يمر الإعلام المصرى بحالة من الضعف الشديد وعدم التطور فى الآونة الأخيرة، وذلك بسبب اعتلاء العديد من غير المؤهلين عرش القنوات التليفزيونية الخاصة والحكومية، وانقياد العديد منهم وراء الشائعات المنتشرة على مواقع التواصل، وعمل حلقات كثيرة عليها دون التدقيق فى صحتها، الأمر الذى جعل الكثير من الصحفيين والإعلاميين يفتقدون معنى الإبداع والابتكار، ويكونون مجرد ناقلين للمعلومات إما عن طريق "السوشيال ميديا" أو عن مكاتب العلاقات العامة فى الوزارات.
هذه المشكلة التى تؤرق جميع فئات المجتمع المصرى، خصيصًا أن الإعلامى قائد يقتدى به العديد، تحدث عنها الدكتور غانم السعيد، عميد كلية الإعلام بجامعة الأزهر، ورئيس المركز الإعلامى للجامعة، فى حواره مع "بلدنا اليوم" فإلى نص الحوار:
كيف ترى دور الإعلام الدينى فى تصحيح صورة الأديان؟
الإعلام فى العموم له دور مهم جيدًا، وهو يعتبر القاطرة التى تقود المجتمع للإصلاح فى العموم وخاصة الإصلاح الأخلاقى، والإعلام الدينى من بين أنواع الإعلام المختلفة هو المنوط بهذا الدور الأساسى من ناحية إصلاح الأخلاق وتصحيح صورة الدين، وبالتالى فإن الإعلام الدينى يجب أن يقاوم ظواهر الإلحاد والمثلية التى انتشرت فى الآونة الأخيرة، بالدليل والبراهين والنقاش العلمى، الذى يوضح الصورة بشكل كامل من جميع الجوانب، وبالطبع مواجهة هذه الظواهر يقوم عليها الإعلام الدينى، من خلال المناظرات الدينية التى تعقد على القنوات بين رجال الدين والمشككين فيه.
كيف ترى دور الإعلام فى مساندة الدولة فى الحرب على الإرهاب؟
الإعلام فى الوقت الحالى منوط به تبصير الناس وإفهامهم لجميع الظروف التى تمر بها الدولة، وإظهار جميع الجهود التى تقوم بها القوات الأمنية فى محاربة الجماعات الإرهابية التى تسعى فى الأرض فسادًا للتدمير والتخريب، وأيضًا إظهار العمليات الإرهابية التى راح ضحيتها العديد من الشهداء سواء من رجال الشرطة أو المواطنين، وبالتالى إذا لم يتحرك الإعلام لتوضيح مثل هذه الحقائق ومساندة الدولة فى هذه القضية الخطيرة التى تستنزف خيرة شباب مصر، وتقديم الدعم المادى والمعنوى لمقدرات الوطن، سيفقد مصداقيته ويفقد الرسالة التى من أجلها يعمل.
فى أى دولة بالعالم الإعلام يحترم حقوق الوطن والمواطنين، ويقف بجوار الدولة لمساندتها وإظهار الحقائق والكشف عنها، ليكون عند المواطن معلومات كافية عن الدور الذى تقوم به القوات الأمنية لتحقيق الأمن فى محاربة الجماعات الإرهابية، وبالتالى إذا لم يكن للإعلام دور فى محاربة الإرهاب، فهذا يوضح الأزمة التى يعانى منها، وبالطبع أرى أن الإعلام المصرى يحاول تقديم كل غال ونفيس من أجل محاربة العناصر الإرهابية.
ما هى آلية مواجهة خطر الشائعات على السوشيال ميديا؟
العالم حاليًا يعيش إعلام الغرفة، أو أصبح العالم بمعنى "القرية الذكية" حيث يستطيع الشخص التواصل مع العديد حول العالم وهو جالس فى غرفته، وهذا ينبئ بأنه أمر خطير ولا يجوز الاستهانة به، وبالتالى هذه السهولة فى التواصل أعطى فرصة؛ لأن تتربع الشائعات على عرش "السوشيال ميديا" فهى تكون مقصودة من خصوم الوطن الذين يريدون أن يسقطوا أى دولة فى العالم، فمن أهم أدواتهم لنشر الشائعات هو مواقع التواصل الاجتماعى.
ويجب على الإعلام والسلطات المعنية الرد السريع، على الشائعات المثارة على مواقع التواصل الاجتماعى، وعدم ضياع الوقت فى أن تأخذ الشائعة حيزًا كبيرًا من الانتشار؛ لأنه إذا انتشرت الشائعة من الصعب تبرر الموقف بالنسبة للمواطنين، بعدما رسخت الشائعات فى عقولهم، مشيرًا إلى أن الشائعة هى سلاح لا يقل أهمية عن السلاح الحربى المستخدم، لأنها تقتل المواطنين معنويًا، وتعطى صاحبها السيطرة الكافية على المواطنين بأقل المتاعب, وبالتالى يجب الرد على الشائعات فى أسرع وقت بدليل والوثائق.
