مما تسبب في زيادة عملية الترسيب حول الحواجز السبعة بشاطئ النخيل.
واستكمالًا لرحلة البحث، كان لنا لقاء مع مهندس بشركة المقاولون العرب، والذي عمل بمشروع حواجز الأمواج الخاصة بشاطئ النخيل عام 1998، ليُخبرنا بأنّ الشركة قبل أن تبدأ في عملية تنفيذ حواجز النخيل أبلغت شفهيا الاستشاري أنّ هناك مشاكل بالمشروع، لكن جاء الرد عليه بأنّه لا توجد آية مشكلة خاصةوأن الجمعية ستقوم بعملية الصيانة الخاصة بالحواجز والتي ستمنع حدوث مشاكل، لتبدأ شركة المُقاولون العرب في إتمام مهام عملها، كونها أنّها لا يحق لها الاعتراض فمهمتها التنفيذ فقط.
"المصدات" المتهم الأساسي بالشاطئ
وفي لقائنا مع مهندس الأعمال البحرية، محمد عتمان، ذكر لـ"بلدنا اليوم"، أنّ حواجز شاطئ النخيل بدأ العمل في إنشائها عام 1998 واستمر حتى عام 2003، كان عن طريق ما يطلق عليها "بروجات" وهي أشبه بالمراكب الصغيرة التي يتم تحميل أدوات البناء عليها لإنشاء الحاجز، عادة ما تتم عملية الإنشاء وفقا للتصميمات التي ينفذها الاستشاري.
وتابع "عتمان" أنّ تلك التصميمات التي كان مضمونها هو إنشاء 7 حواجز ارتفاع الواحد حوالي 100 متر، ومن المفترض أن يكون بينه وبين الخط الأخر 200 متر، لكن تم تنفيذها المسافة فقط حوالي 70 متر، موضحا أنّ الهدف الأساسي من الحواجز حماية الشاطئ من النحر، لكن لها أيضًا آثار سلبية كبرى، تلك الآثار التي من المفترض أن يعمل الاستشاري أثناء عملية التصميم على تجنبها، من أجل منع منطقة "تيار الرجوع"، والذي تعد مشكلته الأساسية هو سحب أي شيئ في طريقه للبحر ليس لمسافة بعيدة ولكن حتى يتم المرور من الحاجز، وهذا هو سبب حوادث الغرق.
ووفقا لحديث مهندس الأعمال البحرية، فإنّ عدم الاهتمام بأعمال الصيانة الخاصة بالشاطئ كانت سببًا آخر في زيادة تلك الحوادث، فلم تُنفذ جمعية 6 أكتوبر عملية تكريك واحدة للشاطئ، الأمر الذي تسبب في وجود ترسيبات بكميات كبيرة وراء كل حاجز، موضحًا أنّ عملية التكريك كانت ستترك منطقة آمنة لعملية السباحة خلف الحواجز، لكن ومع زيادة الترسيب بدأ المواطنون يبحثون عن منطقة أخرى فمروا من الحاجز مما تسبب في ارتفاع حالات الغرق.
على المستوى الإنشائي لا يوجد بالحواجز سلبيات، لكن أبعادها والمسافات التي تم تنفيذها بها هي سبب الكارثة، بالإضافة إلى قلة وعي المواطنين وهذا الأمر أيضًا مسؤولية الجمعية، وحسب حديث "عتمان لـ"بلدنا اليوم" فإنّ الحل الوحيد حاليًا هو إعادة تقييم للوضع الحالي مع إعادة تصميم الحواجز لمنع حالات الغرق.
"عبيدو": تصميمات الحواجز جيدة والإهمال سبب الكارثة
وبعد عملية بحث توصلنا إلى الدكتور طارق عبيدو، الأستاذ بقسم الهندسة الإنشائية- جامعـة الإسكندريـة، ونجل الراحل الدكتور إبراهيم عبيدو، الذي نفّذ التصميمات الخاصة بشاطئ النخيل، والمسؤول حاليا عن المكتب الهندسي بمحافظة الإسكندرية، وردًا على المعلومات التي أثيرت حول أنّ السبب في حوادث الغرق التي تحدث بالنخيل هي وجود أخطاء في التصميمات، قال المهندس طارق عبيدو، لـ"بلدنا اليوم" أنّ التصميمات لا توجد بها مشكلة الخطأ الأساسي كان لدى جمعية 6 أكتوبر والتي كان من المفترض أن تقوم بعملية تكريك وصيانة للحواجز لكن هذا لم يحدث على مدار 22 عامًا.
