"لا يوجد أمامنا فى قارتنا الأفريقية، سبيل سوى وحدتنا فى إيجاد قارة مستقرة ومزدهرة، تكفل العيش الكريم لكل شعوبنا وتنشر التسامح فى العالم".. كلمات رددها الرئيس عبد الفتاح السيسي في خطاب اليوم السبت، بمناسبة ذكري اليوم العالمي لإفريقيا، ليؤكد على تاريخ القارة السمراء المزدهر اقتصاديًا.
لم تكن العلاقات المصرية الأفريقية، وليدة اللحظة وإنما ممتدة لقديم الأزل، تتصل مصر بالقارة الإفريقية اتصالاً وثيقاً سياسياً واقتصادياً وجغرافياً، وتدعم علاقاتها مع دول القارة، وخاصة دول حوض نهر النيل، فمنذ أن تولى الزعيم الراحل جمال عبد الناصر حكم البلاد، شهدت العلاقات تطورًا ملحوظًا على كافة الأصعدة، ولكنها قد تغيبت عن الساحة الأفريقية لسنوات طويلة وإهمال للملف بشكل كامل.
وبالرغم من ذلك إلا أنه منذ أن تولي الرئيس عبد الفتاح السيسى، حكم المحروسة وهو يسعى دائمًا إلي العودة بمصر إلى القارة السمراء مرة أخرى، لينهى أغلب الأزمات، وينتج عن هذا ترأس مصر للقارة الإفريقية من خلال الاتحاد الإفريقى فى عام 2019.
عبد الناصر والقارة السمراء
ولعبت مصر دورًا رئدًا في الكيان الإفريقي الجديد منذ نشأته، حيث ترأس الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، منظمة الوحدة الإفريقية عام 1963، والذي كان هو صاحب فكرة الاهتمام بالقارة السمراء، حيث كانت بداية الاجتماعات بشأنها فى أبريل عام ١٩٥٨ فى أكرا عاصمة غانا وشاركت فيه نحو 15 دولة إفريقية مستقلة، واعتبرت المنطقة بأكملها أن ذلك الاجتماع التأسيسي لمنظمة الوحدة الإفريقية، ليكن له دور محوري فى تحرر القارة السمراء من الاستعمار والإمداد بالمال والسلاح.
وبعدما لعبت مصر دورًا في إنشاء منظمة الوحدة الإفريقية عام 1963، كانت القاهرة قد استعدَّت للدور الجديد، فأنشأ عبدالناصر عدة شركات مصرية في الجنوب الإفريقي أشهرها "شركة النصر للتعدين" و"شركة النصر للاستيراد" وشركة "مصر للاستيراد والتصدير"، وكانت مهمتهم الترويج للمنتجات المصرية، وفي الستينيات كان النشاط الإسرائيلي متزايدًا في شرق إفريقيا.
ولذلك حرصت مصر على إرسال البعثات الدينية والتعليمية، وأسس المهندسون المصريون السدود والمشاريع التي تحمي دول حوض النيل من الجفاف، بما لا يتعارض مع المصالح المصرية.
السادات ومقاطعة القارة
أما في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، فقد حظيت مصر بنفوذٍ كبير في القارة الإفريقية، لذلك اتخذت أغلبية الدول الإفريقية ممثلة في منظمة الوحدة الإفريقية قرارها بقطع العلاقات مع إسرائيل عقب حرب أكتوبر 1973، وكان ذلك لعدة أسباب واضحة منها أن سيناء أرض إفريقية احتلت دون حق.
وبالرغم من ذلك إلا أن "السادات" لم يحافظ على إرث عبد الناصر، واتجه نحو سياسته الجديدة التي تقول إن "99% من أوراق لعبة الشرق الأوسط تقع في يد الولايات المتحدة الأمريكية"، ومن هنا تبدل حال إفريقيا نحو مصر بعد توقيعها اتفافية السلام 1979.
وبعد 3 سنوات، من حرب أكتوبر قام وفد أثيوبي، بزيارة مصر، إلا أن السادات رفض استقباله، فضلاً عن أنه لم يقم بزيارة واحدة أثناء حكمه إلى إثيوبيا التى تعد دولة فاعلة في السياسة الإفريقية.
مبارك وبداية الأزمات
وعقب وفاة الرئيس محمد أنور السادات، زادت حدة التوتر بين البلدين مع تولي الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، بل كانت مصر على شبه قطيعة مع العديد من الدول العربية والغربية.
فقد شهدت العلاقات المصرية الأفريقية تدهورا كبيرًا في العلاقات؛ خاصة بعد محاولة اغتياله عام 1995 خلال توجهه لحضور أحد مؤتمرات القمة فى أديس أبابا، وعدم المشاركة رئاسيًا، مما ساعدت علي ابتعاد مصر قليلا عن القارة والمنظمة الأفريقية، إلي أن أن تحولت المنظمة الدولية إلى الاتحاد الأفريقي في 9 يوليو 2002.
السيسي وتوطيد العلاقات
لم يستمر الوضع كثيرًا، حتي تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي حكم المحروسة، وحرص دائمًا على تقديم نشاط واسع بالقارة الإفريقية، حيث حظيت القارة السمراء بنصيب من الزيارات الخارجية للرئيس السيسى والتي مثلت أكثر من 30 % من إجمالي تلك الزيارات أي حوالي 22 زيارة، حسبما أوردت الهيئة العامة للاستعلامات، وعقد أكثر من 113 لقاء مع زعماء أفارقة، وشملت زيارته؛ تنزانيا، ورواندا، والجابون، وتشاد.
كما قام الرئيس بما يزيد على 90 زيارة إلى ما يقرب من 40 دولة عربية وأفريقية وأوروبية وآسيوية وأمريكية، لتسطيع مصر في عهده أن تعود لريادتها العربية مرة أخرى، وكذلك قيادة الدول الأفريقية، حيث ترأس مصر العام المقبل الاتحاد الأفريقي، كما قامت العلاقات المصرية مع الدول الكبرى على مبدأ الشراكة والتعاون، وهو ما أكسب مصر مكانة كبيرة بين دول العالم المختلفة.