تقييمك للإعلام المصرى.. وما السبب وراء ظهور العديد من الإعلاميين غير المؤهلين؟
من يمتلكون الأموال والأصوات الزاعقة التى يجذبون بها عددًا من المواطنين، على شاشات التلفاز، هم نوع من الإعلاميين غير المؤهلين، وهذا الأمر أصبح مشكلة تؤرق الإعلام المصرى، لأن العديد من القنوات أصبحت تعانى من هذه الكارثة، وبالتالى يجب على الشخص الذى يظهر على الشاشة، أن يكون مؤهلًا أكاديميًا ودراسيًا؛ لأن الإعلام له ضوابط وقواعد يجب أن يراعيها الإعلامى أثناء عمله.
والأمر ليس بتوفير أموال لعمل برنامج، ويظهر أحد الأشخاص لقراءة اسكريبت على الجماهير، ولكن يجب مراعاة العمل الإعلامى الدقيق والتطور الفكرى فى العمل، وبالتأكيد إذا سيطر هذا النوع من الإعلام على الشاشات فى هذه الفترة، لن يستمر طويلًا وسوف ينتهى بالسقوط والفشل العاجل؛ لأنه لم يقم على القواعد والدراسة التى يتلقاها الإعلاميون الأكاديمون.
والإعلام ليس الظهور أمام الكاميرات فحسب، ولكن هناك العديد من التخصصات يتم دراستها، فالإعلامى قاطرة يقود العديد من المواطنين فى المجتمع، وإذا لم يسر على الطريق الصحيح، سيكلف الدولة خسائر باهظة.
كيف ترى دور القنوات الدينية فى تجديد الخطاب الدينى؟
هناك فرق كبير بين تجديد الخطاب الدينى والمراد منه، وما يبث عبر الفضائيات العادية والدينية؛ لأن ما يراه المواطنون على القنوات الدينية ما هو إلا عبارة عن خطبة يسردها إمام على منبر، أو نصائح يرويها واعظ من أعلى كرسيه، ولكن الأفكار والقضايا الكبرى التى يجب أن تقوم بها هذه القنوات، ليست موجودة فى هذه الأحاديث التى يقولها الإعلاميون الدينيون على القنوات، وبالتالى فنحن نريد نُقادا ووعاظا أهلا لتناول القضايا وكشف جوانب العظمة فى الدين، ويوضحون للناس عظمة وهذا الدين، من خلال تنقيحهم له من الأخطاء والشائعات التى تلفق له.
والغرض من تجديد الخطاب الدينى والتحدث عنه بشكل صحيح ليس موجودًا على القنوات، ولم يستطع أحد من هؤلاء تقديم الجديد، بل يقتصرون على أعمال السحر والشعوذة والرقية الشرعية وغير الشرعية، وهذا هو الغالب على أداء القنوات، والذى يلتزم بالشرع فى تقديم المادة قليل، ولكن جميع القنوات الدينية فى العموم مازالت لم تقدم ما يفيد فى القضايا الدينية الكبرى، وبالتالى يجب أن يظهر على هذه القنوات المفكرون القادرون على الرد وتقديم الجديد فقط، والقنوات الدينية لم تؤد دورها حتى الآن؛ لأنها قائمة على الكسب وليس الإفادة والموعظة.
هل أصبح الإعلام المصرى يعمل بطريقة الإسكريبت الموحد؟
حينما يشغل المجتمع المصرى قضية كبيرة ولها تأثير قوى، فى هذه الحالة من الطبيعى أن تتناول جميع برامج التوك شو والاجتماعية والسياسية هذا الحدث؛ لأنه بالطبع من يقدم لهم الربح ويشيع رغبات الجميع، ولكن الفرق هو طريقة العرض والفكرة، فيجب على الإعلاميين التنوع فى إنتاج الأفكار والعرض بأشكال مختلفة، واختيار الضيوف الجدد وليس المتخصصين فى نفس المجال، وهذا ما يفتقده الإعلام المصرى، هو عدم التجديد واختيار الأفكار الحديثة، مضيفًا أنه فى حالة تكرار الفكرة فى جميع البرامج، واختيار نفس الضيوف ولا يوجد تجديد فى العرض، فهذا يدل على العشوائية الإعلامية وعدم الانضباط.
