شارك السفير إيهاب بدوي سفير مصر بباريس ومندوبها الدائم لدى منظمة اليونسكو، في ندوة تفاعلية بجامعة باريس حول قضية المياه في حوض النيل.
وقال "بدوي" في كلمته خلال الندوة، إن حق إثيوبيا في إقامة سد على نهر النيل لتحقيق تطلعاتها التنموية الخاصة بتوليد الكهرباء سواء للوفاء باحتياجاتها الداخلية أو بغرض التصدير لا يمكن أن يتم على حساب حق مصر في الحياة.
وأضاف أنه من المنصف أن يأخذ أي اتفاق مرتقب مع الجانب الإثيوبي المصالح المائية المصرية في الاعتبار، لاسيما أن مصر تعاني بالفعل من فقر مائي فيما تمتلك إثيوبيا وفرة كبيرة من المياه تصل إلى أكثر من 900 مليار متر مكعب سنويا.
وشدد على ضرورة مراعاة الجانب الإثيوبي احتياجات مصر المائية نظرا إلى أن معظم مساحتها صحراء وتعتمد بنسبة 97% على مياه النيل، مشيرا إلى الزيادة السكانية السريعة التي تشهدها مصر بواقع 27 مليون نسمة كل عشر سنوات وهو ما يعادل تعداد سكان دولة مثل أستراليا، بالإضافة إلى آثار التغير المناخي على الإنتاج الزراعي، ولفت إلى الجهود الحثيثة التي تبذلها مصر للحفاظ على الموارد المائية بترشيد استخدامات المياه في كافة المجالات ومنع زراعة المحاصيل الأكثر استهلاكا للمياه في بعض المناطق ضمن أمور أخرى.
وأوضح أن إثيوبيا كانت في البداية تخطط لإنشاء سد لا تزيد سعة بحيرته عن 14 مليار متر مكعب إلا أنها أعلنت على نحو مفاجئ اعتزامها رفع تلك السعة إلى 74 مليار متر مكعب في الوقت الذي يحذر فيه بعض الخبراء من قرب السد من منطقة زلازل وأنه حال انهياره فإن سيلًا هائلًا من المياه بارتفاع يبلغ منسوبه 27 مترا سيصل خلال عدة ساعات إلى العاصمة السودانية.
وأكد بدوي أن الاتفاق على ملء وتشغيل السد عنصر رئيسي في المفاوضات الجارية بين مصر والسودان وإثيوبيا حيث أن الملء والتشغيل بدون اتفاق وتنسيق مع دولتي المصب وملء سد في فترة على سبيل المثال ٣ سنوات مثلا دون مراعاة الظروف الهيدرلوجية للنهر ستؤدي إلى التأثير سلبا على حجم المياه الواصلة إلى دولتي المصب وهو أمر لا يمكن التماشي معه.
وأشار إلى أن الاتفاق حول الإجراءات التي يجب اتخاذها في حالات الجفاف والجفاف المطول وسنوات الشح المائي أمر لا بد منه في إطار التنسيق الواجب اتساقا مع المبادئ المعمول بها في معظم أحواض الأنهار الأخرى.
وشدد على الأهمية التي توليها مصر لإجراء الدراسات المتعقلة بالآثار البيئية والاقتصادية والاجتماعية للسد أخذًا في الاعتبار طبيعة المشروع وحجمه الضخم، مع أهمية الالتزام بمبدأ الاستخدام المنصف والمعقول وعدم إحداث ضرر جسيم لمصر.
بدوره، أبرز فادي قمير رئيس البرنامج الهيدرولوجي الحكومي الدولي لدى اليونيسكو، التحديات المتشابكة التي تواجهها مصر من إمكانية تعرضها لفترات جفاف وتعداد سكانها المتزايد في الوقت الذي تعتمد فيه على مياه النيل لتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي.
وأشار الخبير الدولي إلى جولات المفاوضات الجارية في واشنطن حول سد النهضة بين مصر وإثيوبيا والسودان التي من المقرر أن تسفر عن اتفاق شامل في الأشهر المقبلة وستشكل نموذجا من المفاوضات الدولية الناجحة في المجال الهيدرولوجي.
حضر الندوة التي استضافتها جامعة (باريس 2) التي تعد من أعرق جامعات فرنسا- العديد من الطلاب الجامعيين والخبراء و المتخصصين في قضايا المياه والعلاقات الدولية.
وأجاب السفير إيهاب بدوي -خلال الندوة- على أسئلة الحضور حول الموقف المصري من قضية سد النهضة و السياسات التي تنتهجها مصر لترشيد استخدامات المياه و الاستفادة منها على النحو الأمثل.