ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أن تأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن مصر كانت أول دولة عربية أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين خلال لقائه الرئيس الصيني "شي جين بينج" يوم /الخميس/ الماضي، لا يعكس قرارا تاريخيا صائبا فحسب، بل يجسد أيضا رؤية استراتيجية ثاقبة.
وأضافت الوكالة - في تقرير اليوم /الأحد/ بمناسبة حضور الرئيس السيسي الدورة الثانية لمنتدى (الحزام والطريق للتعاون الدولي) في بكين الذي انعقد خلال الفترة من 25 حتى 27 أبريل الجاري - أن مصر هي أول دولة عربية وأفريقية أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين عام 1956، كما سبقت بالفعل أيضا الدول العربية والأفريقية الأخرى لإقامة علاقات التعاون الاستراتيجي مع الصين في عام 1999، الأمر الذي يبرز الذكاء السياسي والرؤى بعيدة المدى للبلدين.
وتابعت: إنه بعدما طرحت الصين مبادرة (الحزام والطريق) عام 2013، سرعان ما ارتقت الصين ومصر بعلاقاتهما إلى شراكة استراتيجية شاملة في ديسمبر 2014 خلال زيارة دولة قام بها الرئيس السيسي للصين، وبذلك أصبحت مصر ثاني دولة عربية تقيم علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة مع الصين.
وأردفت: منذ ذلك الوقت، دشنت الصين ومصر فصلا ذهبيا جديدا في ضوء البناء المشترك للحزام والطريق، لاسيما وأن مصر أصبحت واحدة من طليعة الدول المشاركة في بناء الحزام والطريق مع الجانب الصيني. وعندما طرحت الصين مبادرة (الحزام والطريق)، التي تمثل طموحا صينيا تاريخيا يهدف إلى تعزيز ترابط شبكات البنية التحتية، وتيسير الاستثمار والتجارة في شتى أرجاء العالم على أساس التشاور الشامل والبناء المشترك والنفع المتبادل، كانت مصر صاحبة الرؤية بعيدة المدى على دراية تامة بالفرص الضخمة الناتجة عن المبادرة.
وأشارت الوكالة الإخبارية إلى أن "حرص مصر على بناء (الحزام والطريق) لم يكن حبرا على ورق، بل سعت لتحويل الأقوال إلى أفعال على أرض الواقع"، حيث تعد مصر واحدة من الدول الـ57 المؤسسة للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية والذي يقدم دعما ماليا ضخما لبناء (الحزام والطريق)، فيما تتعاظم أهمية مشاركة مصر في تأسيس هذا البنك مع معرفة أن الدول الـ57 تضم بلدين أفريقيين فقط هما مصر وجنوب أفريقيا.
ولفتت الوكالة إلى أن الصين ومصر وقعتا مذكرة تفاهم بشأن بناء (الحزام والطريق) في يناير 2016 خلال زيارة دولة قام بها الرئيس الصيني لمصر، كما تم توقيع عدة اتفاقيات للتعاون الثنائي تتضمن مجالات البنية التحتية والكهرباء والمالية والثقافة وغيرها.
ونوهت الوكالة الصينية إلى أن الجهود الصينية المصرية أثمرت نتائج إيجابية عديدة بشأن البناء المشترك للحزام والطريق، حيث حققت منطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر ثمارا متزايدة باحتضانها 77 شركة باستثمار فعلي يتجاوز مقداره مليار دولار مع قيمة مبيعات تجاوزت مليار دولار حتى نهاية 2018. كما وفرت المنطقة التي تنشئها شركة (تيدا) الصينية 3500 فرصة عمل مباشرة ونحو 30 ألف فرصة عمل غير مباشرة للمصريين فضلا عن تحقيق إيرادات ضريبية بقيمة مليار جنيه مصري.
وأصبح من الواضح - وفقا للوكالة - أن مبادرة (الحزام والطريق) فتحت فضاء رحبا للتعاون الصيني المصري، حيث وقعت الدولتان اتفاقية حول بناء أكبر مشروع عالمي لتوليد الكهرباء بالفحم النظيف في مصر بالعام 2018، إضافة إلى الدور المميز الذي تلعبه الشركات الصينية في مشروعات الرئيسية للبنية التحتية بمصر وبناء العاصمة الإدارية الجديدة، ما يرمز إلى الثقة المتبادلة بين البلدين.
واستطردت الوكالة "في الوقت الذي تضفي فيه المشروعات الكبرى بعدا مهما على التعاون الصيني المصري، يحظى التعاون الثنائي بدعم فكري مهم، حيث تأسس مركز دراسات وأبحاث طريق الحرير بالتعاون بين جامعة الشعب الصينية وجامعة عين شمس، والذي يعد أول مركز لدراسة (الحزام والطريق) في مصر".
ولا يخفى على أحد أن الصين ومصر - والحديث لـ(شينخوا) - شريكان وثيقان وستسطران صفحة أجمل في بناء (الحزام والطريق)، لاسيما وأن التصريحات الأخيرة لزعيمي الدولتين قدمت أقوى تفسير وأفضل دليل على ذلك، حيث قال الرئيس الصيني شي جين بينج إن حضور الرئيس السيسي لمنتدى (الحزام والطريق) الثاني للتعاون الدولي يعكس مشاركة مصر بإخلاص في مبادرة (الحزام والطريق).
من جانبه، قال الرئيس السيسي إن مصر ترغب في الاستفادة من خبرة الصين الناجحة في التنمية، ومواءمة خطة التنمية بها مع مبادرة (الحزام والطريق)، وتعميق التعاون الثنائي في نطاق واسع من المجالات.
كما أكد الرئيس السيسي -في كلمته خلال مراسم افتتاح المنتدى- أن حرصه على المشاركة في المنتدى ينبع من اهتمام مصر بمبادرة (الحزام والطريق)، حيث تتناول المبادرة قطاعات ومجالات حيوية ذات أولوية بالنسبة لمصر في إطار رؤية مصر 2030.
الأمر الآخر اللافت للنظر - وفقا للوكالة الصينية - أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للصين هي السادسة خلال خمس سنوات، ما يدل على الجهد الحثيث للرئيس السيسي والدبلوماسية العملية لمصر، حيث سرعان ما أصبح السيسي صديقا قديما للشعب الصيني في وقت قصير كونه يسعى إلى خلق مستقبل جديد وأفضل لمصر.
ولا شك أن الجهود الدؤوبة للجانبين الصيني والمصري في إطار البناء المشترك للحزام والطريق ستقوي التقارب والتفاهم والمنفعة المتبادلة للدولتين المنفتحتين والمحبتين للسلام.