المواطنون أثناء تواجدهم بالشاطئ ومع تكون رواسب رملية يتخطون الحواجز اعتقادًا منهم أنّ قدماهم لا تزال تطأ الرمال، لكن فجأة يكتشفون أنّهم في العمق بل ومع حدوث الدوامات لا يستطيعون العودة إلى الشاطئ من جديد لشدة الدوامات التي تخطف من يقترب منها، وهذا هو السبب الأساسي وراء حوادث الغرق التي حدثت في شاطئ النخيل على مدار سنوات، حسب حديث "عبيدو" ، موضحًا أنّه تم تشكيل لجنة عام 2018 تضم خبراء ومتخصصين، وتم حينها إصدار تقارير تنص على أنّ الحل الوحيد لشاطئ النخيل هو التكريك، وتم إبلاغ الجمعية بما توصلت إليه اللجنة، كما أنّ المحافظ أصدر قرار بإغلاق الشاطئ لحين القيام بعملية التكريك، لكن لم يكن هناك استجابة، بالرغم من توفير مبالغ مالية يتم الحصول عليها من السكان، بغرض تنفيذ صيانة بالشاطئ ، لكن التصميمات لا علاقة لها بكل مايحدث.
وتابع الدكتور طارق عبيدو، بأنّ والده بعدما انتهى عام 1998 من التصميم الخاص بشاطئ النخيل، عرضه على هيئة حماية الشواطئ التابعة لوزارة الري والموارد المائية، وقامت الهيئة ببعض التعديلات في التصميم خاصة التعديلات التي تتعلق بأبعاد الحواجز ولا علاقة للمكتب نهائيًا بالأمر.
sara aboshady · مكتب الدكتور إبراهيم عبيدو
جمعية 6 أكتوبر: المحافظة المسؤولة عن صيانة الشاطئ
ألقت الكثير من الجهات المسؤولية الكاملة لحوادث الغرق التي تحدث بالنخيل على جمعية 6 أكتوبر، والتي هي المسؤول الأساسي عن الشاطئ، وردّا على ما أثير قال اللواء أحمد الجمال، مسؤول الجمعية في حديثه لـ"بلدنا اليوم"، أنّهم تسلموا عدد 7 حواجز عام 2005 بعد الانتهاء من تنفيذها، وبعد الحصول على كآفة الموافقات والتراخيص الأمنية من قبل الهيئة العامة لحماية الشواطئ بالإسكندرية، والتي عدّلت على التصميم الذي نفذه الدكتور الراحل إبراهيم عبيدو، الأستاذ بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية، في التصميم الأول كانت المسافة حوالي 90 متر، لكن الهيئة عدّلته ليكون 70 مترا وعلى أساس هذا التعديل نفذت شركة المقاولون العرب عملية الإنشاء.
وأجاب نائب رئيس جمعية 6 أكتوبر، أنّ ما أثير حول وجود خطأ بتصميمات الحواجز واعتراض شركة المقاولون العرب هو كلام خاطئ لا دليل عليه، وافترض حال وقوع اعتراض فإنّ الجمعية غير مسؤولة لأنّ الشركة لا تتعامل مباشرة معهم، فالتعاقد يكون مع الاستشاري، الجمعية هي جهة إسناد اي تدفع الأموال فقط.
وتابع " الجمال"، أنّ الهيئة العامة لحماية الشواطئ قامت بعمل نماذج عن طريق خبراء ومتخصصين قبل البدء في المشروع، تلك النماذج هي عبارة عن حساب للتيارات والأمواج بالإضافة إلى سرعة الموج، موضحًا أنّ الخطأ الوحيد أنّه كان يجب القيام بعملية تكريك للرواسب الرملية التي سببتها الحواجز، خاصة وأنّه مع ارتفاع الرواسب يمكن للمواطنين السير عليها حتى الوصول للحاجز وقبل سنوات لم يكن هذا الأمر متواجد، وتأتي الخطورة هنا أنّ المواطنين يلجؤون للسباحة بين فوارغ الحواجز ولذلك تحدث حالات غرق.