لماذا تحول الصحفى إلى ناقل للمعلومة وليس مبتكرًا؟
هذه المشكلة الكبرى التى يعانى منها الإعلام المصرى، وخاصة الصحافة؛ لأنه حينما تحاول قراءة موضوع صحفى حاليًا ستجد جفافا فى معلوماته، وافتقاد تام إلى حالات التشوق الكتابى التى تجبر القارئ على استكمال الموضوعات إلى آخرها، والسبب فى ذلك هو العصر الإلكترونى السريع الذى نعيش فى أجوائه الآن، ونحن نفتقد حاليًا إلى الأدب والكتابة الأدبية، فلن تجد صحفيا الآن يؤلف كتابًا مثل الصحفيين السابقين فى السنوات الماضية.
بالإضافة إلى أن المواقع الإلكترونية والعمل بسياسة السبق الصحفى من الأمور التى تجعل المتن الصحفى فاقدًا للمعايير الصحفية والحبكة الجيدة، وهذا ما يجعل العديد من المحررين الصحفيين يتكاسلون فى البحث عن المعلومة وتقديم الجديد، ولكن فى الحالتين الصحفى الذى يتميز بالكتابة الأدبية هو الذى يكسب فى جميع الحالات سواء السرعة أو التأنى، والسبب فى ذلك أن الأدب يجرى على لسانه.
هل توجد خطة لكلية الإعلام لتطوير مناهجها العام المقبل؟
هناك نية موجودة من العام الماضى لتطوير المناهج الدراسية التى تدرس فى كلية الإعلام جامعة الأزهر، وبالطبع تم وضع الخطة وتقديمها لرئيس الجامعة الدكتور محمد المحرصاوى، وأيضًا التطوير المنهجى لم يقتصر على الكلية فحسب، ولكن سيكون فى الدراسات العليا أيضًا، وستقدم الخطة إلى مجلس جامعة الأزهر، وبالتأكيد أن هذه المناهج الجديدة ستطبق فى الدراسات العليا فى هذا العام المقبل، أما بالنسبة إلى الكلية إن لم يكن التطبيق فى المناهج الجديدة فى العام المقبل، سيكون بالتأكيد فى العام بعد القادم.
وتطوير هذه المناهج استغرق وقتًا طويلًا، وذلك من خلال جمع خطط من الدول الأوروبية ودولة الجزائر، من أجل الوصول إلى أفضل الخطط الموجودة التى تتناسب مع المجتمع المصرى، وتواكب أحدث ما وجد فى وسائل الإعلام.
ما هو الدور المنوط بكلية الإعلام على المستوى الأكاديمى والاجتماعى؟
الدور المنوط بكلية الإعلام على المستوى الأكاديمى، مثلها مثل أى كلية من كليات الإعلام، أى أنها تسعى لأن تخرج طالبًا محترفًا يمتلك جميع أدواته، يكون قادرًا على المنافسة فى سوق العمل، والدليل على ذلك الكم الكبير من طلاب جامعة الأزهر كلية الإعلام، المنتشرين فى العديد من المؤسسات الإعلامية على مستوى الجمهورية.
والدراسة فى كلية الإعلام بالأعوام المقبلة، ستكون بواسطة الإنترنت، حيث يتعامل جميع الطلاب بالإنترنت المباشر، وتم توصيله إلى جميع الطلاب، وبلغ تكلفة هذا الأمر ما يقارب نصف مليار جنيه.
أما الدور الاجتماعى، فأبسطها أن الكلية عملت حلقات توجيهية إرشادية، فى حدود دقائق قليلة تعالج قضية من قضايا المجتمع بشكل مبسط، وتدعو إلى الإيجابيات، ولاقت هذه الفيديوهات رواجًا كبيرا على "السوشيال ميديا" ونالت إعجاب العديد من المؤسسات، ويوجد مشاركات كثيرة مع العدد الوافدين من الدول الخارجية.
هل أصبحت الكليات تلجأ إلى الأسلوب الترفيهى أكثر من التعليمى؟
انتشار الطلاب على الكافيهات فى حرم الجامعات ليس مؤشرًا إلى أن الكليات أصبحت تميل إلى أسلوب الترفيه، ولكن فى كل الأحوال الطالب هو بشر وله احتياجاته فى اليوم الدراسى، من مأكل ومشرب وغير ذلك، وبالتالى يسعى إلى إيجادها من أجل استكمال اليوم، وفى المقابل توفر الجامعة للطلاب هذه الاحتياجات الترفيهية، وبالنظر إلى جامعة الأزهر، تقع فى حى راق وليس فيه المحلات التجارية التى يبحث عنها الطلاب، وبالتالى إذا خرج الطالب من حرم الجامعة لن يعود ثانية، وهنا الجامعة تعمل على مراعاة الجانب الترفيهى مثلما تراعى الجانب العقلى فى الدراسة.
