حسين: العالم بعد كورونا سينتقل إلى علاقات تضامنية لمواجهة تحديات البيئة
الشافعي : أمريكا لن تنهار فهي المارد الأكبر فى العالم
فهمي: الحرب القادمة حرب مخابرات ومعلومات
البقلي: إيران تستغل أزمة كورونا في تخصيب اليورانيوم
هل تلعب الصين لعبة اقتصادية عالمية؟ هل تستعد لأن تقتنص الفرصة وتصبح أقوى نظام اقتصادي عالمي؟.. هل يواجه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، صدمة على أيدي الصين؟ هل من الممكن أن يتكون هناك لعبة بأيدي روسية والنظام الشيوعي؟.. كثيرا من الأسئلة التي تدور في الأذهان حول مستقبل النظام العالمي وما إذا كانت بكين ستصبح اليد العليا في العالم، حيث جاءت أزمة فيروس كورونا المستجد أو ما يسمى بـ (كوفيد 19) لتضع الجميع تحت الميكروسكوب وتكشف حقيقة قدرة الرئيس الأمريكي في مواجهة هذا الوباء العالمي.
فمن ناحية أقدمت الصين على مد يد العون إلى الدول التي أصيبت بهذا الفيروس القاتل ومد أنظمتها الصحية بالعون والإمدادات في الوقت الذي منع ترامب التمويل عن منظمة الصحة العالمية متهم إياها بالإنحياز إلى بكين وتضليل الولايات المتحدة الأمريكية وعدم تنبيهها بالشكل الكافي، الأمر الذي جعلنا نستقص بعض الحقائق على أيدي الخبراء وأساتذة العلوم السياسية والاقتصاديين.
وفي هذا السياق، قال الدكتور غازي فيصل حسين، استاذ العلاقات الدولية والتنمية السياسية بخصوص إمكانية أن تزيح الاشتراكية الصينية الليبرالية الأمريكية الغربية:"بعد رحيل الزعيم الصيني ماو توسيتونغ، تبنت الصين اقتصاد السوق الاشتراكي، أي الديمقراطية الاجتماعية، مما أدى لانفتاح الاقتصاد أمام الاستثمارات الرأسمالية الامريكية والأوروبية، ونجحت الصين في التحول إلى القوة الثالثة إقتصاديا في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية، لكن الاعتمادية التبادلية بين الرأسمالية الصينية والعولمة الاقتصادية ومنظمة التجارة العالمية ووجود أكثر من 7.5 ترليون استثمارات صينية في الأصول الامريكية واتباع الصين استراتيجية لضمان مصالحها في الحصول على الثروات وفرص الاستثمار في افريقيا عبر استخدام مناهج للشراكة وليس للاحتكار الرأسمالي".
وتابع أستاذ العلاقات الدولية :"كما وصل الناتج القومي للصين ما يعادل 15 ترليون دولار في 2019 كثالث قوة إقتصادية بالمقارنة مع 25 ترليون دولا في الاتحاد الاوربي و 21 ترليون دولار في الولايات، وبمعدل الدخل السنوي الفردي حوالي 19 الف دولار. ونجد اليوم 500 شركة عالمية كبيرة تستثمر في الصين لأن أجرة العامل الصيني وساعة العمل 40 مرة أقل مما عليه ساعة العمل في الدول الغربية".
وأضاف "حسين":"لذا ستبقى الصين مرتبطة بعلاقات تبعية اقتصادية وتكنولوجية، ويستمر التنافس أو الصراع بين الاقتصادات الكبرى على مصادر الثروات والاستثمار والأسواق في أفريقيا وآسيا خصوصا، لكن لن تحتل الصين الموقع الأول في العلاقات الاقتصادية الدولية بل ستذهب إلى علاقات تفاعلية والتفاوض لضمان المصالح المتبادلة، وكما أشار جاك اتالي في كتابه: مستقبل العالم، أن من يتحكم بالمال والاتصالات وتكنولوجيا المصغرات، سيتكم بالعالم والعالم بعد كورونا سينتقل إلى علاقات تضامنية لمواجهة تحديات البيئة والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية والحروب والكوارث الطبيعية وانتشار الفقر والجوع والتخلف في العالم والذي يهدد الأمن والسلام العالمي".
