أجيال من المهاجرين العرب والمسلمين، برز منهم رجال أعمال ورياضيون بارزون، وساسة ومسئولون ووزراء، قدموا إلى بلاد أوروبا قبل عقود بعيدة وبتشجيع من الحكومات الأوروبية المختلفة وعلى رأسها حكومة المملكة المتحدة، عملوا على تحريك دواليب الاقتصاد والصناعة وإعادة البناء بعد الحرب العالمية الثانية، ليجنى الجيل الجديد ثمرة تضحية الأولين، غير أنه فى مقابل الاندماج السياسى الذى يتحدث عنه البعض هناك من يشير إلى فشل ثقافى واجتماعى وتتزايد منذ سنوات جرائم الكراهية ضد المهاجرين وخاصة العرب والمسلمين، وتظهر إحصائيات منفصلة لوزارة الداخلية البريطانية أن أكثر من نصف هذه الأعداد تستهدف المسلمين، خطاب الكراهية لم يقتصر على العوام بل تردد أيضاً فى أروقة حزبية وسياسية، غير أن بريطانيا تظل رغم ذلك أفضل حالا من بلدان أوروبية عديدة حين باتت موضة اليمين المتطرف نهجاً سياسياً جديداً.
لكن أوروبا لم تعد كسابق عهدها خاصة مع تصاعد موجات الكراهية ضد العرب والمسلمين، تساندها سياسياً أحزاب يمينية جنحت للتطرف وأصبحت تكتسح المشهد السياسى فى أوروبا، وجعلت من قضية العرب المهاجرين والمسلمين مادة دسمة لبرامجها الانتخابية.
حيث وصل حزب الحرية اليمينى المتشدد فى النمسا، كشريك فى ائتلاف حكومى، غير أنه انهار أخيراً بعد فضيحة سياسية طالت زعيمه، لكن هذا لم يؤثر على شعبوية أوروبا لقوى أقصى اليمين، ففى أكثر من دولة حققت هذه الأحزاب تقدماً ملفتاً فى انتخابات البرلمان فى فرنسا وإيطاليا وبريطانيا وبولندا وغيرها، لتطرح العديد من التساؤلات السياسية عن مصير القوى السياسية التقليدية الأوروبية.
صنيعة أمريكية صهيونية هدفها ضمان أمن إسرائيل
أكد اللواء عبد الرافع درويش الخبير العسكرى والاستراتيجى أن اليمين المتطرف موجود بكل العالم، حيث استغلت أحزاب أقصى اليمين الهجمات الإرهابية التى شهدتها بعض الدول الأوروبية خاصة فرنسا عام 2015، لتوسيع قاعدتها الشعبية عبر حملات ترويج للكراهية ضد العرب.
وشدد الخبير الاستراتيجى على خطورة تلك الأحزاب والتنظيمات، مضيفاً أنها تشبه "داعش" وجه الشر والصنيعة الأمريكية الإسرائيلية، التى زرعتها أمريكا فى العديد من البلاد العربية كالعراق وسوريا، كنوع من الحروب يسمى بحرب الجيل الرابع، وهى قتل الجيش من داخله، مثلما حدث فى سوريا واليمن، تلك الصنيعة الأمريكية تجرى عملياتها الإرهابية تحت غطاء الدين وهو لا يمت للدين بصلة؛ لأن الدين لا يدعو للقتال، فلا يوجد ما يسمى بالدين الوسطى، فلا بد من تصحيح مفهوم صحيح الدين، ولن نغفل أن الخلافات العربية ألقت بثقلها على أوضاع المهاجرين العرب المسلمين فى أوروبا.
وأوضح درويش، أن أحزاب اليمين المتطرف تتكون للاستيلاء على السلطة لممارسة أعمال اليمين المتطرف، مثلما ما يحدث بالروهينجا والمعاداة الشديدة للمسلمين، مضيفاً أن العنصرية موجودة دائماً، لكن بعد أحداث 11 سبتمبر بدأت العنصرية تأخذ وجهاً معادياً للإسلام، وتحول من ظاهرة اجتماعية إلى برنامج سياسى لليمين المتطرف، الذى يوجه العديد من الاتهامات للمسلمين، كعدم احترام حقوق الإنسان والمرأة وغيرها.
وأكد الخبير العسكرى، أن الهدف الاستراتيجى هو ضمان أمن إسرائيل لمدة لا تقل عن مائة عام مقبلة، بجانب إمداد البلاد العربية بالسلاح كصفقة واشنطن والدوحة التى تقدر بمبلغ 12 مليون دولار، وهو ما يسعى إليه الرئيس الأمريكى نحو تدهور الأمة العربية والإسلامية بالكامل، وتزايدت قوة التيارات اليمينية باتساع رقعة كراهية المسلمين رافقه حملات التخويف من الإسلام أو يعرف بالإسلاموفبيا.
وأشار إلى أن أساس المشكلة هى القضية الفلسطينية، فالرئيس الأمريكى لا يحارب الإرهاب، بل يخلق الإرهاب مع اعترافه بالجولان والقدس إسرائيلية، فهو يريد التخلص من اليهود الموجودين ببلاده وبأوروبا، وهناك العديد من الأمثلة لدعم أمريكا للإرهاب وأنها تريد تفكيك وانهيار الأمة العربية، بالرغم أنها طلبت ضرب داعش فى سوريا ولكن الرئيس الأمريكى طالب بوجود داعش فى الاتفاق لحل الأزمة الليبية.