لازال مسلسل قمع النظام الإيراني وسلطاته مستمر بحق المحتجين والمعارضين، فمنذ اندلاع الاحتجاجات في أنحاء المدن الإيرانية نتيجة ارتفاع أسعار الوقود، الأمر الذي ساعد على ارتفاع وتيرة الغضب في الشارع الإيراني، ليشهد احتجاجات وصلت لعمليات أشبه بالكر والفر بين السلطات والمواطنين.
وعلى الرغم من ممارسة سلاح القمع من قبل السلطات الإيرانية، إلا أن رجال روحاني لم يكتفوا بذلك، وتوجهوا لاستخدام سلاح أكثر عنفًا وهو الاغتيال والخطف، ليطال الكثير من المعارضين والناشطين.
النظام الإيراني وحرسه الثوري بالتحديد، وخاصةً فيلق القدس وقائده جنرال الظل الإيراني قاسم سليماني، الذي كان له اليد بمعاونة رجاله داخل الأراضي العراقية واللبنانية، باستخدام الخداع ضد المتظاهرين والمعارضين، يؤكد أن سلاح القمع لديهم لن ينحصر بحدود إيران، وكأن قتل المتظاهرين بالرصاص الحي في المواجهات ليس جريمة كبرى كافية لأن تتوقف آلة النظام عن القمع، فوسع النظام من دائرة القمع والاستهداف وخطف واغتيال المعارضين.
دماء المتظاهرين وسيلة نظام طهران للسيطرة
زاد عدد قتلى احتجاجات إيران والعراق على 500 قتيل، بينما كان العدد في لبنان فردًا واحدًا، إلا أن سلاح الترويع وتهديد المنظمين للمظاهرات، له وجه آخر، يستخدمه نظام إيران ومواليه من الحشد الشعبي في العراق، ومن حزب الله في لبنان.
وخلال ذلك، قام مسلحون مجهولون، باغتيال الناشط العراقي حقي إسماعيل العزاوي في بغداد، حيث قام مسلحان يستقلان دراجة نارية بفتح النار من سلاح كلاشنكوف تجاه عجلة يقودها الناشط حقي إسماعيل عباس العزاوي، وأردوه قتيلا بالحال.
والعزاوي هو صاحب شركة سياحية، فضلا عن أنه أحد النشطاء العراقيين المشاركين بقوة في الاحتجاجات.
ووفقا للبيان الصادر عن عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان العراقية، علي البياتي، فإن حصيلة المتظاهرين المختطفين، والمفقودين، بلغت 48 مختطفًا حتى الآن.
وأضاف "البياتي"، أن "المفوضية تلقت 48 شكوى بخصوص مفقودين، أو مختطفين مواطنين، شاركوا بالمظاهرات"، منوها بـ"إطلاق سراح عدد قليل منهم فقط، أما العدد الأكبر حتى الآن فمغيبون".
وأكد عدم استطاعة المفوضية التواصل مع المختطفين الذين أطلق سراحهم، لرفضهم الإدلاء بأي معلومات بسبب الخوف.
ومن بين هؤلاء، كانت الطبيبة والناشطة العراقية، صبا المهداوي، التي تعرضت للخطف مطلع نوفمبر الماضي على أيدي مسلحين، أثناء عودتها من ساحة التحرير، وظلت رهينة لدى خاطفيها مدة أسبوعين.
رجال "الملالي" تتدعم الميليشيات داخل العراق
وسلط تقرير لوكالة "رويترز" أواخر نوفمبر الماضي الضوء على وسائل "إسكات المعارضين العراقيين" المشاركين في الاحتجاجات على أيدي ميليشيات مدعومة من إيران.
ومن بين هذه الوسائل كانت الخطف وتعريض المختطفين لتعذيب شديد، وإجبارهم على توقيع تعهدات بعدم التظاهر مرة أخرى.
وأعرب "البياتي"، عن قلقه "من استمرار جرائم اختطاف الناشطين، والمتظاهرين"، مشيرًا إلى أنه يدل على حرية العصابات وتحديها لسلطة القانون، إذ إنها تنفذ أعمالها التي تستهدف حتى الفتيات، والناشطات، بشكل ممنهج، وفي الكثير من المحافظات التي تشهد المظاهرات، إضافة إلى العاصمة".
وبحسب أرقام وزارة الصحة العراقية نهاية الأسبوع الماضي، فقد قتل 511 متظاهرا منذ اندلاع الاحتجاجات مطلع أكتوبر.
وخرج العراقيون إلى الشوارع والساحات العامة احتجاجات على استشراء الفساد وتردي الخدمات العامة والبطالة، وسرعان ما أصبحت الاحتجاجات ذات طابع سياسي يطالب برحيل النخبة السياسية التي يحمّلها المتظاهرون مسؤولية انهيار الأوضاع في البلاد الغنية بالنفط.
وفي أواخر نوفمبر الماضي، ذكرت تقارير إعلامية، أن ملاحقة من النظام الإيراني أسفرت عن اغتيال ناشط، وصفته وسائل إعلام النظام بأنه "أحد العناصر الضالعة في أعمال الشغب"، وردت منظمة مجاهدي خلق المعارضة، وقالت من العاصمة لندن، أن النظام استخدم جميع قواته القمعية، بما في ذلك الحرس الثوري والباسيج والشرطة، مستعملًا الدبابات وناقلات الجنود والمروحيات، وسلاح الاختطاف والتصفية.
"حزب الله" يشعل الفتن في لبنان
أما في لبنان فلا يخفي حزب الله رغبته في قمع المتظاهرين وقتلهم، وما يحجم رغباته تلك التشكيلة الدينية والمجتمعية في لبنان، والتي تجبر حزب الله على عدم الإتيان بذلك إلا عندما تواتيه اللحظة تجنبًا لإشعال حربٍ أهلية.
وخلال الشهر الماضي، عرضت محطات تلفزيونية لبنانية اشتباكات بين متظاهرين معارضين للحكومة ومؤيدين لحركتي حزب الله وأمل الشيعيتين بالعاصمة اللبنانية بيروت، وعرضت وسائل إعلام لبنانية لقطات تلفزيونية لجنود من الجيش وأفراد من قوات مكافحة الشغب يشكلون حاجزا يفصل المحتجين عن مؤيدي الجماعتين الشيعيتين على طريق جسر الرينج الرئيسي.
وقام في أواخر نوفمبر الماضي حزب الله وأمل بمهاجمة وتدمير مخيمات الاحتجاج الرئيسية في وسط بيروت.
سبق وأن خرج أمين حزب الله حسن نصرالله، واصفًا المتظاهرين غير مرة بأنهم يريدون إيقاع لبنان، متهمًا بالعمالة لجهات خارجية، وإن حزب الله أقوى منهم ولن يستجيب لمطالبهم، وهذا وأكثر مايدعو المتظاهرين في العراق وإيران ولبنان على مواصلة الاحتجاجات لحين فرض رؤية معينة تؤيد رغبات المتظاهرين.