"كان لا بد من القيام بعملية التكريك وإزالة الرواسب سنويا"، أقرّ المسؤول عن جمعية 6 أكتوبر، أنّه كان يجب إجراء صيانة لإزالة الرمال من المنطقة التي تكونت فيها بالقرب من الحواجز السبعة، ووضعها في المياه في المنطقة المنخفطة، حتى تظل المسافة قبل الحاجز ثابتة بمعنى أن تكون حوالي 3 أمتار، يمكن للمواطنين السباحة فيها دون خطورة، لكن لم تتم تلك العملية مايقرب من 22 عامًا حتى باتت المسافة 3 سم فقط، وبعد دراسة الوضع اتضح أنّ القيام بعملية التكريك حاليا بالغة الصعوبة، خاصة لأنّ كمية الرمال التي يجب استخراجها حوالي نصف مليون متر مكعب وهذا الأمر يحتاج لدراسة كبيرة، ومبالغ طائلة.
وبسؤاله عن عدم قيام جمعية 6 أكتوبر بالصيانة على مدار حوالي 22 عامًا، قال اللواء أحمد الجمال، أنّ الجمعية تسلمت الشاطئ بعد انتهائه في عام 2005 وكان ملكًا لها، في ذلك الوقت تم جمع أموال من السكان لتنفيذ حواجز الأمواج، لكن بعد انتهاء التنفيذ بعام واحد خرج قرار من رئيس مجلس الوزراء يفيد بأنّ جميع الشواطئ هي ملك للمحافظة، وهي الوحيدة التي من شأنها أن تترك الشاطئ للجمعية لكن تحت بند حق الانتفاع، منذ ذلك الوقت رفض القائمون على الجمعية إجراء آية صيانة خاصة بالشاطئ، كون تلك العملية لن تأتي إليهم بفائدة ، لاعتبارهم أنّ الشاطئ لم يعد ملكًا لهم، مبررا حديثه بأنّه يمكن في أي وقت أن تسترد المحافظة الشاطئ من الجمعية، وحال تنفيذ صيانة في هذه الحالة سيكون إهدار مال عام لحقوق قاطني المدينة، لذلك فالمحافظة هي المسؤولة عن الصيانة.sara aboshady · جمعية 6 أكتوبر
محافظة الإسكندرية: جمعية 6 أكتوبر خاطرت بحياة المواطنين
كان لمحافظة الإسكندرية رأيًا مخالفًا لما تحدث به مسؤول جمعية 6 أكتوبر، فذكر اللواء جمال رشاد، رئيس الإدارة المركزية للسياحة والمصايف، أنّ شاطئ النخيل بحوزة جمعية 6 أكتوبر لما يقرب من 27 عامًا منذ عام 1993، تملكوا الشاطئ لحوالي ثلاثة عشر عامًا ومع صدور قرار عام 2006، نص على أنّ كآفة شواطئ الإسكندرية ملكًا للمحافظة، و هي المسؤولة عن منحها للجمعيات والقرى عن طريق مناقصات، موضحًا أنّ الشاطئ عاد إلى الجمعية على هيئة حق انتفاع.
وفي حديثه لـ"بلدنا اليوم" ذكر "رشاد" أنّ جمعية 6 أكتوبر هي المختصة بالإشراف الفني على الشاطئ، بمعنى أنّ صيانة الشاطئ بالكامل من اختصاصاتها وليست من اختصاص المحافظة، وقبل ذلك صدر قرار من المحافظة بسحب الشاطئ، لكن الجمعية اعترضت وتعهدت بالإسراع في إجراء الصيانة اللازمة في الشاطئ منعًا من تكرار الحوادث.
عام 2018 حسب حديث "رشاد"، صدر تقرير عن لجنة فنية مشكلة من خبراء ومتخصصين، بالهيئة المصرية العامة لحماية الشواطئ، بشأن تكرار حوادث الغرق بالنخيل، بأنّه يجب تنفيذ عملية صيانة وتكريك للحواجز السبعة المتواجدة بالشاطئ، مؤكدّا على أنّ جمعية 6 أكتوبر حصلت على أموال من أصحاب الوحدات السكنية لتنفيذ الصيانة، لكنها تجاهلت التقرير تمامًا، وخاطرت بحياة المواطنين لتخرج حاليًا وتحمل المحافظة المسؤولية عن الإهمال المتواجد بالشاطئ لسنوات.