وعن إمكانية تصدر الصين للمشهد الاقتصادي، فقال "حسين":"تعتمد السياسة الخارجية للصين، استراتيجية للاستثمار في أفريقيا وأسيا في مجال الحصول على الطاقة والمعادن الثمينة للصناعات الاستراتيجية، ونجحت في بناء علاقات إقتصادية متكافئة مع العديد من الدول الأفريقية، كما لا تتصرف الصين كدولة إمبريالية للهيمنة على الدول، وهذا ما يميزها عن الدول الرأسمالية الغربية، لكن الصين تعاني من ظاهرة الفقر الذي انخفض من 878 مليونا في عام 1981 إلى 11ر25 مليونا في نهاية عام 2013، لذا لن تستطيع الصين أن تتزعم المشهد الاقتصادي العالمي، في مواجهة الاقتصاد الأمريكي والاوربي والياباني، مع انها تحظى بالاحترام والتقدير لتقديم المساعدات الطبية لعدد من الدول، لتحسين صورتها التي تشوهت بسبب انتشار وباء كورونا".
أما عن الدور الطبي الذي تقدمه الصين واستغلاله سياسيا، فقال أستاذ العلوم السياسية:"لا يمكن التقليل من قيمة المساعدات الطبية التي تقدمها الصين، لكنها في النهاية تشكل دبلوماسية لمواجهة غضب الرأي العام العالمي لانتشار وباء كورونا وما تطرحه الدول من تحمل الصين مسؤولية إخفاء المعلومات وعدم وجود شفافية لكشف التفاصيل الخاصة بطبيعة الوباء، لكن للصين دول صديقة مهمة في أفريقيا وأسيا وأمريكا اللاتينية، وتبذل الدبلوماسية الصينية دورا نشطاً للدفاع عن المصالح الاقتصادية والأمن القومي الصيني".
وعند الانتقال لملعب آخر وهو تخصيب يورانيوم على أيدي إيران ورد الفعل المتوقع من الاتحاد الأوروبي وأمريكي، فقال "حسين": "تتبع إيران دبلوماسية استفزازية، مما يعمق المواجهة بين السياسة الإيرانية والسياسات الأوربية والأمريكية في الشرق الأوسط والخليج العربي، وترتكب ايران خطأ فادحا في عدم احترام ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، بسبب استمرار تدخل طهران في الشؤون السيادية الداخلية للدول وعدم احترام حق الشعوب في اختيار أنظمتها السياسية والاقتصادية والثقافية، وتعمل لفرض نموذج ولاية الفقيه، الحرس الثوري واللجوء للحرب او التهديد، لذا تشكل عودة البرنامج النووي الإيراني وعدم الاستجابة لتعديل الاتفاق النووي، يثير قلق المجتمع الدولي ودول الخليج والشرق الأوسط، واستمرار إيران باتباع سياسة دعم الإرهاب من خلال تدريب وتسليح وتمويل المليشيات الإيرانية المرتبطة بالاستخبارات والحرس الثوري الإيراني في العراق وسوريا ولبنان وأفغانستان وباكستان ونيجيريا وغيرها من الدول، مما يشكل تهديدا خطيرا لأمن الخليج العربي والشرق الأوسط".
وعند طرح سؤال حول ما إذا قامت طهران بتخصيب اليورانيوم فما ههو رد الفعل المتوقع من ترامب، فقال "حسين":"بعد فوز دونالد ترامب بالرئاسة، انتقلت الاستراتيجية الأمريكية تجاه إيران، من الاحتواء الى المواجهة، وتصعيد الضغوط الاقتصادية، لإجبار القيادة الإيرانية المتطرفة على تغيير سلوكها بما يعني: احترام مطالب الشعب الإيراني في نظام ديمقراطي يضمن التنمية والرفاه بدلا من الحروب التي كلف الاقتصاد الإيراني ٣٥٠ مليار دولار في الشرق الأوسط وكلفة برامج التسلح ٥٠٠ مليار دولار، مما أدى لوجود ٧ ملايين شاب إيراني من خريجي الجامعات عاطل، ووجود أكثر من ٣٥ مليون إيراني تحت مستوى خط الفقر إضافة للكوارث التي يتعرض لها المجتمع بسبب تحول إيران إلى بؤرة لوباء كورونا".