وليست المناهج أو تراكم المحاضرات سببًا فى لجوء الطلاب إلى الكافيهات أو تغيبهم عن الجامعة فى الأساس؛ لأن المحاضرات ليست متصلة طوال اليوم، ولكن يوجد فترات راحة، ويوجد تسهيل فى المناهج وتطوير كل عام أفضل مما سبقه، وبالتالى ليست الجامعة سببًا فى أن يلجأ الطلاب إلى الترفيه أكثر من التعليم، ولكن من وراء الأمر هو الطالب ذاته.
أثير خبر رسوب العديد من الطلاب بسبب الغياب فما القصة؟
مقولة رسوب الطلاب بسبب الغياب، هى مقولة خاطئة وكاذبة، ولكن الصحيح هو أن الطالب رسب فى المادة بسبب عدم حصوله على الدرجة التى تؤهله إلى النجاح فى العملى، وفى الغالب يكون الطالب من الصفوف الأولى ولكن لم ينجح فى العملى، وبالتالى يقابل بالرفض والرسوب؛ لأن قانون اللائحة الجامعية ينص على أنه يجب أن يحضر الطالب قرابة 75 % من إجمالى المحاضرات، وأن يحصل على 8 درجات على الأقل فى العملى.
ورسوب الطالب فى العملى وفقًا لقانون الأزهر 103، يحتم على الدكتور أن يرسبه فى المادة؛ لأن كلية الإعلام هى كلية عملية وليست نظرية، وهذا الجزء هو من يجعل من الطالب محترفًا فى عمله، مضيفًا: أن الطلاب الذين لم يحضروا فى المواد الدراسية، وخاصة فى العملى يقابل بالرسوب مباشرة.
وجميع الشكاوى التى تلقتها كلية الإعلام فى الأيام الماضية، ليست متعلقة بالعمل فى المجال الخارجى، ولكنها بسبب أنه غير قادر على المصاريف وتتعلق بظروف إنسانية لا علاقة للقانون بها، مؤكدًا أن جامعة الأزهر قدمت مساعدات للطلاب غير القادرين، ولا يوجد حجج لهم، ولكن العديد من الطلاب يستغلون كلمة العمل فى مجال للهروب من المحاضرات، مؤكدًا أنه فى العام المقبل لن يسمح بغياب طالب واحد، ومن يتخلف سيطبق عليه القانون الذى ينص على حضور الطالب 75%.
وهل كلية الإعلام تفضل الحضور عن المجال الخارجى؟
كلية الإعلام لا تفضل الحضور على المجال الخارجى، والعمل فى الصحافة أو الإذاعة، ولكن يجب أن يكون العمل خارجيًا بحدود؛ لأنه كما يجب عليك الحضور فى المؤسسات التى تعمل فيها، يجب عليك الحضور أيضًا فى الكلية التى تنتمى إليها وصنعت منك شخصًا له قيمة وفتحت لك بابًا للعمل فى هذا المجال.
وكلية الإعلام تتهاون مع العاملين خارجيًا وتنسق معهم الحضور والغياب، ولكن فى الأساس لا بد من حضوره؛ لأن العديد منهم كانوا يشتكون من عدم وجود استديوهات فى الكلية، وبالفعل عملنا على توفير ذلك، فنحن صدقنا فى توفير مطالبهم، وبالتالى لن نتسامح مع من لم يحضر ويقدر الكلية التى ينتمى إليها.
ما توجيهاتك للطلاب فى اختيار مشاريع التخرج.. وكيف تدعمها الجامعة؟
مشاريع التخرج التى أنتجها طلاب كلية الإعلام هذا العام لاقت إعجابًا شديدا لدى العديد من الجهات الإعلامية واللجان التى باشرت امتحانات التخرج، وجامعة الأزهر تدعم الطلاب فى مشاريعهم من خلال التوجيهات والمتابعة من المعيدين المتخصصين، وبالفعل تابع رئيس جامعة الأزهر المشاريع التى يفعلها الطلاب وحضر فى امتحاناتهم؛ لأنه يؤمن جيدًا بدور الإعلام فى المجتمع.
هل سنشهد تغيرا فى ورقة الامتحان العام المقبل؟
بالتأكيد سيتفاجأ الطلاب بالتغيرات التى تشهدها أوراق امتحانات العام المقبلة، وهذا كان متوقفًا على وصول الإنترنت، وبالتالى طريقة الامتحانات ستكون مرتبطة بالإنترنت، وهذا سيحتاج الطالب لتدريبات كثيرة لكى يتعود على هذه الطريقة.
هل ستفتح كلية الإعلام أبوابها لزيادة عدد الطلاب فى العام المقبل؟
كلية الإعلام هى كلية متخصصة، وهى من كليات القمة وبالتالى يأتى إليها نخبة من أوائل الثانوية، وكلما حاولنا تقليل العدد كان هذا متميزًا، وفى النهاية تعرض الكلية احتياجاتها والجامعة هى من تقرر عدد الطلاب الذى ستقبله الكلية.