حاولنا التواصل مع مسؤولي الهيئة المصرية العامة لحماية الشواطئ، التابعة لوزارة الري والموارد المائية، لكنّهم لم يستجيبوا لتلك المحاولات.
sara aboshady · ردد محافظة الغسكندرية على حالات غرق النخيل
إحصائيات: النخيل يُسجل من 5 إلى 10 حالات غرق سنويا
وفقًا للإحصائيات الواردة عن هيئة الإسعاف المصرية فإنّ شاطئ النخيل عام 2019 سجّل فقط 4 حالات غرق، نظرًا لأن الجمعية عملت على توفير منقذين بالشاطئ من ناحية ومن ناحية أخرى وضعت بعض العلامات التي منعت المواطنين من اختراقها، للدخول في المنطقة المحظورة القريبة من الحواجز السبعة.
وحسب الإحصائيات، فإنّ الأعداد التي سجلّها الشاطئ العام الماضي هي الأقل على مدارأعوام، فسنويّا ما يُسجل شاطئ النخيل بين خمس إلى عشر حالات غرق، وقد تصل في بعض الأحيان إلى 15 حالة، أغلبهم شباب في أعمار مختلفة يتوافدون إلى الشاطئ من المحافظات التي تقع على مسافة صغيرة من الإسكندرية.
قانوني: إهمال الصيانة مسؤولية الجمعية
وبعد تراشق الاتهامات بين كلا من جمعية 6 أكتوبر ومحافظة الإسكندرية بشأن المسؤول عن عملية الصيانة بشاطئ النخيل، كان لنا حديث مع الدكتور أحمد مهران، القانوني ومدير مركز القاهرة للدراسات القانونية والسياسية، والذي أكّد على أنّ المسؤول الاساسي عن الصيانة هو من يمتلك حق الانتفاع، كونه صورة من صور عقد الإيجار وعلى المستأجر في تلك الحالة الالتزام بأعمال الصيانة الدورية للمكان الذي يستأجره بوصفه هو المنتفع ، ولذلك ولأنّ عقد الانتفاع يحتكر مكنتي من مكن الملكية والتي تنقسم قانونيّا إلى ثلاث مكنات، الاستغلال والانتفاع والتصرف.
وتابع "مهران" في حديثه لـ"بلدنا اليوم"، أنّ أعمال الصيانة تدخل ضمن الأمور المرتبطة ارتباطًا لا يقبل التجزئة بالانتفاع والاستغلال، لذلك من يقوم بالانتفاع هو من يُلقى عاتقه واجب والتزام الصيانة، لذلك كان على جمعية 6 أكتوبر أن تلتزم بأعمال الصيانة.
"إسلام": غطاس كاد أن يفقد حياته في دوامة
لم يداهم خطر شاطئ النخيل فقط المواطنين ، لكن طارد أيضًا الغطاسين الذين يعملون على إنقاذ وانتشال جثامين الغرقى ، "إسلام" شاب عشريني يعمل في مهنة الغطس، درس العشريني شواطئ الإسكندرية بأكملها، فلا يوجد شاطئ بالمحافظة إلّا ومارس به "إسلام" مهنة الإنقاذ، لكن حسب حديثه فإنّه لم يُواجه الموت سوى بشاطئ النخيل، وفي حديثه لـ"بلدنا اليوم"، ذكر العشريني إبن محافظة الإسكندرية أنّه لم يفكر في الذهاب إلى شاطئ النخيل للقيام بعمليات انتشال أو إنقاذ نظرًا لأنّه يعلم جيدًا خطورة هذا الشاطئ، لكن و بعد حدوث حالات الغرق الأيام الماضية، قررّ التطوع والبحث عن الغرقى رفقة عدد من زملائه بالنخيل.