الصين الرابح الأكبر
وفي سياق متصل، قال الخبير الاقتصادي خالد الشافعي :" لا منتصر ومهزوم فى الأزمة الحالية الجميع سيتضرر، لكن الصين ستكون الرابح الأكبر من هذه الأزمة بعد عودة مصانعها للعمل بطاقة 90 % وبدأ التصدير إلى باقى الدول، لكن أمريكا لن تنهار جراء الأزمة الحالية فهى المارد الأكبر فى العالم بل دولارها هو المحرك الرئيسي للاقتصاد العالمي".
وحول إمكانية أن تتزعم الصين المشهد العالمي بعد لعبها دور منقذ العالم، فقال "الشافعي":"بالطبع الصين قوة إقتصادية لا يستهان بها فى المرحلة الحالية، وكما أؤكد دائما إنها ستخرج من هذه الأزمة بأقل الخسائر والأضرار، بعد مرحلة كورونا قد نجد مزيد من التوسع والنمو الصينى لكن لن تكون اللاعب الإقتصادى الوحيد فى العالم فلدينا عمالقة إقتصاد يمكنهم المنافسة بقوة".
وعن الدور الطبي والمساعدات التي تقدمها الصين حاليا للدول المصابة واستغلاله سياسيا، فأوضح الخبير الإقتصادي قائلا:"هذا ليس استغلالا للأزمة؛ فمصر وهي دولة ليست بحجم الصين إقتصاديا قدمت مساعدات للصين نفسها وإلى إيطاليا، لذلك هى أدوار وسياسات متبادلة".
وعن استغلال إيران وتخصيبها لليورانيوم في الوقت الحالي، فقال الشافعي :"عندما ننظر للأمر من الناحية الإقتصادية فهذا يعنى مزيد من العقوبات على الاقتصاد الإيرانى المترنح حاليا ولا يمكن التنبؤ بمستقبل هذا الصراع، وأعتقد أن الرد من قبل ترامب لن يتخطى مرحلة العقوبات الإقتصادية".
تعاون بين الصين وأمريكا
وفي سياق متصل، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة:"هناك ارتباط هيكلي بين الاقتصاد الصيني والاقتصاد الأمريكي، لذا من الصعب أن يحدث تفكك وكل ما يسمع هو تحليلات عبثية وكل ما يسمع كلام فارغ وسطحي والحقيقة أنه الاعتماد متبادل بين الطرفين وحتى الآن كل من بكين وأمريكا وحتى الآن ملتزمين رغم الصراع الموجود".
وتابع أستاذ العلوم السياسية:" لن تكون الحرب القادمة هي حرب اقتصادية أو مخفية بل هي حرب معلومات وحرب بين أجهزة المخابرات في العالم وهي الحرب التي سوف يكون لها أسس وقواعد جديدة لأن عالم ما بعد كورونا يختلف عن العالم ما قبل كورونا من حيث الأدوات والأساليب والأنماط".
وأضاف فهمي:" أعتقد أن هذه الحرب بأدواتها وأساليبها سوف تختلف من حيث الشكل والمضمون وبالتالي سوف يكون هناك حروب للحصول على معلومات وبالتالي سوف تكون الحروب القادمة حروب بيولوجية وفيروسات ولن تكون هناك أدوات تقليدية بالمعنى العام فبالتالي لن تكون هناك أدوات تقليدية في هذا الإطار بالعكس ستكون هناك أدوات وأنماط حديثة ربما ستغير من قواعد اللعبة والصراع ما بين القوى الدولية خصوصا بين الصين والولايات المتحدة وستدخل اليابان على الخط وألمانيا بالتدريج أيضا سيكون هناك اختلافات وتباينات بين مواقف الدول والتنظيمات الدولية والأمم المتحدة فالأدوار ستتغير وأمريكا ستظل على رأس النظام الدولى لمدة لا تقل عن 120 عاما، فالصين لا تريد أن تترأس النظام الدولي ستكون هناك دوائر تأثير في العالم مثل الصين واليابان وألمانيا وهي من ستدير هذه الدوائر لكن النظام الدولي العالمي (السياسي) هو الذي سيتحكم في المعادلة الصعبة وبالتالي لن يكون هناك تخيلات في فكر العلاقات الدولية".
أما عن الدور الروسي في استغلال أزمة كورونا من أجل إزاحة أمريكا، فقال "فهمي":"لا يوجد مخطط، الدور الروسي من المقومات السياسية والاستراتيجية لا يرغب في هذا التوقيت في إزاحة أمريكا، وكما قلت فهناك 4 ولايات فقط في أمريكا هي من تتحكم في أنساب كبيرة من التكنولوجيا والأنماط فوق التقليدية وبالتالي الامكانيات الكبيرة وهي حسابات القوى الشاملة".
