زادت دقات قلبها، وتساقطت دموعها على وجنتيها، ولا تقدر على السيطرة على نفسها من هول المفاجأة التي كانت بمثابة الصاعقة التي حرقت مشاعرها عندما أجبرها زوجها بعد زواج 15 عام بأن تستغل إحدى أيديها المشلولة لكي تتسول في الميادين العامة؛ لتعينه على الحياة.
خرجت الكلمات من بين ثنايا فم الزوج كالرصاصات التي اخترقت بين ضلعيها ووصلت لقلبها، يجبرها بلا رحمة على التسول وأن تطيع أوامره، وجلست الزوجة ترمقه بنظرات الاحتقار نظرات شخص يرى الحياة من خلف أبواب الموت، وتملكتها كرامتها وعزت نفسها منتفضة من مكانها رافضة رفضًا قاطعًا، فانهال عليها بالضرب يصاحبه تهديد بإصابة يدها السليمة والطلاق إن لم تنصاع لأوامره بعد ضاقت الحياة.
امتدت أصابع يدها السليمة التي تقوى بها على الحياة ماسحة دموعها، ويتملكها حزن يعتصر قلبها الذي كاد أن ينفجر من شدة الدهشة وهول الموقف، وبصوت مقتضب محاولة لاستدراج عطفه طامعة في عفوه، وبقلب مكسور عرضت عليه تنازلها عن كل حقوقها، مقابل تطليقها، فهي لا تقوى على فعل ذلك وتمد يدها إلى الناس وتطلب المساعدة منهم بطريقة تكسر نفسها العزيزة، وتذكره بوعده لها قبل زواجهما بأن إعاقتها لم تكن عائقا له.
ثار الزوج كالثور الهائج الذي يطيح في حلبة مصارعة ثيران، وأخذ يعايرها بإعاقتها وعجزها بإحدى أيديها، وأن تشكر الله بأنه قبل بها زوجة وأعطاها اسمه، ووجه لها كلمات المعايرة مرة أخرى، ووصلت الزوجة معه إلى طريق مسدود وباءت استجداء عطفه بالفشل فما كان منها إلا أن اتخذت القرار.
وتوجهت إلى محكمة الأسرة بشبرا، مطالبة في بيت العدل خلع زوجها الذي لا يعرف الرحمة، ويريد أن يستغل إعاقتها وإجبارها على التسول.