وفقًا للعمل الشاق الذي يقوم به "إسلام" جعله يدرك جيدًا كيفية التعامل مع البحر خاصة حينها يكون ثائر،لكن ماحدث معه في شاطئ النخيل تلك المرة كان مختلفًا، فأثناء محاولة العشريني البحث عن جثمان شاب غرق في المياه، اشتدت الدوامات فجأة، وكاد أن يدفع داخلها إلّا أنّ القدر تدخل لإنقاذه، مؤكدا على أنّه تعامل مع العديد من الشواطئ بالإسكندرية لكنّ حواجز شاطئ النخيل كانت الأسوأ على الإطلاق، خاصة وأنّه من الواضح وجود مشكلة في تلك الحواجز يُدركها فقط من يشاهدها من المياه.
أستاذ بكلية الهندسة: قبل تصميم الحواجز يجب توفير درسات زمنية
الدكتور محمد إبراهيم، الاستشاري الهندسي والمدرس بكلية الهندسة جامعة الأزهر، في حديثه مع "بلدنا اليوم"، قال إنّ هناك العديد من الدراسات التي عادة ما نلجأ إليها قبل تصميم حواجز الأمواج، وبالنسبة لما يحدث في شاطئ النخيل فإنّ مصدات أو حواجز الأمواج التي تم إنشائها بالشاطئ جائت لهدفين الهدف الأول والأساسي هو الحفاظ على خط الشاطئ من النحر، خاصة لأنّ الأمواج تتسبب في نحر الشاطئ، مما يُساهم في تقليص المساحة الأرضية له، بينما الهدف الثاني هو التخفيف من حدة الأمواج حتى يسبح المواطنون بشكل آمن، كما أنّ الحواجز لها خمس أنواع من أبرزها الرؤوس البحرية و الغاطسة وغيرهم.
وبسؤال أستاذ كلية الهندسة بجامعة الأزهر، عن الدوامات البحرية وأسبابها، ذكر بأّن تلك الدوامات تنتج عن سببين الأول هو طبيعة قاع البحر والذي يتحكم في الأمواج التي تتقدم على الشاطئ، خاصة وأنّ الأمواج تغير من سرعتها واتجاهها وارتفاعها على حسب تدرج منسوب قاع البحر، موضحًا أنّ المنسوب إذا حدث به ميل بنسبة كبيرة فإن الأمواج تكون إلى حد ما ناعمة، لكن لو وجدت مشاكل في التضاريس الخاصة بقاع البحر فإنّه كفيل من أن يغير من سلوك الموجة ويجعل هناك سرعات متفاوتة، بالإضافة إلى الأمواج المتكررة والدوامات، لذلك تحدث الكثير من المشاكل لخط الشاطئ نفسه.
وتابع "إبراهيم" أنّه من المفترض أثناء تنفيذ مشاريع حواجز الأمواج ، العمل على توفير دراسات زمنية بعيدة، أو كما يُطلق عليه "تنبؤ بتغير خط الشاطئ"، بمعنى أن يضع الاستشاري الهندسي أثناء عملية التصميم وأيضًا المقاول أثناء التنفيذ في اعتبارة الخمسين عامًا القادمة، فنحن نحصل على معلومات مسبقة من مركز رصد الأمواج ونتنبأ من خلاله وعلى هذا الأساس نبدأ التنفيذ.
السبب الرئيسي فيما يحدث بشاطئ النخيل في محافظة الإسكندرية هو شكل قاع البحر، بالإضافة إلى التغير المناخي، والحل حاليا هو تشكيل لجنة علمية وفنية بالمحافطة من قبل هيئة حماية الشواطئ، وعمل دراسة للموقع ، ثم تصميم محاكاة لطبيعة خط الشاطئ، وارتفاع الأمواج وبعد ذلك يتنبأ بما سيحدث في المستقبل وبناء على هذا الأمر يضع مقترحات وسيناريوهات يتم تنفيذها، ويمكن أن يتم إنشاء حواجز عائمة لحماية المنطقة والمواطنينن، حسبما تحدث الدكتور محمد إبراهيم، الأستاذ بكلية الهندسة جامعة الأزهر.
اقرأ المزيد
بدون أمان.. الموت يطارد ملائكة الطرق (تحقيق)
"عامان في خدمة الجنود".. طفلة عراقية تروي مأساتها تحت الأسر الداعشي