وعند طرح السؤال "هل من الممكن أن يغير الاتحاد الاوروبي وجهته نحو الصين وروسيا"، فأجاب أستاذ العلوم الدولية:"لن يحدث هذا، فالاتحاد الأوروبي مرتبط بأمريكا هناك اندماج في إطار حلف الناتو، فروسيا مستبعده في أغلب التحليلات الاستراتيجية والسياسية لكن التركيز على الصين باعتبارها القوى الاقتصادية التي تدير العالم لكن الاتحاد الأوربي ربما يعيد النظر في اتفاقية بروكسل وبشكل خاص في المواد الحاكمة في موضوع التأمين الصحي في سيادات الدول الوطنية في الإجراءات الخاصة بالحماية الداخليةن ألمانيا وفرنسا هي من ستدير الاتحاد الأوروبي في الفترة القادمة سيكون هناك اندماجات والتوجه إلى روسيا والصين وليس فيما يضر بالعلاقات مع أمريكا".
تخصيب اليورانيوم
وفي سياق متصل، علق الدكتورهشام البقلي، المتخصص في الشأن الإيراني ومدير وحدة الدراسات السياسية بمركز سجاف السعودي على تخصيب اليورانيوم على أيدي طهران مستغلة أزمة كورونا الحالية، قائلا" تخصيب اليورانيوم كإجراء قامت به إيران فى مرات متعددة خلال محاولاتها الضغط على الأتحاد الأوروبى بعد انسحاب الولايات المتحدة من الإتفاق النووى ، وبالتالى فإن الإجراء الإيرانى هذه المرة يعتمد على أمرين الأول إنشغال العالم بوباء كورونا، وإنها لن تخسر كثيرا فى هذا التوقيت فالأوضاع الإقتصادية سيئة وبشدة على كافة المستويات وإيران لديها مبرر العقوبات من ناحية وكورونا من ناحية أخرى، لذلك أى عقوبات جديدة ستفرض على إيران لن تشكل عبء أكثر من الموجود عليها بالفعل نظير العقوبات وكورونا معا" .
وأضاف "البقلي":"لا اعتقد أن رد الفعل سيكون قوى سواء من الجانب الأمريكي أو الأوروبي فحتى الأن لا يوجد مخاوف من عملية تخصيب اليورانيوم حتى تمتلك طهران القنبلة النووية فالأمر يحتاج إلى يورانيوم مخصب بنسبة 90% وحتى الأن لم تصل طهران إلى أكثر من 20% من اليورانيوم المخصب، لذلك من الصعب أن يكون رد الفعل قوى فى هذا التوقيت ".
وتابع مدير وحدة الدراسات السياسية بمركز سجاف السعودي:" والأمر الأخر هو الوضع العالمى سواء على المستوي الأمريكي أو الأوروبي فكورونا من ناحية والإنتخابات الأمريكية من ناحية أخرى والتى تحاول طهران استفزاز واشنطن فى هذا التوقيت حتى يقوم ترامب بإجراءات خاطئة تكلفه خسارة الانتخابات الأمريكية القادمة".
وعن الصراع الدائر بين بكين وواشنطن، فقال "البقلي":"من الصعب التوقع بما سيحدث بين أمريكا والصين والقوى التى ستكون مسيطرة على الأوضاع ولكن يمكن القول بأن الصين ستكون من الدول المستفيده من وباء كورونا من ناحية الإقتصادية ويبدو أن أمريكا هى الخاسر الأكبر بجانب الإتحاد الأوروبي، لكن هناك سيناريوهات متعددة للوضع العالمى بعد كورونا ستظهر ملامحه أكثر خلال الفترة القادمة ".
وأضاف:"كافة الدول التى لديها رؤية مستقبلية تحاول أن تكسب أرضا من خلال تقديم المساعدات إلى دولقد تفتح معها علاقات قوية فى المستقبل ولهذا كان هناك رؤية لمصر فى هذا الصدد عندما زارت وزيرة الصحة المصرية الصين فى وقت ما كنت معزولة عن العالم".
موضوعات ذات صلة:
كيف يحمي الرئيس الروسي نفسه من كورونا بعد إصابة مقربيه؟
خلال 24 ساعة.. 9623 إصابة جديدة بفيروس كورونا في روسيا