في حواره مع الشرق الأوسط.. "جرينبلات" يعلن أسباب تركه منصبه وموعد إعلان "صفقة القرن"

الاربعاء 02 أكتوبر 2019 | 12:33 مساءً
كتب : بلدنا اليوم

أجرت جريدة "الشرق الأوسط"، حوارًا هاما مع جيسون جرينبلات، المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، وذلك قبل أسابيع قليلة من مغادرته منصبه.

وخلال هذا الحوار، كشف جرينبلات عن أسباب إعلانه المفاجئ الرحيل عن منصبه، وفسر لماذا قطعت الولايات المتحدة الأموال عن منظمة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ولماذا رفضت المشاركة في اجتماع الدول المانحة للفلسطينيين، على هامش اجتماعات الأمم المتحدة الأسبوع الماضي، ولماذا لا تنوي استئناف المساعدات الأمريكية للسلطة الفلسطينية.

وكان نص الحوار كما يلي:

- ما الذي دفعك للإعلان بشكل مفاجئ عن رحيلك من منصبك كمبعوث لإدارة المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية؟

"لم يكن إعلاناً مفاجئاً، فقد كانت أدرس، أنا وعائلتي، هذا القرار لفترة طويلة، وكنت أنوي ترك المنصب منذ عامين، لأنه من الصعب البقاء بعيداً عن عائلتي معظم أيام الأسبوع، لذا لم يكن الرحيل مفاجئاً. وكان من بين مسؤولياتي الأساسية درس الصراع، والتوصل إلى رؤية مع زملائي في العمل، وتثقيف الناس حول الصراع، وتغيير طريقة التعامل مع الصراع الذي كان يمثل أولوية كبيرة بالنسبة لنا. وتضمن دوري أيضاً التقريب بين إسرائيل والعالم العربي، وهو أمر كان يصعب تخيل حدوثه قبل عام ونصف العام، والفضل يرجع بالتأكيد إلى إدارة ترمب وكل القادة العرب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. لقد درسنا الصراع، وأكملنا رؤيتنا للسلام، وأعتقد أن هذا هو الوقت المناسب للقيام بالانتقال".

- بعضهم يقول إنك تغادر منصبك لأن خطة صفقة القرن قد لا يتم الكشف عنها أو أنها محكوم عليها بالفشل... فما ردك؟

"سمعت بعض هذه الأقوال، ولكن قرار الرحيل مرتبط بأسرتي، فأنا أب، ولديّ مسؤوليات، وفخور بما أنجزته وأتركه في أيدٍ أمينة مع جاريد كوشنر وديفيد فريدمان وبراين هوك وآفي بيركوفيتش وآخرين، وهو لا يزال جهداً جماعياً، وأتطلع إلى دعمهم وأنا خارج الحكومة".

- تأخر الإعلان عن الشق السياسي من صفقة القرن مرات عدة... فهل سيتم إصداره في أي وقت قريب؟

"سنصدر الخطة حينما يحين الوقت، وعندما نعتقد أن هناك فرصة أفضل للنجاح، ونعتقد أن كلا الطرفين، والعالم بأسره، يريد حلاً واقعياً لهذا الصراع، ونأمل أن تتمكن رؤيتنا من المضي قدماً في قضية السلام، والجمع بين الأطراف لبدء مناقشة واقعية مثمرة، حتى لو لم يتم تبنيها على الفور، لكن من المهم أن نتذكر أنه لا يمكن لأحد فرض هذه الرؤية على أي شخص. وعندما يتم إصدار الخطة، فإن الأمر متروك للجانبين لتحديد كيفية المضي قدماً، ونأمل أن يقرأها الطرفان بعناية، ولا يتخذا قرارات متسرعة".

- قطاع كبير من الرأي العام العربي يرى إدارة الرئيس ترمب وقراراتها منحازة لصالح إسرائيل، خصوصاً بعد قرار نقل السفارة، والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، والاعتراف بسيطرتها على الجولان، وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في الولايات المتحدة، وقطع الأموال عن منظمة الأونروا ، وغيرها... ألم تكن كل هذه الخطوات تحيزاً صريحاً لصالح إسرائيل؟

