قالت كاترين جابر، صحفية وباحثة في العلوم السياسة بجامعة السوربون، أن قضية "غاز المتوسط" تزيد من مستوي التوتر في العلاقات الثنائية بين تركيا والاتحاد الأوروبي، خصوصا بعد قضية تسريب بعض عناصر داعش من سوريا إلى أوروبا عبر تركيا، ويليها قضية التدخل العسكري التركي في ليبيا على مرآي ومسمع الجميع ومد المليشيات التابعة لحكومة الوفاق بالسلاح ما يخالف القانون الدولي، وتأتي قضية التنقيب لزيادة الاحتقان في العلاقات الدبلوماسية وسبق وأن حظرت الخارجية الأوروبية على لسان فيديريكا موغريني من استمرار أنقرة في عمليات التنقيب شرق المتوسط وهددت أوروبا من فرض عقوبات على تركيا إذا استمرت في ذلك. ما اتوقعه هو أن يذهب الملف إلى التحكيم الدولي كما يعرض في اجتماعات مجلس الأمن.
وأضافت "كاترين جابر"، أن تركيا ستستمر في الضغط على كل الجبهات في المتوسط وفي ليبيا وترفع من التوتر الإقليمي حتى تستطيع إجراء مساومات مع القوى الإقليمية ومن ضمنها روسيا وأمريكا وأوروبا، وأعتقد أنها تمارس كل ذلك الأنشطة الابتزازية حتى تحصل على حصتها في عملية إعادة إعمار سوريا وتأمين جنوب شرق حدود مع منطقة الشمال السوري والاحتفاظ بعفرين والمدن التي تحيطها، وفي صعيد آخر نري أن الشأن الداخل التركي، وترنح الاقتصاد دفع بأردوغان إلى هذه الخطوة فمن ناحية هو يرى حلم اعادة مجد الامبراطورية العثمانية يتبعثر ويخسر في كل الجبهات ويرى في غاز المتوسط ثروة يمكن أن تنعش الاقتصاد التركي بعد الزلزال الذي دمره بموجب بعض العقوبات الأمريكية العام الماضي ومحاولة اعادة انتعاش حزبه "العداله والتنمية" بعد الخسارة الصادمة في انتخابات بلدية إسطنبول.
وأشارت "الباحثة فى العلوم السياسية"، أنه إذا تتبعنا تاريخ كافة الصراعات العالمية الشاملة سنجد أنها كانت تندلع غالبا بسبب صراع القوى الإقليمية والدولية على الثروات الطبيعية في إحدى المنطقتين سواء : شرق أوروبا أو منطقة الشرق الأوسط. قبل أن نتحدث عن إمكانية حدوث حرب، لابد أن نستدعى الخريطة الجيواستراتيجية للاعبين الاقليميين والدوليين في هذه المنطقة والبحث عن دوافع أنقرة للتنقيب عن الغاز الطبيعي في المياه القبرصية حتى تكتمل الصورة.
أولاً "من الناحية الاقتصادية" هذه المنطقة تعمل بها العديد من الشركات الغربية للتنقيب عن الغاز ليس في المياه القبرصية فقط ولكن في المياه الاقليمية اللبنانية واليونانية وغيرها وعلى رأسها شركة توتال الفرنسية، وإيني الايطالية، وإكسون موبيل الأمريكية، ما يعتبر بمثابة تحرش تركيا بالمصالح الغربية في هذه المنطقة.
ثانياً "من الناحية الأمنية" هو بمثابة زيادة نسبة التواجد التركي الأمني والاستخباراتي في البحر المتوسط وهو ما يثير قلق العديد من الدول منها مصر والاتحاد الأوروبي وروسيا، وإسرائيل. واذا تتبعنا التطورات السياسية الاقليمية، سنجد أن تركيا تخسر في كل الجبهات بعد تقليص دورها في معظم الدول العربية لذلك هي تبحث عن ميادين أخرى تصارع فيها كليبيا والمياه القبرصية حتى تستطيع المساومة مع القوى الفاعلة خصوصا على عفرين السورية.