"أعتقد أن الناس يخلطون بين القضايا، فكل تلك القرارات (الاعتراف بالقدس، ونقل السفارة الأميركية إلى القدس، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان) لم يتم اتخاذها من خلال منظور عملية السلام فقط. بالطبع نأخذ في الاعتبار التأثير المحتمل على عملية السلام، ولكن هذا منظور واحد. اتخذنا تلك القرارات لأنها القرارات الصحيحة للولايات المتحدة. قرار اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل جاء اعتماداً على قرار نقل السفارة، وهو قانون في الولايات المتحدة منذ عام 1995. وكذلك نقل السفارة الأميركية إلى القدس. وقرار الجولان كان قراراً أساسياً لأمن إسرائيل، وليس له علاقة بالقضية الفلسطينية. تخيلي ما كان يمكن أن يحدث لإسرائيل إذا كانت سوريا تسيطر على الجولان! وكان إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية بناء على قانون صدر حينما هدد الرئيس محمود عباس بإحضار إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية. وتم قطع الأموال عن الأونروا لأنها نظام فاشل يطيل بقاء الوضع السيئ للفلسطينيين الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين، ولا يقدم لهم أي مستقبل، وحان الوقت للفلسطينيين الذين يعيشون في هذه المخيمات، ويتم استخدامهم كأدوات سياسية، لأن يعيشوا حياة أفضل. ونحن نقف إلى جانبهم، وإذا لم نتخذ هذه القرارات، فلن نكون أقرب إلى السلام. ومن خلال هذه القرارات، يمكن أن نحقق السلام، ولا يمكن بناء السلام إلا على الحقيقة".

- قطعت الولايات المتحدة التمويل الذي تقدمه للسلطة الفلسطينية، وأنت رفضت المشاركة في المؤتمر نصف السنوي للدول المانحة لوضع جدول أعمال للمساعدات الدولية للفلسطينيين خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع الماضي... هل تخطط الولايات المتحدة لاستئناف المساعدات للسلطة الفلسطينية في أي وقت قريب؟

"ربما كانت الدول التي اجتمعت في هذا المؤتمر نصف السنوي للمانحين للفلسطينيين حسنة النوايا، لكن جهودهم أثبتت أنها غير فعالة. الفلسطينيون هم بين أكبر المستفيدين من المساعدات المقدمة للفرد في العالم اليوم، ومع ذلك، ورغم عقود من العمل ومليارات الدولارات واليورو والشيقل والدينار التي تم التبرع بها، فإن الحياة لا تزال تزداد سوءاً للفلسطينيين، ولا يمكن للعالم أن يستمر في إلقاء الأموال والموارد بالطريقة نفسها، ونحصل على النتائج نفسها التي نحصل عليها منذ عقود، وهي مجرد معاناة مستمرة للفلسطينيين. ويجب على الدول المانحة أن تسأل نفسها: لماذا تستمر في توفير الأموال، بينما ترى بوضوح أن حماس والسلطة الفلسطينية تبددان الفرص لمستقبل أفضل للفلسطينيين لا توفره أموال الدول المانحة؟ الولايات المتحدة لن تستمر في الاستثمار في حلول مؤقتة تؤدي فقط إلى إطالة دورة المعاناة والعنف. لقد حان الوقت لمساعدة الفلسطينيين على عيش حياة أفضل، ونأمل أن نحقق السلام أيضاً".

-هل يجب أن يكون هناك شروط مسبقة لأي محادثات مستقبلية؟

"لا، إذا بدأنا السير على طريق الشروط المسبقة، فإنه سيكون لدى الطرفين شروط مسبقة، ولن نصل إلى أي مكان حتى، وإن كنا نتفق مع شروط هذا الطرف أو ذلك. إننا نريد التعامل بطريقة مختلفة عن طريق القول: ضعوا الشروط جانباً، وها هي الخطة، ويمكنكم في سياق المفاوضات تناول هذه الشروط المسبقة، فإذا لم يكن بالإمكان معالجتها، فمن المحتمل ألا يحققوا اتفاقية سلام في أي حال. ومع ذلك، لا أتخيل توقيع اتفاقية سلام بينما تدفع السلطات الفلسطينية الأموال في برنامج يكافئ الإرهابيين الذي يهاجمون أو يقتلون الإسرائيليين. فلا يمكن تشجيع الناس على القتل، ثم نتوقع التوصل إلى اتفاق سلام ناجح. ولا أستطيع أن أتخيل أن الحكومة الإسرائيلية توقع على اتفاق. فالأمر لن يكون له أي معنى، وهو يتناقض تماماً مع مفهوم السلام. وقد قطعت الولايات المتحدة كل التمويل للسلطة الفلسطينية، رداً على هذا البرنامج البغيض. ونواصل رفع الوعي بهذه القضية إلى الدول المانحة الأخرى، ولا أستطيع أن أفهم لماذا تستمر الدول المانحة في التبرع بأموال تستخدم لتمويل الإرهاب وقتل الإسرائيليين".

- في ظل التوترات المتصاعدة بين واشنطن وطهران... هل أنت متفائل بإمكان نجاح صفقة القرن في مثل هذا الوقت؟

"أنا متفائل، لكن أي شخص يفهم هذا الصراع، يعرف أن هناك قدراً هائلاً من العمل الذي يتعين القيام به، وقرارات صعبة يجب اتخاذها. ومن المهم أن نتذكر أن هذا ليس الصراع الأساسي في المنطقة، وإنما من المهم للمنطقة أن يتم حله، لكنه لن يحل كل التهديدات الأخرى في المنطقة، وعلى الأخص إيران، فالنظام الإيراني هو أكبر دولة راعية للإرهاب".